تأملات بين وليد وعلي حول معاوية

محاولة للمسـاهمة في تنقيح أصول النقد العلمي في الخلافيات

 

 

المهندس فـؤاد الصادق

 

القسم الأول في 17-2-2008 م

كتب الأستاذ علي يوسف المتروك مقالاً بعنوان :

(( فلتكن الحقيقة رائدنا )).

فردَّ على ذلك الدكتور وليد الطباطبائي بعنوان :

(( حوار هادئ مع المتروك حول معاوية )) ، والمقالان منشوران في جريدة الوطن الكويتية بتاريخ الخميس 14/2/2008 ، ويمكنك قراءة النص الكامل للمقالين بالضغط على العنوان المتقدم لكل منها ، وهناك ملاحظات على المقالين سنوردها في حلقات لأهمية الموضوع ، وذلك كمثال لقراءة نقدية لأمثال هذه الكتابات :

1- قال وليد في مقاله :

(( ولذلك فأقول ان ردنا هذا هو في إطار البحث عن الحق والحقيقة ، وليس له مساس بالوحدة الوطنية كما هي قناعة علي المتروك في نهاية مقالته التي كانت بعنوان :((فلتكن الحقيقة رائدنا )) .

أقول : وهو كذلك ، ونحن نتفق معهما في ذلك الإطار أي في : البحث عن الحق والحقيقة ، وبما لايمس الوحدة الوطنية ، ولايكون على حساب الحق والحقيقة لأن التنقيب عن الحق والحقيقة ، والإلتزام بهما ، ونشرهما ، وبالطريقة المذكورة لايدعم الوحدة الوطنية فقط ، بل يمنحها أيضاً المناعة والقوة على الحياة والعطاء الأكثر إضافة الى الأهمية الذاتية للتاريخ الذي منه نستلهم المواعظ والدروس المساعدة لفهم علل التقدم ، وأسباب التأخر ، والى ما هو أكثر أهمية من ذلك ، والذي يثمثل في كشف ذلك عن مرجعيتنا في الدين ، كي نأخذ دين الله منه ، ولانأخذه من غيره فالمسئلة لاتنحصر في الترضي على هذا أو ذاك ، ولا تـُعالج بالخلط بين التعايش مع الواقع ورجاله والتحابب معهم - مع إتمام الحجة ، وإستفراغ الجهد في إتمامها - من جهة ، وبين التعايش وقبول ذلك الواقع والإمضاء على أفعال وسلوكيات رجال ذلك الواقع من جهة ثانية ، مضافاً الى أن الحب ماهو إلا الطاعة والإتباع ، وهو غير متاح مع الخلط والتخليط المذكور ، وسيأتي تفصيل وتوضيح ذلك موثقاً إن شاء الله . 

2- قال وليد في مقاله : (( ان الأستاذ علي المتروك قد أعطانا الفرصة لبيان وتفنيد بعض الأباطيل التي يروج لها الطاعنون في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتي أصبحت من المسلمات عند طائفة منهم ، ... )) .

أقول : الجرح والتعديل في الصحابة ليس طعناً فيهم ، وأن الرسول الأكرم صلى الله عليه وأله وسلم مارس ذلك قطعاً بنفسه ، وأمرَ بذلك ، وأقرَّ ذلك وهو بين الصحابة ، ويقود الأمة ، فكيف نمنع من ذلك في المستجدات بعد لحوقه بالرفيق الأعلى ، والمسلمون محرمون من قيادته المباشرة ، وحله وفصله للأمور بنفسه صلى الله عليه وأله وسلم ، وبالرسول الأكرم صلى الله عليه وأله وسلم أقتدى الصحابة في أصل الجرح والتعديل في قبول أو رد الأحاديث النبوية ، و بذلك استدلوا لمشروعية علم الرواية والرجال والجرح والتعديل .

مـا هـو الدليل على ذلك ؟

هناك حديث نبوي ترويه فاطمة بنت قيس يُوصف بالصحيح ، وهو من حديث فاطمة نفسها ، وللحديث عن فاطمة بنت قيس طرق كثيرة ، وعليه يستند كبار العلماء لتجويز جرح النبي صلى الله عليه وأله وسلم منْ لم يره أهلا للتعديل ، ومن ثم تجويز الجرح والتعديل لغيره ، وهنا سؤال :

منْ هم الذين جرحهم النبي صلى الله عليه وأله وسلم ؟

أليسـوا من الصحابة ؟

إذن : كيف ... ولـماذا... ومـا هو الدليل لإلغاء هذه السنة النبوية الشريفة ؟

هل علم الرواية والرجال والجرح والتعديل من البدع ؟

وسيأتيك حديث فاطمة بنت قيس موثقاً بإذنه تعالى لكن قبل ذلك سنذكر وللمثال لا الحصر بعض إستدلال كبارعلماء الدراية والجرح والتعديل بالحديث المذكور :

1- قال الخطيب البغدادي ت 463هـ في كتابه : الكفاية في علم الرواية - ص 51 - 58 مانصه ، ودون تعليق :

