الغدير في التراث الإسلامي

 

 

تعتبر حادثة الغدير المنعطف الخطير في تاريخ الإسلام الحضاري،و حجر الزاوية في توجيه سياسة الحكم للأجيال الصاعدة،و من أكثر الحوادث التاريخية الإسلامية شهرة و اتساعا وتأكيد الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم على تثبيت الولاية تأكيدا للمنهجية الصحيحة القويمة في السير بالأمة نحو القيادة السليمة و على رغم تلكم التصريحات و التأكيدات على نصب و تعيين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أميرا للمؤمنين،و خليفة لرسول رب العالمين بأمر الله عز و جل،منذ أن صدع بالأمر في يوم الدار الذي دعا فيه أعمامه من آل عبد المطلب حرصا منه على إدامة الدعوة و التبليغ بشريعة السماء التي جاء بها صلى الله عليه و آله و سلم.

لكن السياسة الزمنية الانقلابية التي حدثت بعد ارتحال الرسول صلى الله عليه و آله و سلم إلى الرفيق الأعلى،و المؤامرات التي سبقتهاـو التي دبرت بليلـتمخض هذا الصراع إلى قفز الخليفة الأول على سدة الحكم باسم الخلافة،و ذلك بعد صراع مرير و خلاف حاد،و جدل شديد في الاجتماع العام الذي عقده الأنصار في سقيفة بني ساعدة و داهمه المهاجرون،و احتدم الصراع بين المهاجرين و الأنصار كل يريد أن يسبق الآخر للتربع على كرسي الحكم و الخلافة،تاركين أمير المؤمنين الخليفة الشرعي مشغولا عنهم بمصابه في فقده الرسول صلى الله عليه و آله و سلم و انشغاله بتجهيزه و بعد الصراع المرير،و المهاترات،و المنازعات،استطاع المهاجرون بدهائهم‏و حنكتهم السياسية،و وحدة كلمتهم أن يشقوا صفوف الأنصار،و يفككوا وحدتهم بإثارة الأحقاد القبلية و إعادة الصراعات الجاهلية فيما بينهمـأي بين الأوس و الخزرجـالتي قضى عليها الرسول صلى الله عليه و آله و سلم و أماتها و وحد صفوفهم في أول دعوته حينما قدم يثرب،و كانت من أهم خطط القوى الانقلابيةـبعد تغلبهمـإقدامهم و المنتفعين من أتباعهم،على تذويب و تمييع حادثة الغدير و تناسيها بكل ما أوتوا من قوة و دهاء كما استطاعواكم الأفواه،و شل العقول،و تقييد الإرادة،و شد الأيدي،و تحريف الواقع،و تزييف الحقيقة،و الإصرار على زحزحة الأمر عن مقره،و بناء الحكم على غير أساسه،و دفع الخليفة الشرعي عن منصبه الذي نصبه الله عز و جل فيه،و تجاهل تبليغ رسالة النبي صلى الله عليه و آله و سلم في نصب علي أميرا للمؤمنين و خليفة لرسول رب العالمين،و حرفه عن هدفه و بقي حديث واقعة الغدير،و ذكرياته في صدور المؤمنين من أتباع أهل البيت مكبوتة،و في خواطرهم ثائرة،و انقضى القرن الأول و الأمور تزداد سوءا،و تعقيدا،بكم الأفواه و التشديد على منع و حضر كتابة الحديث بصورة عامة،و حديث الغدير بصورة خاصة و من جهة اخرى أطلقت الأفواه المنتنة،و الأصوات المبحوحة،و الأقلام المأجورة،في بث الإعلام الكاذب و تزييف الحقائق،و تحوير الواقع،و قد خرجت بعض الاقلام المأجورة حديث الغدير بتخريجات واهية أوهى من خيوط العنكبوت،و خنقوا صوت الرسول العظيم صلى الله عليه و آله و سلم و النداء الذي أطلقه في يوم العهد المعهود في الموقع المشهود المسمى ب«غدير خم»قرب الجحفة بعد رجوعه من حجة الوداع،على مفترق طرق الحجيح،و ذلك في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة الحرام في السنة العاشرة من الهجرة النبوية المباركة،رافعا عقيرته بين تلك الجموع المتداككة و التي تربو على المائة ألف من المسلمين،و في رواية مائة و عشرين ألفا،مبلغا ما أمر الله سبحانه أن يبلغ،و مهددا بعدم تبليغ رسالته إن لم يفعل بقوله سبحانه:يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالته‏إلى آخر الآية.

