هل تنشب حرب أهلية في العراق؟

 

د. كامل العضاض

 

يبدو ان مفهوم الحرب الاهلية يطلق عادة على النزاع المسلح الذي يتميز بالعنف المصحوب عادة بالفضاعات والقسوة والوحشية والتدمير، بين فئات او شرائح او جماعات في مجتمع واحد او موحد بالاصل قسرا او طوعا ومثل هذه النزاعات تقوم على ثلاثة اعتبارات اساسية هي :

-الكراهية باشكالها ودرجاتها..

ـ التناقضات في المصالح والانحيازات العميقة بانواعها السياسية والثقافية والاقتصادية والتجارية وما شابه.

ـ التباغض والتناحر او التكفير المتقابل الديني او المذهبي وفي كل الاحوال لابد ان تكون الكراهية قد بلغت حدا يسوغ للقاتل المسعور القتل البربري لانسان اخر خلقه الله ليساوي غيره بالقيمة مهما بلغ هذا الغير من درجة الغنى او القوة او الثقافة او النفوذ والكراهية حين تبلغ حد الهوس المفضي الى القتل تكون قد قطعت شوطا كبيرا لتتواطن كمرض سادي في النفوس فات عليه العلاج فيضحى لدينا مجتمع او مجتمعات من القتلة لم تعد تربطهم وشائج ولا يشدهم ضمير جمعي ولا تاريخ عيش مشترك ولا حتى صلات قربى او رحم ولا اي شيء له صلة بالاخلاق والدين والضمير والذاكرة والوجود.

والتاريخ البشري يشير الى شواهد عن الظلم الاجتماعي الذي اصاب هذه الفئة المذهبية او العرقية او تلك، وهناك حروب السلاطين وعنف جلاوزة الحكام ضد هذه الفئة او تلك، لكن لم تكن هناك ابادات او مجازر اقترفتها فئة مذهبية او اثنية بحق فئة اخرى مهما بلغ مقدار او فداحة مظالمها لم يحصل في تاريخ العراق ان قتلت او ابادت جماعات مدنية اخرى لاي سبب من الاسباب بل ان التاريخ الاجتماعي العراقي يعج بالامثلة او بامثولات التضامن والتسامح المذهبي ولا يتسع المجال هنا لتفصيل مثل هذه الامثولات الرائعة..  كما ان التاريخ البشري يؤكد انه ليس هناك مجتمع او دولة قامت او تقوم على عرق واحد صاف لا يخالطه جنس اخر من البشر ولا وجود لمجتمع سياسي تطابقت فيه الافكار و المذاهب وتجانست فيه الثقافات تماماً لكن المجتمعات تتكون وتتوحد على اساس قواسم عامة مشتركة، من اهمها، اللغة والتراث والدين والثقافة والبيئة الجغرافية والمصالح الاقتصادية والتجارية، ومن ثم قد تأتي عوامل مثل الصفات البيولوجية العرقية وغير ذلك. وتعتمد درجة أهمية اي من هذه القواسم في تشكيل الوحدة الاجتماعية وبالتالي دولة ذلك المجتمع، على طبيعة المجتمعات والدول وظروف نشأتها وثقافاتها وخياراتها المتوافقة على صياغات محددة للعيش المشترك ولكن المجتمعات والدول، كما الافراد جبلت على الخلافات و المنازعات عبر التاريخ، بيد ان المسألة الكبرى لاستمرار بقاء الكيانات والمجتمعات البشرية معي في كيفية حل تلك الخلافات والمنازعات التي غالبا ما تنشأ عن تناقضات عميقة في المصالح اولا والثقافات ثانيا.

ويمكن ان نؤشر نماذج لحروب اهلية، قامت بمجملها على عوامل تناقضات صارخة، منها :

حروب دينية :

ـ كما مثلتها المذابح التي طالت البروتستانت والهوكونت في اوروبا فرنسا في القرن السادس عشر الميلادي والحرب الاهلية اللبنانية 1970 ـ 1990.

الجميع يتفق بانها كانت حرباً قاسية ومدمرة ومعطلة للحياة والنمو. لقد كلفت اللبنانيين غاليا، فقد قدر عدد الضحايا باكثر من (100) الف شخص الى جانب (100) الف اخرى من المعاقين، فضلا عن تهجير وازاحة ما يقرب من (900) الف من الافراد من مناطق سكنهم.

ان حربا بهذه الضراوة لا يمكن تفسيرها بمجرد تعليق اسبابها على اكتاف زعماء التناحر الفئوي وحماة التركيبة الطائفية للمجتمع والسلطة اللبنانيين.