(( وكذلك أئمتنا في العلم بهذه الصناعة إنما أطلقوا الجرح فيمن ليس بعدل لئلا يتغطى أمره على من لا يخبره فيظنه من أهل العدالة فيحتج بخبره والإخبار عن حقيقة الأمر إذا كان على الوجه الذي ذكرناه لا يكون غيبة ومما يؤيد ذلك حديث فاطمة بنت قيس الذي أخبرناه عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي أنا محمد بن عبد الله الشافعي قال حدثني إسحاق بن الحسن الحربي ثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك وأخبرناه الحسن بن أبي بكر واللفظ لحديثه أنا أحمد بن محمد بن عبد الله القطان حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا أبو مصعب ثنا مالك بن أنس عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس :

أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة ، وهو غائب بالشام فأرسل إليها وكيله بشعير فتسخطته ، فقال والله مالك علينا من شئ ، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، فقال ليس لك عليه نفقة وأمرها ان تعتد في بيت أم شريك ، ثم قال إنها امرأة يغشاها أصحابي ، أعتدي عند بن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك ، فإذا حللت فآذنيني ، قالت فلما حللت ذكرت له : ان معاوية بن أبي سفيان ، وأبا جهم خطباني  ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه ، وأما معاوية فصعلوك لا مال له ، انكحي أسامة بن زيد ، قالت فكرهته ، ثم قال انكحي أسامة بن زيد فنكحته ، فجعل الله فيه خيرا كثيرا واغتبطت به .
في هذا الخبر دلالة على أن إجازة الجرح للضعفاء من جهة النصيحة لتجتنب الرواية عنهم وليعدل عن الاحتجاج بأخبارهم لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذكر في أبي جهم انه لا يضع عصاه عن عاتقه ، وأخبر عن معاوية انه صعلوك لا مال له عند مشورة استشير فيها لا تتعدى المستشير كان ذكر العيوب الكامنة في بعض نقلة السنن التي يؤدي السكوت عن إظهارها عنهم ، وكشفها عليهم إلى تحريم الحلال ، وتحليل الحرام والى الفساد في شريعة الإسلام أولى بالجواز ، وأحق بالإظهار ، واما الغيبة التي نهى الله تعالى عنها بقوله عز وجل : ولا يغتب بعضكم بعضا ، وزجر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها بقوله : يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الايمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم ، فهي ذكر الرجل عيوب أخيه يقصد بها الوضع منه والتنقيص له والإزراء به فيما لا يعود إلى حكم النصيحة وايجاب الديانة من التحذير عن ائتمان الخائن وقبول خبر الفاسق واستماع شهادة الكاذب . )) انتهى كلام الخطيب البغدادي .

2- قال سليمان بن خلف الباجي ت 474 في كتابه : التعديل والتجريح - ص 254 - في : باب في جواز الجرح وأنه ليس من باب الغيبة المنهي عنها وإنما هو من الدين :

(( قال يحيى بن سعيد القطان سألت مالك بن أنس ، وسفيان الثوري ،  وشعبة ، وابن عيينة عن الرجل لا يحفظ أو يتهم في الحديث فكلهم ، قال لي : بيّنْ أمره بيّنْ أمره مرتين ، وعلى هذا إجماع المسلمين إلا منْ لا يعتد بقوله في هذا الباب ، وذلك أن الشاهد يشهد على الدينار ، ويسير المال ، فتعلم منه الجرحة فلا يسع من علم ذلك إلا أن يجرحه بها ، ويزيل عن المشهود عليه ضرر شهادته ،  فكيف الدين الذي هو عماد الدنيا والآخرة ينقله من تعلم جرحته فلا يبيّن أمره ))

وقال أيضاً في المصدر نفسه في ص 267 – 268 :

 (( قال علي بن المديني سمعت يحيى بن سعيد يقول : ينبغي لصاحب الحديث أن يكون ثبت الأخذ ، ويفهم ما يقال له ، وينظر الرجال ويتعاهد ذلك ، والأصل في ذلك قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا إنْ جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) ، وقد روى أبو أسامة عن بن عون عن محمد يعني بن سيرين أنه قال : إن هذا الحديث دين فانظروا عن منْ تأخذونه ))

وقال أيضاً في المصدر نفسه في جواز التجريح ، وذلك في ص : 254-254 :

(( ومما تدل على صحة هذا أنا قد وجدنا الجرح لنقلة الأخبار والبحث عن أحوالهم ، وطعن الأيمة عليهم في سائر أعصار المسلمين من أهل العلم والدين والورع ولذلك روي عن سعيد بن المسيب أنه قال : يا برد لا تكذبْ عليّ كما كذبَ عكرمة على بن عباس ))

وقال أيضاً في المصدر نفسه في ص : 255 :

(( وقال قال أبو بكر بن خلاد : قلت ليحيى بن سعيد أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله يوم القيامة ؟ فقال: لأن يكون هؤلاء خصمائي أحبّ إليّ من أن يكون خصمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لـِمَ حدثت عني حديثاً ترى أنه كذب ))

وقال أيضاً ، و في المصدر نفسه في ص :  256 :

(( وقال أبو نعيم حدثنا حماد بن زيد عن بن عون قال قال إبراهيم النخعي إياكم والمغيرة بن سعيد وأبا عبد الرحمن فإنهما كذابان  ، وإنما يجوز للمجرح أن يذكر المجرح بما فيه مما يرد حديثه لما في ذلك من الذب عن الحديث ، وكذلك ذو البدعة يذكر ببدعته لئلا تغتر به الناس حفظاً للشريعة وذباً عنها ))

سيأتيك تفصيل ذلك موثقاً بمصادره بإذنه تعالى في حلقة مستقلة .