وقف صلى الله عليه و آله و سلم خطيبا بين تلكم الجموع المحتشدة المتراصةـو بعد خطبة بليغةـقائلا:«من أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟»قالوا:الله و رسوله،قال:«اللهم اشهد»عندها رفع أخاه و ابن عمه علي بن أبي طالب حتى بان بياض ابطيه،ثم قال:«من كنت مولاه فعلي مولاه»ثم أردف قائلا:«اللهم وال من والاه،و عاد من عاداه،و انصر من نصره،و اخذل من خذله،و أدر الحق معه حيثما دار» ثم أمر صلى الله عليه و آله و سلم أن تفرد له خيمة يجلس فيها علي بن أبي طالب عليه السلام لمبايعته بالخلافة و إمرة المؤمنين،و ترادف عليه المسلمون يبايعونه،و كان في مقدمتهم الشيخان أبو بكر و عمر قائلين:بخ،بخ لك يابن أبي طالب،أصبحت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة كان هدف الرسول صلى الله عليه و آله و سلم في اتخاذ كل تلكم الإجراءات السريعة و التدابير الصارمة هو تبليغ أمر السماء بالولاية لعلي و الإمرة و الخلافة،تثبيتا لدعائم الدين و استمرارا في حكم الإسلام و دوامه،و على رغم كل تلكم الإجراءات لم ينقض على هذه البيعة سوى سبعون يوما فقط حتى التحق الرسول صلى الله عليه و آله و سلم بالرفيع الأعلى،و انقلبت الأمة،و تحقق منطوق الآية الشريفة:و ما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم‏الى آخر الآية.

فنقول:خلال قرن كامل من الزمان لم يستطع أي مسلم أن يدون الحديث و لم يتمكن أي أحد ان يسجل الوقائع التأريخية،و لا يجرؤ أن يتحدث الناس حتى فيما بينهم بحديث واحد،و حتى يستشهد بحديث في حكم شرعي،إلا أن التابعي الجليل سليم بن قيس الهلالي المتوفى سنة«67 ه»استطاع ان يخترق جدار الحضر و أن يتحدى السلطان حينذاك،و يتجاوز المحاذير المفروضة و سجل الوقائع المهمة التأريخية،و دونها بصورة سرية و حذرة في كتابه المعروف باسمه«سليم بن قيس الهلالي»الذي أيده الإمام السجاد عليه السلام و أقره،و الذي لا يزال منتشرا بين ظهرانينا خاصة،و بين المسلمين عامة في معظم المكتبات العامة و الخاصة بعد ما دون الحديث خواص امير المؤمنين عليه السلام امثال ابي رافع و ابنه و ما ان حل القرن الثاني من الهجرة حتى دب الضعف في الحكم الأموي الجائر و خف الضغط،و انحسر الإرهاب الفكري و الإرعاب التسلطي بعض الشي‏ء عن المؤمنين و العلماء و أصحاب السير و التاريخ،و ذلك بانشغال الحكم الأموي فيما بينهم،و بصراعهم المرير مع القوى الثائرة المناهضة لهم من بني العباس،الذين رفعوا شعار«الرضا من أهل البيت»زورا و بهتانا و إليك عزيزي ما صدر من الكتب في واقعة الغدير،حسب التسلسل التاريخي،و الذي حصلنا عليه من بطون الكتب و رفوف المكتبات ابتداء من القرن الثاني الهجري.

في القرن الثاني:

صدر كتاب واحد،و هو الأول من نوعه،للنحوي العروضي الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي البصري،واضع علم العروض المتولد سنة«010 ه»و المتوفى سنة«517 ه»ذكر فيه جزءا من خطبة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم في يوم الغدير في السنة العاشرة من الهجرة .

و في القرن الثالث:صدر كتابان:

«كتاب الولاية»للطاطريـلأبي الحسن علي بن الحسن الطائي الجرمي الكوفي المتوفي سنة 260 ه.