فالمسيحيون، وبالاخص المارونيون منهم كانوا قد كسبوا، تاريخيا، ثقلا في السلطة يتجاوز ثقلهم السكاني، وكانت الطوائف الاخرى، المسلمون الشيعة والسنة، والى حد ما الدروز، ترغب في كسر النفوذ المسيحي، ولكنهم تشابكوا بعوامل خارجية اقليمية وقومية وامنية، منها الوجود الفلسطيني المسلح على الاراضي اللبنانية، والتهديد الاسرائيلي للأمن اللبناني،و الضغط السوري المطبق على خناق لبنان جغرافيا وسياسيا.

وهكذا اصبحت جميع الطوائف في حالة خوف واحتراب عرضة للاستغلال والتوظيف في الصراع الاسرائيلي / العربي، او بكلمة ادق، الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والسوري. وهكذا انقسمت الطوائف المسيحية ( المارونية واتباعها) - الجبهة اللبنانية- محور الكتائب والاحرار وغيرهم مقابل تحالف القوى السياسية والطوائفية المسلمة والدرزية واحزاب وكتل اخرى متعددة الاديان مع الفصائل الفلسطينية المتمرسة في الساحة اللبنانية، ناقضة تماماً بذلك سيادة الحكومة اللبنانية.

ويواصل الكاتب مقاله في فقرة اخرى بالقول :

من سيكون المسؤول عن اشعال الحرب الاهلية اذا نشبت فعلاً في العراق؟

ان المؤرخ المتمعن في تاريخ العراق الاجتماعي وفي طبيعة العلاقات المجتمعية عبر هذا التاريخ الطويل، قد يجد فيه تسجيلات لكل انواع التناقضات والتوترات والنزاعات التي تنتاب اي مجتمع بشري اخر، ولكنه بالتأكيد سوف لا يجد من بينها سجلاً لنزاعات مدنية عنيفة او تصفيات عرقية او مذهبية بين شرائحه المختلفة، طبقاً لمفهوم الكراهية الطاغية او على نمط نماذج الحروب الاهلية التي جرى استعراضها انفاً.

فكيف اذا سينشأ هذا النوع من الحروب الاجتماعية الان، بعد زوال كابوس الديكتاتورية والطغيان، ومن هو المسؤول عنه اذا نشأ؟ للاجابة المركزة على هذا السؤال دعنا نحدد الاطراف السياسية الداخلية والخارجية اللاعبة او المتصارعة الان في الساحة العراقية.

بعد اكثر من ثلث قرن تقريباً على تسلطه ادخل النظام الصدامي العراق في متاهة التصادم مع المصالح الدولية والاقليمية الكبرى، مع ما كان عليه حال العراق من مصائب واستنزافات وظلم ودمار وتخلف.

وبعودة مكشوفة وبدون وسائل دفاع او حماية وبتحديات رعناء وبضعف او هزال مضحك جابه صدام القوة العسكرية الاعظم في العالم،واستخف بالمجتمع الدولي، وذلك خصوصاً بعد احداث 11 ايلول في2001، حيث نضجت استراتيجية الهجوم الاستباقي الاميركية مقترنة بتصاعد التعاطف او في الاقل، السكوت الدولي بشأن التدخل العسكري الاميركي المحتمل، حتى ولو بلغ درجة الغزو والاحتلال المباشر لدولة مشبوهة وفي حالة تصادم مع العالم ومع منظماته الدولية. وهكذا اصبحت الولايات المتحدة وحلفاؤها، بعد غزو العراق فعلاً في 2003/4/9، قوة الاحتلال واللاعب الاول في تحديد مصير العراق بعد السقوط المريع لدفاعات صدام خلال اسابيع فقط من عملية الغزو. وبغض النظر عن القرارات الدولية التي شرعت الاحتلال الاميركي وقواته متعددة الجنسيات وارست له قواعد تحتكم الى معاهدة جنيف والى ارادة الشعب العراقي وغير ذلك، ومنها قرار مجلس الامن رقم (1483)، تبقى الولايات المتحدة اللاعب الاول في تحديد مصير العراق، وهي جاءت تحت غطاءات مموهة معروفة مثل كشف اسلحة الدمار الشامل، او لنشر الديمقراطية ما شابه، فهي لها في كل الاحوال (كما لحلفائها) مصالح معلومة، وفي مقدمتها ضمان استقرار تدفق مواردها البترولية، ولنسف معاقل محتملة للارهاب ولتحقيق مشروع يعيد رسم الخرائط والتحالفات في الشرق الاوسط بما يسمح بازدهار ونمو واستقرار النظام العالمي الجديد والتجارة الدولية وحرية الاستثمار والتقنيات، خدمة لتعزيز وانتصار الرأسمالية العالمية الجديدة والمعولمة تحت قيادة الولايات المتحدة ذاتها. وعلى ذلك لابد من التساؤل، هل نجحت الولايات المتحدة (باعتبارها القوة الحقيقية الاهم من بين القوى المحتلة) في تحقيق اهدافها الاستراتيجية من احتلال العراق بعد مرور ثلاث سنوات. هل قضت على معاقل الارهاب؟ هل نجحت في اقامة النظام الديمقراطي الملائم؟ ثمة اسئلة اخرى، هل من مصلحتها تقسيم العراق وتفتيته او حتى اقتسامه مع ايران مثلاً؟ وهل يناسب مصالحها استمرار مسلسلات الارهاب والقتل والتدمير بل واشعال حرب اهلية حقيقية في المديين المتوسط والبعيد؟ لعلها اسئلة غزيرة وتتطلب اجابات تقوم على تحليل معمق للاستراتيجية الاميركية الجديدة، وتقص دقيق للحقائق.