ملاحظة - 1- :  في الفقرة أعلاه لم أكن في ذكر الحديث الشريف المروي عن فاطمة بنت قيس معنياً بنص الحديث ودلالته بل قصدت الإشارة الى جواز التجريح والتعديل ، وأن الحديث المذكور المصحح المثبت تواتره يعتبر مصدراً أساسياً من مصادر تشريع الجرح والتعديل ، وتأسيس ذلك العلم كماتقدمَ ، والى أهمية ذلك لأنه الحديث هو الدين فيجب أن نعرف ممنْ نأخذ الدين ، وأن الجرح والتعديل ليس طعناً ، ولذلك يجب الحرص عليه ، والإجتهاد فيه ، وبناءً على ذلك الموضوعية ُتفرض في هذه المرحلة من البحث عدم الإلتفات حالياً الى النص لتحريف البحث عن مساره الفعلي بالإنصهار في لفظ (( صعلوك )) ، ومفهوم الصعلوك ، وتقديم بعض الروايات التي ذكرت معاوية دون ذكر أبيه للخروج بنتيجة أن الرسول الأكرم صلى الله عليه وأله وسلم لم يكن يـقصد جرح معاوية ابن أبي سفيان لأن الغالبية الساحقة من الروايات تذكره مع إسم الأب مضافاً الى أن كبار شراح الحديث دفعوا هذه الشبهة ، وللمثال فقط يقول النووي ، وفي معرض شرحه للحديث النبوي عن فاطمة بنت قيس :

(( هذا تصريح بأن معاوية الخَاطـِب في هذا الحديث هو : معاوية بن أبي سفيان بن حرب وهو الصواب ، وقيل أنه معاوية آخر ، وهذا غلط صريح نبهت عليه ، لئلا يغتر به ، وقد أوضحته في تهذيب الأسماء واللغات في ترجمة معاوية .))

راجعْ كتاب : شرح صحيح مسلم - النووي ت 676- مصادر الحديث السنية ـ ط 1407 - 1987 م - دار الكتاب العربي - بيروت – لبنان - ج 10 - ص 98.

سـؤال : لو سلمنا بجواز الجرح والتعديل للأصول المتقدمة ومنها النبوي المروي بواسطة فاطمة بنت قيس وغيرها من الأصول ، والشواهد التي وعدتم بعرضها ودراستها من المصادر المتفق عليها لكننا نجيب :

بان ذلك لم يطبق في تجريح وتعديل الصحابة ، وأقتصرَ على الطبقة الأولى أو الثانية من التابعين !!

الجواب : انها طبقت وأيما تطبيق ، وقبل تكامل بلورة علم الجرح والتعديل ، وبحق جمع غفير من الصحابة ، حيث كان أصل التشدد حاكماً في قبول الرواية من بعضهم الأخر ، وسيأتيك تفصيل ذلك إن شاء الله .

 وقبل ختم هذا القسـم من الحوار ، وهو الأول نعمد الى :

أ- الى إستعراض بعض مصادر الحديث المصحح المروي عن فاطمة بنت قيس ، والتي أوردت الحديث إختلاف اللفظ ليتسنى للباحث والقارئ مراجعتها قبل الدخول في القسم الثاني من البحث .

ب- المنهج العلمي الذي أعتمده الدكتور وليد الطباطبائي في القسم الأول من دراسته المذكورة سابقاً ، والتي هي بعنوان  : (( حوار هادئ مع المتروك حول معاوية )) فإلى ذلك:

أ- ما هي مصادر الحديث المصحح المروي عن فاطمة بنت قيس وحصراً من المصادر غير الشيعية :

1- الرسالة - الإمام الشافعي – ت 204- في فقه المذهب الشافعي- تحقيق وشرح : أحمد محمد شاكر- المكتبة العلمية - بيروت – لبنان-عن أصل بخط الربيع بن سلمان كتبه في حياة الشافعي - ص 310

2- كتاب الأم - الإمام الشافعي - ت 204 – في فقه المذهب الشافعي- ط الثانية- 1403 - 1983 م - دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع- الطبعة الأولى - 1400 - 1980 م - ج 5 : ص 42 ، ص 117

3- المجموع - محيى الدين النووي ت 676 - في فقه المذهب الشافعي- دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع- التكملة الثانية - ج 16 - ص 261

4- مغني المحتاج- محمد بن أحمد الشربيني- ت 977- في فقه المذهب الشافعي- 1377 - 1958 م- دار إحياء التراث العربي - بيروت – لبنان-شرح الشيخ محمد الشربيني الخطيب من أعيان علماء الشافعية في القرن العاشر الهجري على متن المنهاج لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي من أعلام علماء الشافعية في القرن السابع الهجري - ملتزم الطبع والنشر : شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر- ج 3 - ص 137

5- إعانة الطالبين- البكري الدمياطي ت1310- في فقه المذهب الشافعي – ط الأولى - 1418 - 1997 م - دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت – لبنان - أبي بكر المشهور بالسيد البكري ابن السيد محمد شطا الدمياطي - ج 3 – ص : 311 ، 312، 381

6- كتاب الموطأ - الإمام مالك ت179في فقه المذهب المالكي- تصحيح وتعليق : محمد فؤاد عبد الباقي - 1406 - 1985 م - دار إحياء التراث العربي - بيروت – لبنان- صححه ورقمه وخرج أحاديثه وعلق عليه : محمد فؤاد عبد الباقي - ج 2 - ص 581