«في حديث الغدير»للشيخ أبي جعفر البغدادي من اعلام القرن الثالث.

و في القرن الرابع:صدرت عشرة كتب منها:

«كتاب الولاية»في جمع طرق حديث«من كنت مولاه فعلي مولاه»لابي جعفر بن جرير الطبريـصاحب كتاب التفسير«422ـ310 ه».

«خصائص الغدير»للشيخ الكليني البغدادي قدس سره مؤلف كتاب«الكافي»سنة 328 ه.

«طرق حديث الغدير»ـللحافظ الدارقطني المتوفى سنة«538 ه»،و هو من أعلام القرن الرابع و من علماء العامة و غيرهم ممن ألف و كتب في الغدير.

و في القرن الخامس:صدر فيه خمسة عشر كتابا،منها:

طرق حديث«من كنت مولاه فعلي مولاه»للحاكم النيشابوري الشافعي صاحب كتاب«المستدرك على الصحيحين»«132ـ405 ه».

رسالتان للشيخ المفيد قدس سره،إحداهما في أقسام المولى،و الثانية في معنى المولى.

و«عدة البصير في حجيج يوم الغدير»للشيخ الكراجكي الموفى في سنة«944 ه».

و كتاب«الدراية في حديث الغدير»حديث«من كنت مولاه فعلي مولاه»للحافظ السجستاني المتوفى«747 ه»من أفاضل علماء أهل السنة.

و كتاب:«دعاء الهداة إلى أداء حق الموالاة»و هو طريق حديث الغدير«من كنت مولاه فعلي مولاه»للحاكم الحسكاني،من أعلام القرن الخامس وغيرهم ممن كتب في الغدير من أعلام القرن الخامس،بطرقهم الخاصة و أسانيدهم الصحيحة .

و في القرن السادس:صدر كتاب واحد:

و هو كتاب«في مجلس يوم الغدير»في إمامة علي بن أبي طالب عليه السلام للعلامة أبي طالب الفارسي العراقي الزيدي،من أعلام القرن السادس.و هو من علماء الزيدية.

و في القرن السابع:صدر كتابان:

كتاب«الإيضاح و التفسير في معنى يوم الغدير»للعلامة علي بن محمد الداعي الإسماعيلي المتوفى سنة«261 ه».

و أيضا كتاب«الإيضاح و التبصرة في حديث الغدير»لمؤيد الدين الحسين بن علي بن محمد الإسماعيلي.

و في القرن الثامن:صدر كتاب واحد:

و هو كتاب«طرق حديث من كنت مولاه»للحافظ شمس الدين الذهبي الشافعي الدمشقي«367ـ748 ه»صاحب التآليف الكثيرة. 

و في القرن التاسع:صدر كتاب واحد:

و هو كتاب«طرق حديث من كنت مولاه فعلي مولاه»للحافظ العراقي زين الدين أبي الفضل المهراني الشافعي المصري«572ـ806 ه».

و في القرن العاشر:صدر كتابان:

كتاب«شرح حديث الغدير»،للمولى عبد الله القزويني،و هو كتاب جليل حسن الفائدة أورد فيه خطبة الغدير،ذكره شيخنا في الذريعة ج 13 ص 204،ج 25 ص .120

كتاب«طراز الكم في ما روي في غدير خم»لشمس الدين بن طولون«088ـ953 ه».

و في القرن الحادي عشر:صدر كتابان:

«الغديرية»:للمولى عبد الله بن شاه منصور،من أعلام القرن الحادي عشر.

«رسالة في حديث الغدير»للسيد علي خان الموسوي المشعشعي الحويزي المتوفى سنة«8108 ه»والي الحويزة و حاكمها منذ سنة «6061»إلى أن توفي.

و في القرن الثاني عشر:صدر ثمانية كتب منها:

كتاب«كشف المهم في طرق خبر غدير خم»للسيد هاشم البحراني المتوفى سنة 1107،مؤلف«تفسير البرهان»،و«غاية المرام».

كتاب«رسالة في الغدير»للعلامة الشيخ محمد تقي الألماسي الإصطهباناتي و هو حفيد أخ العلامة المحدث المجلسي قدس سره«9108ـ1591».