ولكن مساحة هذا البحث محدودة، ولربما نكتفي لاغراض هذه الورقة ان نجيب بالنقاط المتحدة الاتية:

1- ان اي حرب اهلية قد تقع في العراق ستطيل من وجود القوات الاميركية وبالتالي ستزيد من خسائرها المادية والبشرية بصورة مثيرة لغضب الرأي العام الاميركي، بصورة اساسية. وهذا ما لايناسب مصالح حكومة الولايات المتحدة.

2- ان تفتيت او تقسيم العراق سيؤدي الى دفع المنطقة الى اتون من الصراعات الاقليمية العنيفة في وسط مناطق تمور بأهم مصادر الثروة البترولية التي تهدف الولايات المتحدة الى حمايتها، وهذا ايضاً لا يناسب مصالحها.

3- ان فشل الديمقراطية سيؤدي الى استحواذ قوى استبدادية مدعومة من قبل احدى دول الجوار، وفي هذه الحالة ستكون اما ايران لدعم سيطرة قوى شيعية تابعة لها، او سورية لدعم قوى مرتبطة بفلول النظام البعثي السابق او في حالة افتراضية اخرى، قد تهيمن قوى السلفية الزرقاوية. المدعومة من قبل القاعدة، العدو رقم واحد للولايات المتحدة، وهذه مرة اخرى لا تناسب مصالح الولايات المتحدة. فهل حاربت الولايات المتحدة وخسرت مع حليفتها بريطانية ما يقرب من ثلاثة الاف جندي وعشرات الالوف من الجرحى وما يزيد على ثلثي ترليون دولار، لتسلم العراق بعد ذلك على طبق لاحدى هذه القوى المعادية والظلامية من وجهة نظرها ؟ المنطق، ناهيك عن الحقائق، يقول لا.

نخلص من كل هذا بانه ليس للولايات المتحدة كقوة محتلة رئيسة مصلحة لاشعال حرب اهلية في العراق.

ولكن لماذا يصرح رامسفيلد وزير الدفاع الاميركي بانه في حالة وقوع حرب اهلية فان القوات الاميركية في العراق سوف لا تتدخل ؟ اعتقد ان هذا التصريح كان للاستهلاك الاعلامي باتجاهين، الاول، التمهيد لقبول الرأي العام الاميركي بالتزامات اكبر للقوات الاميركية في العراق، ولتخفيف الضغوط الداعية للانسحاب واختزال الخسائر. والثاني لافزاع القوى السياسية المذهبية المتناحرة في العراق وخصوصا القوى المشاركة في العملية السياسية، وبالاخص السنية منها، وذلك بالتلميح الى ان الولايات المتحدة التي فعلت الكثير لدعم مشاركة هذه القوى السنية في العملية السياسية، على رغم خطوطها المائلة السرية مع فلول النظام البائد، بهدف تحجيم الهيمنة الشيعية المدعومة ايرانيا، فانها، اي الولايات المتحدة سوف لا تحميها من المذابح اذا ما استمروا(اي السنة) في استثارة الشيعة، وذلك بالسكوت على الارهاب السري الموجه ضدهم،(اي الشيعة)، من قبل فلول النظام السابق، وحتى بدون استنكاره.