7- المحلى- ابن حزم ت456 ي فقه المذهب الظاهري- دار الفكر- طبعة مصححة ومقابلة على عدة مخطوطات ونسخ معتمدة كما قوبلت على النسخة التي حققها الأستاذ الشيخ أحمد محمد شاكر - ج 10 - ص 34

8- بداية المجتهد ونهاية المقتصد - ابن رشد الحفيد ت595 من المصادر الفقهية المستقلة- تنقيح وتصحيح : خالد العطار وإشراف : مكتبة البحوث والدراسات - جديدة منقحة ومصححة1415 - 1995 م - دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت – لبنان - ج 2 - ص 4

9- سبل السلام- محمد بن اسماعيل الكحلاني ت1182 – من المصادر الفقهية المستقلة - مراجعة وتعليق : الشيخ محمد عبد العزيز الخولي ط الرابعة -1379 - 1960 م- شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر - محمود نصار الحلبي وشركاه – خلفاء- سبل السلام تأليف السيد محمد بن إسماعيل الكحلاني ثم الصنعاني المعروف بالأمير- شرح بلوغ المرام، من جمع أدلة الأحكام لأبي الفضل أحمد بن علي بن محمد بن حجر الكناني العسقلاني القاهري ويليه متن نخبة الفكر، في مصطلح أهل الأثر ومع تعليقات مختارة للإمام ابن حجر - ج 3 - ص 129

10- مسند احمد- الإمام احمد بن حنبل- 241- من مصادر الحديث السنية - دار صادر - بيروت – لبنان - ج 6 - ص 412

11- صحيح مسلم - مسلم النيسابوري ت261 – من مصادر الحديث السنية ـ دار الفكر - بيروت – لبنان - طبعة مصححة ومقابلة على عدة مخطوطات ونسخ معتمدة - ج 4 - ص 195

12- سنن أبي داود - ابن الأشعث السجستاني ت 275- مصادر الحديث السنية ـ تحقيق وتعليق : سعيد محمد اللحام – الأولى-1410 - 1990 م - دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - طبعة جديدة منقحة ومفهرسة - أخرجه وراجعه ووضع فهارسه : مكتب الدراسات والبحوث في دار الفكر- ج 1 - ص 510

13 - سنن الترمذي- الترمذي ت279- مصادر الحديث السنية ـ تحقيق وتصحيح : عبد الرحمن محمد عثمان – ط الثانية- 1403 - 1983 م- دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت – لبنان - ج 2 - ص 301

14- سنن النسائي – النسائي ت 303- مصادر الحديث السنية ـ ط الأولى 1348 - 1930 م- دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت – لبنان - ج 6 - ص 75 - 77

15- السنن الكبرى – البيهقي ت458- مصادر الحديث السنية دار الفكر- ج 7 - ص 135 ، ص 178 ، ص 471

16- شرح مسلم- النووي ت 676- مصادر الحديث السنية ـ ط 1407 - 1987 م - دار الكتاب العربي - بيروت – لبنان - ج 10 - ص 98

17 - عمدة القاري – العيني ت855- مصادر الحديث السنية ـ بيروت - دار إحياء التراث العربي - ج 20 - ص 307

18- شرح سنن النسائي - جلال الدين السيوطي ت911- مصادر الحديث السنية ـ دار الكتب العلمية - بيروت – لبنان- ج 6 - ص 76

19- السنن الكبرى- النسائي ت 303- مصادر الحديث السنية ـ عبد الغفار سليمان البنداري ، سيد كسروي حسن- ط الأولى- 141 - 1991 م- دار الكتب العلمية - بيروت – لبنان - ج 3 - ص 495

20- المنتقى من السنن المسندة - ابن الجارود النيسابوري- 308- مصادر الحديث السنية ـ فهرسة وتعليق : عبد الله عمر البارودي – ط الأولى-1408 - 1988 م - دار الجنان للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان - مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت – لبنان - ص 191

21 - شرح معاني الآثار- أحمد بن محمد بن سلمة ت321- مصادر الحديث السنية ـ تحقيق وتعليق : محمد زهري النجار- ط الثالثة141- - 1996 م - دار الكتب العلمية - مصدر بكتاب أماني الأخبار بشرح معاني الآثار - ج 3 - ص 5

22- صحيح ابن حبان- ابن حبان ت354- مصادر الحديث السنية ـ شعيب الأرنؤوط – ط الثانية- 1414 - 1993 م- مؤسسة الرسالة - ج 9 - ص 356

23 - صحيح ابن حبان- ابن حبان ت354- مصادر الحديث السنية ـ شعيب الأرنؤوط – ط الثانية- 1414 - 1993 م- مؤسسة الرسالة - ابن حبان - ج 10 - ص 125

24- المعجم الكبير- الطبراني ت360- مصادر الحديث السنية ـ تحقيق وتخريج : حمدي عبد المجيد السلفي - دار إحياء التراث العربي - مكتبة ابن تيمية – القاهرة- ج 24 - ص 368

25- معرفة السنن والآثار- البيهقي ت458- مصادر الحديث السنية ـ سيد كسروي حسن - لبنان-  بيروت - دار الكتب العلمية - ج 6 - ص 108