«رسالة اخرى في الغدير»للوزير الفاضل و الأديب المؤرخ ميرزا مهدي خان بن ميرزا نصير الاسترابادي.

و في القرن الثالث عشر:صدرت أربعة كتب منها:

كتاب«حديث الغدير»للسيد كاظم الرشتي،نزيل كربلاء،و تلميذ الشيخ أحمد الإحسائي«2121ـ1258 ه».

موسوعة«عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار»للعلامة السيد مير حسين الهندي اللكهنوي«6126ـ1306 ه».

و في القرن الرابع عشر:صدر اثنان و سبعون كتابا،منها:

«لواء الحمد».

«الرحيق المختوم».

3ـ«الغديرية»للعلامة الجليل السيد ميرزا محمد حسين الشهرستاني المرعشي الحائري«5125ـ1315 ه».

«فيض القدير في ما يتعلق بحديث الغدير»للعلامة المحدث الشيخ عباس القمي النجفي«4129ـ1315 ه».

كتاب«الغدير»للعلامة السيد مهدي الغريفي البحراني النجفي«9129ـ1343 ه».

كتاب«الخطاب المنير في ذكرى عيد الغدير»للعلامة الشيخ حبيب آل إبراهيم العاملي«4130ـ1384 ه».

كتاب«الغدير في الإسلام»للعلامة الجليل الشيخ محمد رضا بن الشيخ طاهر فرج الله الحلفي النجفي«9131ـ1386 ه».

موسوعة«الغدير في الكتاب و السنة و الأدب»لشيخنا العلامة الأميني الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني التبريزي النجفي«0132ـ1390 ه».

كتاب«رسالة في الغدير»للعلامة السيد هبة الدين الشهرستاني الحائري«1130ـ1386 ه».

10ـ «ملحمة الغدير»الشعرية للشاعر الأديب اللبناني المسيحي«بولس سلامة»قاضي المسيحيين في بيروت«0132ـ1399 ه 1902ـ1979 م».

11ـ «حماسه غدير»باللغة الفارسية للاستاذ الفاضل المعاصر محمد رضا الحكيمي اليزدي ثم الخراساني،المتولد سنة«4135 ه».

12ـ «الغديرية»للشيخ محمد حسين شمس الدين العاملي«0128ـ1342 ه».

13ـ «عيد الغدير في عهد الفاطميين»للبحاثة المحقق الشيخ محمد هادي الأميني نجل العلامة المغفور له الأميني،المتولد«0135 ه».

14ـ «كتاب الغدير»للعلامة الورع الزاهد الشيخ محمد حسن القبيسي،المقيم في بيروت المتولد«3133 ه».

هذه أربعة عشر كتابا انتخبناها من مجموع اثنين و سبعين كتابا دبجها يراع العلماء و الادباء و قرائح الشعراء.

القرن الخامس عشر:صدر ثلاثة و أربعون كتابا،منها:

كتاب«الغدير»للعلامة السيد محمد علي الابطحي الاصفهاني المتولد سنة«9134 ه».

«خلاصة عبقات الأنوار»للعلامة السيد علي السيد نور الدين الميلاني الحسيني التبريزي،المولود في النجف الأشرف سنة«7136 ه»،و الساكن حاليا في قم المشرفة.

«على ضفاف الغدير»و كذلك«أعلام الغدير»،لعدة مشايخ معاصرين،تحت إشراف السيد فاضل الحسيني الميلاني.

«قصة الإسلام في عيد الغدير»للأستاذ الدكتور أسعد علي السوري المولود في اللاذقية«6135 ه 1937 م»نزيل دمشق و الاستاذ في جامعتها.

5ـ«على ضفاف الغدير»للشيخ عبد الأمير قبلان،مفتي لبنان الجعفري.

«عيد الغدير»للسيد الخطيب محمد إبراهيم نجل المرحوم الخطيب السيد محمد كاظم القزوينيـالكربلائي نزيل قم،المولود في كربلاء سنة«6137 ه».

«رسالة في الغدير»للعلامة المحقق الاستاذ الشيخ محمد رضا الجعفري الاشكوري النجفي نزيل طهران،المولود في سنة«2134 ه».