26- الاستذكار- ابن عبد البر ت463- مصادر الحديث السنية ـ سالم محمد عطا- محمد علي معوض- ط الأولى-2000م- بيروت - دار الكتب العلمية- دار الكتب العلمية - ج 6 - ص 164

27- التمهيد- ابن عبد البر- 463- مصادر الحديث السنية ـ مصطفى بن أحمد العلوي , ‏محمد عبد الكبير البكري- 1387 - المغرب - وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية - ج 19 - ص 135

28- الكفاية في علم الرواية- الخطيب البغداد ي ت463- مصادر الحديث السنية ـ أحمد عمر هاشم – ط الأولى- 1405 - 1985 م - دار الكتاب العربي – بيروت - ص 57

29- كنز العمال - المتقي الهندي ت975- مصادر الحديث السنية ـ ضبط وتفسير : الشيخ بكري حياني -  تصحيح وفهرسة : الشيخ صفوة السقا-1409 - 1989 م- مؤسسة الرسالة - بيروت – لبنان - ج 3 - ص 411

30- إرواء الغليل- محمد ناصر الألباني ت 1420 - مصادر الحديث السنية ـ إشراف : زهير الشاويش – ط الثانية - 1405 - 1985 م - المكتب الإسلامي - بيروت – لبنان - ج 6 - ص 207 - 210

31- تفسير البغوي- البغوي ت 510- مصادر التفسير عند السنة - خالد عبد الرحمن العك - بيروت - دار المعرفة - ج 4 - ص 359

32- الطبقات الكبرى- محمد بن سعد – 230- من مصادر رجال الحديث عند السنة - دار صادر - بيروت - ج 8 - ص 274

33- كتاب المجروحين - ابن حبان- 354- من مصادر رجال الحديث عند السنة- محمود إبراهيم زايد- توزيع : دار الباز للنشر والتوزيع - عباس أحمد الباز - مكة المكرمة - ج 1 - ص 60 - 61

34- التعديل والتجريح- سليمان بن خلف الباجي ت474- من مصادر رجال الحديث عند السنة -الأستاذ أحمد البزار - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – مراكش - ج 1 - ص 36

35 - تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر- ت 571- من مصادر رجال الحديث عند السنة- علي شيري- 1415- دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت – لبنان - ج 8 - ص 56

36- سير أعلام النبلاء- الذهبي ت 748- من مصادر رجال الحديث عند السنة - تحقيق وتخريج وتعليق : شعيب الأرنؤوط – ط التاسعة - 1413 - 1993 م- مؤسسة الرسالة - بيروت – لبنان - ج 2 - ص 502 ، ص 557 .

فراجعْ بدقة وتأمل وتدبر حتى لقاءنا في القسم الثاني من هذا البحث بعون الله تعالى .

سـؤال : لـمـاذا لم يأخذ الشيعة بتلك الصحيحة المتواترة ؟

الجواب : لم تأخذ الشيعة بها في كتب الحديث فقط بل حتى في موسوعاتهم الفقهية المرجعية ( الأساسية ) ، وللمثال لا الحصر نذكر هنا منها :

1- جواهر الكلام - الشيخ الجواهري ت 1266هـ - ج 22 - ص 66 – 75 - من كتب فقه الشيعة من القرن الثامن- تحقيق وتعليق وإشراف : الشيخ علي الآخوندي- ط التاسعة- 1368 ش- حيدري- دار الكتب الإسلامية – طهران.

2- جواهر الكلام - الشيخ الجواهري ت 1266 هـ - ج 30 - ص 103 - من فقه الشيعة من القرن الثامن- تحقيق وتعليق : محمود القوچاني -تصحيح : السيد إبراهيم الميانجي- الثانية- 1366 ش- آيدا- دار الكتب الإسلامية – طهران.

3- جامع المدارك - السيد الخوانساري ت 1405 هـ - ج 4 - ص 273 - من كتب فقه الشيعة من القرن الثامن- تعليق : علي أكبر الغفاري ط الثانية- 1405 - 1364 ش- مكتبة الصدوق – طهران- مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع - قم – إيران.

4- فقه الصادق (عليه السلام ) - السيد محمد صادق الروحاني - ج 21 - شرح ص 477 – 481- من كتب فقه الشيعة من القرن الثامن- ط الثالثة-1414- العلمية- مؤسسة دار الكتاب – قم .

وبقي من القسم الأول من بحثنا هذا الإشارة الى المنهج العلمي الذي أعتمده الدكتور وليد الطباطبائي في القسم الأول من دراسته المذكورة سابقاً ، والتي هي بعنوان  : (( حوار هادئ مع المتروك حول معاوية )) فنقول بعد الإستعانة بالله سبحانه وتعالى :

سنستعرض بعض ما أورده الدكتور وليد الطباطبائي في دراسته وبإيجاز لإستنتاج المنهج الذي تبعه في مناقشة مقال الأستاذ علي المبارك بعنوان :

((   فلتكن الحقيقة رائدنا  )) :

1- أوردَ الطباطبائي فقرة مطولة من أقوال الألوسي في كتابه ( صبّ العذاب على منْ سبَّ الأصحابَ ص 421) تدعو الى الحذر في الإعتماد على ما يورده المؤرخون ، والى التمييز بين الصحيح ، والضعيف ، والموضوع ، راجع ْ النص .

وأقول : للوهلة الأولى راجعت مرة ومرة بحث الأستاذ المتروك بحثاً عن السبّ فلم أعثر على شئ يمكن تأويله الى السب عدا النقد ، ولذلك أطلنا في الصفحات الماضية البحث للتمييز بين الطعن من جهة ، والجرح والتعديل ، وأوضحنا شرعية ذلك والحاجة اليه والى النقد فلا نعيد ، هذا أولاً .

أما ثانياً : يبدو أن الدكتور يعتقد بالتجريح والتعديل بالجملة للكتب والمصادر ، أي إما رفض كل الكتاب أو قبوله الكتاب كله ، وهذا ليس بسليم ، ولم يدعو إليه الألوسي أوغيره ممن انتقد مصنفات التاريخ كما قدمنا ، ولذلك وقع في فخ الذوقية وإزدواجية المعايير حيث أختار الرفض الكامل كما في ظاهر كلامه لكل مابين دفتي كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني الأموي بينما ذهب الى عدم رفض جميع ما في كتاب تاريخ الطبري ، وتمحيص كل رواية من روايات الطبري على إنفراد محتجاً بما أورده الطبري في مقدمة كتابه ، وكأن الأصفهاني زعم بصحة ما بين دفتي كتابه الأغاني ، أو هناك منْ يعتقد بذلك فراجعْ ، وتدبرْ .

وثالثاً : يبدو أن الدكتور لم يطلع على قواعد التعادل والتراجيح الشرعية في التعامل بين الأخبار والأثار المتعارضة ، كما لا يميز بين الدليل والأصل والشاهد والقرينة ، أو قلْ لا يميز بين الأصل ( الجازم أو الصحيح ) من جهة ، والشاهد ( القرينة أوالمؤيد الإيستئناسي من جهة أخرى ، وذلك بحسب تعبير النووي في معرض بيانه لوجوه سبب رواية مسلم في كتابه : صحيح مسلم رواية معتلة سنداً عن عائشة زوجة الرسول الأكرم صلى الله عليه وأله وسلم ، ولتوضيح نورد ذلك للدكتورالطباطبائي نص قول النووي في كتابه لشرح مسلم حيث يقول :

(( وأما قول مسلم في خطبة كتابه ، وقد ذكر عن عائشة عنها أنها قالت :( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ننزل الناس منازلهم ) فهذا بالنظر إلى أن لفظه ليس جازماً لا يقتضي حكمه بصحته ، وبالنظر إلى أنه احتج به وأورده إيراد الأصول ، لا إيراد الشواهد يقتضي حكمه بصحته ،

ومع ذلك فقد حكم الحاكم أبو عبد الله الحافظ في كتابه : كتاب معرفة علوم الحديث بصحته ، وأخرجه أبو داود في سننه بإسناده منفرداً به ، وذكر أن الراوي له عن عائشة ميمون بن أبي شبيب ولم يدركها ، قال الشيخ : وفيما قاله أبو داود نظر فإنه كوفي متقدم قد أدرك المغيرة بن شعبة ومات المغيرة قبل عائشة وعند مسلم التعاصر مع امكان التلاقي كاف في ثبوت الادراك فلو ورد عن ميمون أنه قال لم ألق عائشة استقامَ لأبي داود الجزم بعدم إدراكه ، وهيهات ذلك هذا آخر كلام الشيخ ، قلت :وحديث عائشة هذا قد رواه البزار في مسنده وقال : هذا الحديث لا يعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه ، وقد روى عن عائشة من غير هذا الوجه موقوفاً والله أعلم ، قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله : جميع ما حكمَ مسلم رحمه الله بصحته في هذا الكتاب فهو مقطوع بصحته ، والعلم النظري حاصل بصحته في نفس الأمر ، وهكذا ما حكمَ البخاري بصحته في كتابه ، وذلك لأن الأمة تلقت ذلك بالقبول سوى منْ لا يعتد بخلافه ووفاقه في الإجماع ، قال الشيخ والذي نختاره أن تلقي الأمة للخبر المنحط عن درجة التواتر بالقبول يوجب العلم النظري بصدقه خلافاً لبعض محققي الأصوليين .

راجعْ كتاب : شرح مسلم – النووي ت676- من مصادر الحديث السنية ـ ط : 1407 - 1987 م - دار الكتاب العربي - بيروت – لبنان - ج 1 - ص 19 .

أقول : التكلف واضح وكبير لتصويب مابدرَ من مسلم في صحيحه ، وإذا كان هذا حال كتاب صحيح مسلم ، فكيف سيصبح الحال مع كتب التاريخ والسير مع ما تقدمَ ؟

سـؤال : لـمـاذا كل هذا التوقف الطويل مع رواية البخاري المذكورة عن عائشة ، وهي في مورد لا يستحق ذلك ؟

الجواب :

أ- : لأن رواية : ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ننزل الناس منازلهم ) يستندون عليها في علم الرواية يقول عثمان بن عبد الرحمن ت 643 هـ :

(( النوع الحادي والأربعون معرفة الأكابر الرواة عن الأصاغر ومن الفائدة فيه ان لا يتوهم كون المروي عنه أكبر أو أفضل من الراوي نظراً إلى ان الأغلب كون المروي عنه كذلك فيجهل بذلك منزلتها وقد صح عن عائشة رضي الله عنها انها قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ننزل الناس منازلهم ثم إن ذلك يقع علي اضرب منها .... الخ )) انتهى قوله .