«سرود غدير»باللغة الفارسية«انشودة الغدير»و قد دون العلامة للعلامة المحقق السيد أحمد الحسيني الاشكوري النجفي المولود بها سنة«0135 ه».

«على ضفاف الغدير»للعلامة المحقق السيد عبد العزيز الطباطبائي اليزدي النجفي المولود بها سنة«8134 ه».و المتوفى في 5 رمضان عام 1416 ه.

10ـ «الغدير في التراث الإسلامي»للعلامة المحقق السيد عبد العزيز الطباطبائي اليزدي النجفي .

11ـ «في رحاب الغدير»للشيخ على اصغر مروج الخراساني.

12ـ العدد الخاص بالغدير،لمجلة«تراثنا»التي تصدر من مؤسسة ال البيت عليهم السلام لإحياء التراث في قم و بيروت يحمل رقم 21 بتاريخ 1410 ه،و ذلك بمناسبة مرور أربعة عشر قرنا على واقعة الغدير في 18 ذي الحجة الحرام من السنة العاشرة للهجرة النبوية الشريفة و في هذا العدد الخاص جملة بحوث و مقالات مهمة تخص الغدير،و منها:

أـ كلمة التحرير،الغدير عبر التاريخ و التراث.

بـالغدير في حديث العترة الطاهرةـلسيد جواد الشبيري.

جـحديث الغدير:التبليغ الأخير لإمامة الأميرـللعلامة السيد علي الحسيني الميلاني.

دـ الغدير في ظل التهديدات الإلهية للمعارضة:للسيد جعفر مرتضى العاملي و غيرها من البحوث المهمة التي تخص يوم الغدير.

13ـالعدد الخاص بالغديرـلمجلة«الموسم»البيروتية،في العدد السابع من المجلد الثاني لسنة 1990 م 1411 ه.

و هذا العدد الذي تربو صفحاته على الألف و مائة صفحة،يضم بين طياته خلاصة البحوث التي القيت في المؤتمر العام العالمي بمناسبة مرور أربعة عشر قرنا على واقعة الغدير الذي انعقد في لندن لمدة ثلاثة أيام من 18ـ21 ذي الحجة الحرام سنة 1410 ه 12ـ15/7/1990 م  و كان أكبر المؤتمرات و المهرجانات التي عقدت بهذه المناسبة،و ذلك بأمر من المرجع الديني الاعلى السيد أبو القاسم الخوئي قدس سره كما حضره فطاحل المفكرين الإسلاميين من أتباع أهل البيت عليهم السلام،ضم الحضور الزعماء و الرؤساء و العلماء و المفكرين و الادباء من معظم أنحاء العالم و قد تصدرت المجلة كلمات الآيات العظام المعاصرين و في مقدمتهم السيد الخوئي،و السيد المرعشي النجفي،و السيد الگلبايگاني،رضوان الله تعالى عليهمـكما ألقى كل من الشيخ محمد مهدي شمس الدين رئيس المجلس الأعلى الشيعي في لبنان،و الدكتور أسعد علي من سوريا،و الدكتور عناد غزوان من العراق،و الدكتور السيد محمد علي الشهرستاني من العراق،و الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي،و الدكتور عبد الهادي التازي من تونس،و الدكتور الشاعر السيد مصطفى جمال الدين من العراق،و الأديب الكاتب المسيحي جبران خليل جبران،و غيرهم.

14ـ و أخيرا صدر لصديقنا العلامة المحقق السيد عبد العزيز الطباطبائي اليزدي النجفي كتاب بعنوان«الغدير في التراث الإسلامي»الذي يضم البحث الذي نشره في مجلة«تراثنا»في عددها الخاص المرقم 21 الصادر في شوال سنة 1410 ه بمناسبة مرور أربعة عشر قرنا على واقعة الغدير،و زاد عليه بعض المستجدات و الاستدراكات التي حصلت لديه (1) ومهما حقق العلماء،و عقد الادباء،و كتب المؤلفون،و نظم الشعراء،و عقدت المؤتمرات و نشرت الصحف و المجلاتـمن القرن الأول و الى الآنـفما استطاع أي واحد منهم مهما بلغ من جهد و علم الوصول إلى ما وصل إليه و ما بلغه العلامة الأميني رضوان الله عليه،في موسوعته«الغدير في الكتاب و السنة».و لقد أجاد الأميني في تحقيقه و تتبع الأخبار و الأحاديث و استخراجها من بطون المسانيد و الصحاح،و السير،حتى أنسى الذين قبله و أتعب من جاء من بعده. فلله دره و على الله اجره.