راجعْ : كتاب :مقدمة ابن الصلاح- عثمان بن عبد الرحمن ت643- من مصادر الحديث السنية ـ تعليق وشرح وتخريج : أبو عبد الرحمن صلاح بن محمد بن عويضة- ط الأولى- 1416 - 1995 م- دار الكتب العلمية - بيروت – لبنان - وبصدره مروياتنا عن شيخنا أبي محمد محمد نور الدين المكي – ص :181 – 182.

ب-: في صحيح مسلم هناك ما لايقل عن اثني عشر رواية مقطوعة ، وهذا خلل أخر بالرغم من القول بأنها مذكورة على وجه المتابعة فهي موصولة من جهات صحيحة لأن كونها مذكورة على وجه المتابعة يجعلها موصولة في نفس الكتاب وصلها ، ولذلك أكتفى بكونه معروفا عند أهل الحديث .

وليس هذا فقط بل انه روى عن جماعة من الضعفاء إعتمادا على كون ما رواه عنهم معروفاً من رواية الثقات !! .

للتفصيل راجعْ كتاب : شرح مسلم - النووي - ج 1 - ص 18 – 20.

ت- : وبناءً على ماتقدمَ أقول :

1- وكجواب نقضي : إذا كان يجوز لمسلم النيسابوري أن يروي في كتابه المسمى بالصحيح ( الذي يجب أن يكون خاصاً بالأصول والحازم ) وفي السنة النبوية الشريفة ( المصدر الثاني للتشريع ) أن يروي فيه المقطوع والشاهد وما يـُروى على وجه المتابعة ، وما يروى عن الضعفاء لكونه مشهوراً في مكان أخرعن الثقات فكيف لا يجوز على غيره كل ذلك ؟

ويـُطالب بالرواية الصحيحة ، والمتواترة ، والمتفق عليها أيضاً بين جميع الفرقاء في كل حين ، وفي كل صغيرة وكبيرة ، وواردة وشاردة ، ومن أيّ واحد فتحَ فاه بكلمة واحدة ، وربما لايريد بها إلا إيراد الشاهد أو القرينة أو الدليل الإستئناسي بعد ذكر الأصل بالمفهوم المتقدم ، وبناءً على مايترتب من تصحيص لأسناد وطرق كثيرة أخرى كطرق ائمة أهل البيت عليهم السلام الى الحديث النبوي الشريف ، وذلك مثل المرويات الصحيحة المتواترة المتفق عليها بين جميع المسلمين كما في أية التطهير ، وحديث الكساء ، وحديث الثقلين ، وحديث الحوض ، وحديث الغدير وما نحو ذلك مما سيأتيك تفصيله إن شاء الله ، وثمرة ما تقدم من قولنا أنه أحيانا في هذه البحوث الخلافية الكاتب يذكر أصول خمس ، ويذيل بشاهدين إستئنسايين جانبيين ، لسبب أو لأخر فلايجوز في النقد أن نبدأ بالتشنيع على الشاهدين ونهمل الأصول فنخاطب القارئ بعبارة : وقـسْ على هذا ، احياناً يذكر الشاهد فقط ومن باب المثال لأن المصدر الغير الشيعي الذي كان في متناوله هو الذي ذكره ، وسياتيك تفصيل ذلك .

2- طبعاً ذلك كان من باب النقض والتفسير وإلا فلكل ما حاول الدكتور تفنيده جواب جامع ومانع على أن نتفق على قواعد علمية رصينة معتبرة

ويتم تعيين ثمرة للحوار تخدم الحق والحقيقة وتدعم الوحدة الوطنية أكثر وتساعد الأمة على العودة الى الأخوة الإسلامية والأتحاد والعدل والإنصاف والتعددية والنهوض قدماً الى الأمام نحو الإيمان والرفاه .

وصلنا في السطور السابقة الى النقطة الثالثة في تقييمنا لمنهجية الدكتور فلننتقل الى النقطة الأخرى :

رابعاً : أوردَ الدكتور الطباطبائي في بحثه ، وعن شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد المعتزلي السني المذهب ما يبعث على الدهشة والإستغراب ولاسيما من مثله ، ونص ما أورده كالتالي :

(( اولاً: شرح نهج البلاغ لابن ابي الحديد المعتزلي ، فمؤلف الكتاب ضعيف عند علماء الاسلام سنة كانوا ام شيعة أما كلام علماء اهل السنة فيه فمعروف ومعلوم، ولا حاجة لذكره وتوضيح الواضحات من المملات، وأما كلام علماء الشيعة فيه فقد قال الخوئي وهو يصف ابن ابي الحديد هذا (ليس من اهل الدراية والاثر.. وان رأيه فاسد ونظره كاسد وانه اكثر من اللجاج وانه اضل كثيراً وضل عن سواء السبيل) وقال الخوئي عن كتابه شرح نهج البلاغة (جسد بلا روح يدور على القشر دون اللباب... ليس له كثير فائدة تشمئز عنها الطباع وتنفر عنها الاسماع) منهاج البراعة شرح نهج البلاغة للخوئي 14/1 طبعة دار احياء التراث العربي. فهذا كلام كبار علماء الشيعة في ابن ابي الحديد وكتابه، فكيف استحل الكاتب الأستاذ علي المتروك النقل عن مثل هذا الكتاب فوقع القراء الكرام في وهم بأن هذا الكتاب معتمد في التاريخ فضلاً عن تاريخ اصحاب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وهم النجوم الزاهرة والبدور النيرة ، وكيف يكون مثل هذا الكتاب حجة بين المتروك وربه عند سؤاله عن سبب اتهامه لصاحب رسول الله وكاتب وحيه معاوية رضي الله عنه قال تعالى: (ستكتب شهادتهم ويسألون). )) إنتهى كلام الدكتور .

وفي ذلك أقول عطفاً على كل ما سبق َوبإيجاز :

1- بخصوص الرأي في أبن أبي الحديد لقد قام الدكتور بإضافة جملة : ((ليس من اهل الدراية والاثر )) وعملية تحريف واضح وتقطيع وتغيير وتقديم إنتقائي بعيد كل البعد عن الأمانة والدقة التي يتطلبها البحث العلمي ، ونسب ذلك الى الخوئي فقوله ما لم يقله ، وذلك في زعمه أن الخوئي قال ذلك في أبن أبي الحديد ، وذلك في عبارة الدكتور التي نصها : ((  ليس من اهل الدراية والاثر.. وان رأيه فاسد ونظره كاسد ...)).

ولذلك فنحن مجبرون أن نورد النص الكامل لذلك الجزء من كلمة حبيب الله الخوئي مؤلف كتاب : منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة :

قال الخوئي : و منهم ( أي ممنْ شرح نهج البلاغة ) :

(( الفاضل البارع الأديب عزّ الدّين عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي البغدادي ، وقد شرحه في نيف وأربعين وستمأة ، وهو أبسط الشروح إلا أنّه عند الناقد البصير ، والمتتبّع الخبير ، جسد بلا روح ، لأنّه قد أتى فيه بما قويت فيه منّته ، و ترك ما لا معرفة له به ممّا قصرت عنه همّته ، حيث اكتفى بتفسير غرائب الألفاظ ، وما زعمه مشكلاً من النحو ، و التصريف ، والإشتقاق ونحوها ممّا يدور على القشر دون اللباب ، وأطنب بذكر القصص والحكايات ، وإيراد الأمثال والأنساب والمناسبات ، ونحوها ممّا ليس له كثير فائدة في شرح الكتاب ، ولا له ثمرة تعتدّ بها عند اولي الألباب ، وإنّما هي وظيفة أصحاب التواريخ و السّير ، لا أهل الدّرايات والأثر ، ومع ذلك فليته يقنع بذلك ولم يجتر بعد على اللّه ، ولم يؤوّل بمقتضى رأيه الفاسد ، ونظره الكاسد ظواهر كلام وليّ اللّه ، فانّه لفساد الإعتقاد ، ولإنحرافه عن منهج الرشاد ، سلك مسلك العصبيّة و العناد ، وأكثر من اللجاج في شرح الخطب المتضمّنة للاحتجاج )) أنتهى ما أوردناه نصاً عن الخوئي ، والذي أضاف ما موجزه :

وأوّلَ – أي أب أبي الحديد - الكلمات المسوقة لإظهار التظلم والشكاية بما يرتبط بالخلافة ، بتأويلات بعيدة تشمئزّ عنها الطباع ، وتنفّر عنها الأسماع ، ويصرفها عن ظواهرها بغير دليل ، فأضلَّ كثيراً ، وضلّ عن سواء السبيل ، حسبما تطلع عليه في مقدمات الخطبة الشقشقيّة وغيرها على تحقيق وتفصيل .

راجع ْ: كتاب منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة-ج1- ص5 و6- للميرزا حبيب الله الخوئي - الجزء الأول - الصبعة الثانية المصححة - مؤسسة الوفاء – بيروت - لبنان -1403 هـ -1983 م .

ونترك الى القارئ المقارنة بين النصين ، فالحكم على درجة أمانة الدكتور ، ومدى إلتزامه بالقواعد العلمية وأسس البحث العلمي .

طبعاً الدقة أيضاً فيها كلام وكمثال على ذلك قال الدكتور الطباطبائي في مقاله المذكور ما نصه وهويتحدث عن تاريخ الطبري :

(( وكذبه والذي يهمنا هو ما نقله الكاتب علي المتروك عن ابن جرير الطبري رحمه الله انه ذكر في أحادث سنة »51 هـ« ان معاوية أمر بقتل عبدالرحمن بن حسان حينما امتنع عن لعن علي عليه السلام وهذه القصة باطلة ولا تصح ويكفي أن الطبري نقلها عن لوط بن بحيى «ابومخنف» وهو كذاب يروي الاكاذيب والموضوعات قال عنه الحافظ ابن حبان «يروي الموضوعات » « وقال الذهبي «إخباري تالف » انظر كتاب مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري للدكتور يحيى اليحيى طبعة دار العاصمة: وهنا أقول : الأستاذ المتروك في مقاله لم يذكر ان معاوية أمر بقتل عبدالرحمن بن حسان بل كان كلامه حول أمر معاوية بقتل عبد الرحمن

بن خالد بن الوليد فراجع المقال لتقف على ذلك .

والأدهى والأكبر من ذلك سيأتيك في القسم الثاني من بحثنا هذا إن شاء الله .

 

للحديث صـلة بإذنه تعالى