«توطئة البحث»

الغدير في الكتاب و السنة و الأدب

الغدير:هو زهرة حياة شيخنا الراحل الأميني طاب ثراه.و اطروحة جهاده العلمي و ثمرة نصف قرن من عمره

تحمل رحمه الله دون رسالته المباركة و غديره الصافي الصعاب بكل حول و طول،و وطن نفسه لمواجهة الحياة القاسية برحابة صدره.و كابد السدود و الحواجز برشاده حتى استسلمت لديه،و تركت ميدان المعركة المقدسة له خلوا من كل شاغل،حتى اخذ يصول و يجول بكل فتوة متمثلا بقول الشاعر: و إني و إن كنت الأخير زمانه*لآت بما لم تستطعه الأوائل‏فكانت حصيلة ذلك الجلد في الدفاع عن عقيدته المقدسة،بعد أن اذاب بسخاء في سبيله اشعة عينيه،و ضحى دونه جل قواه الفكرية و طاقاته الجسمية،و قضى ليله و نهاره اعواما و اعواما بين قماطر المكتبات العامة و الخاصة في الحواضر الإسلامية و غيرها،و تسنى له المرور بمائة الف كتاب مطبوع و مخطوط،و مطالعة عشرة آلاف كتاب مطالعة تحقيق و تمحيص.فجاء غديره الخالد بمثل ما وصفه به:كتابا علميا،فنيا،تاريخيا،ادبيا،اخلاقيا،مبتكرا في موضوعه،فريدا في بابه،يبحث في ظاهره عن حديث الغدير كتابا و سنة و ادبا،و يتضمن تراجم امة من رجالات العلم و الدين و الادب ممن نظموا هذه المأثرة النبوية الخالدة في قصائدهم .الا أن الكتاب في واقعة دائرة معارف اسلامية ضمت بين جنبيها اهم البحوث التي لا مندوحة لمن اسلم وجه لله من الوقوف عليها و الانتهال من نميرها.

اوضح فيها شيخنا الأميني للعالم الحر بكل جدارة حقيقة واقعة الغدير،و أظهر تأريخه المشرق،بعد أن ازاح عنه الحواجز التي اوجدتها السياسات الممقوتة في سبيل تسنم رجالاتها سدة الحكم و استعباد الناس في نيل غاياتها الضالة و اهوائها المضلة.فكان للكتاب دور بالغ في ارشاد الجاهل،و تنبيه الغافل،و هدى الضال، و اماطة اللثام عن الشبه و اظهار الحقائق.و اوقف كل باحث عن الحق و الطالب للحقيقة على الصراط المستقيم و نحن في الاشادة ب(غديرنا)الخالد و مؤلفه طيب الله رمسه نقدم إلى قرائنا باقات عطرة من احاديث شيخنا الأميني التي افتتح بها اجزاء كتابه و هي تملي علينا دروسا عالية في اصول العقيدة،و تكشف لنا بوضوح مدى ايمان مؤلف(الغدير)بالمبدأ و عقيدته الراسخة و تفانيه في العترة الطاهرة،و نيته الخالصة في الدفاع عن سيد الامة أبي الأئمة صلوات الله عليهم اجمعين و نردف تلك الغرر و الدرر بما صدر عن اساطين الدين و اعلام العلم و جهابذة الأدب في الإشادة بالكتاب و إعلاء ذكره لنكون قد ادينا بذلك جزءا مما علينا من الوفاء لشيخنا الأميني رضوان الله تعالى عليه.

تعليقة: 1) اقتبسنا منه محل الحاجة في هذا البحث و قد فجعنا بارتحاله 5 رمضان سنة 1416 هـ.

ربع قرن مع العلامة الاميني ص 295 - تأليف: حسين الشاكري

وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق.

المصدر:imamalinet.net