ولكن مشاهد الثلاث سنوات الماضية من عمر الاحتلال تشهد بان الولايات المتحدة وقواتها الغازية لم تنجح في ادارة وجودها العسكري في العراق، وان ممارسات جنودها وشركاتها ارتكبت مظالم وآثاماً وفساداً.

وهي كقوة محتلة، بموجب اتفاقيات جنيف الاولى والثانية، تتحمل مسؤولية الانتقال السلمي والكفء باوضاع العراق من حالة الاحتلال الى حالة الاستقلال. وليست هناك امة او شعب في العالم، ناهيك عن العراق ذي العمق الحضاري المعروف، يقبل بوجود الاحتلال باية صفة كانت.

وكان لابد ان يثير هذا الاحتلال مقاومة شرعية، وكان على الولايات المتحدة ان تدرك بانها لا تستطيع البقاء في العراق تحت اية ذرائع كانت، وان عليها ان ترحل.

وثمة مشكلة هنا، من هي القوة البديلة التي ستفرض رحيل الغزاة ؟

يقال انها المقاومة العراقية، من هي هذه المقاومة، وبرنامجها ؟ اذا كانت هناك مقاومة وطنية، فلابد ان تكون حاملة لمشروع تحرري ديمقراطي وليس ظلامياً او صدامياً، بكلمة اخرى، ان اية مقاومة لا تقطع صلتها بنظام الاستبداد البائد او بالقوى السلفية او بمصالح احدى دول الجوار، فهي ليست مقاومة بل ارتكاس بمستقبل العراق الى ظلمات الاستبداد السابقة. ثم ان المقاومة بدون خط سياسي واضح سوف لا تكون اكثر من منظمة او منظمات سرية لا علاقة للشعب العراقي بها. ان المقاومة المشبوهة والمرتبطة بالارهاب السلفي والزرقاوي هي التي ستطيل من وجود المحتلين، وهي التي ستدمر اية ركائز لاعادة بناء دولة العراق الديمقراطي. هذا بشأن دور الولايات المتحدة كقوة محتلة وبالتالي كطرف لاعب اساسي في الساحة العراقية بخصوص اشعال حرب اهلية محتملة في العراق، فما هو دور الاطراف الاخرى ؟

حينما ندرك بان التاريخ الاجتماعي العراقي يشهد بغياب اية كراهيات مذهبية او عرقية حادة او مثيرة للتذابح، فان اية حرب اهلية محتملة ستكون حرب طوائف تمولها اطراف ومصالح متصارعة في المنطقة، ولنسمها بوضوح، هي سوريا وفلول النظام السابق وايران بصورة اساسية، ناهيك عن السلفيين والزرقاويين من اتباع القاعدة ويشرف عليها(لوردات) طوائف ومرتزقة وينفذها قتلة مأجورون، ينفذون مشاريع جرائمهم بقتل الابرياء وتدمير ركائز الاقتصاد ومصادر الحياة باسلوب المقاولة والدولارات المدفوعة، نصف مقدما ونصف بعد التنفيذ، وحالة كهذه رغم مأساويتها، ورغم ضخامة حجم ضحاياها، هي ليست حرباً أهلية مدنية تشنها شرائح اجتماعية دينية او عرقية ضد بعضها بكراهية، انما هي حرب مذابح مدبرة ضد كل هذه الشرائح من قبل القوى الظلامية او الجهات المرتبطة بمصالح دولتي الجوار سورية وايران وفلول النظام السابق. وستكشف كل الشرائح التي يجري ذبحها باسمها، كما حصل مثل هذا في نماذج اخرى من الحروب الاهلية التي سبق استعراضها، ستكتشف بان الذباحين المرتزقة لا يمتون بصلة لاي منهم، انما هم قتلة محترفون، يقتلون الناس بغض النظر عن مذهبهم او اثنيتهم، انها شغلة مقاولة، على سفالتها وخستها ووحشيتها.

وسيبقى السؤال، ولكن ما هو دور القادة او القوى السياسية الفاعلة الان في العملية السياسية الجارية في العراق في ما يجري من قتل وارهاب ؟ الا يمثل عجزهم عن اقامة حكومة وحدة وطنية مسؤولة وموحدة سببا في تفشي الفتن الطائفية واستمرار الارهاب والقتل والتدمير، ما يجعل الاستقطاب المذهبي رد فعل لمعظم البسطاء بحثا عن حماية ما للوجود!؟ نعم، ان القوى السياسية المستقطبة حاليا مذهبيا واثنيا هي المسؤول الاول لما جرى ويجري الان في العراق، وسواء كان ذلك بسبب التمسك بثقافات مذهبية دينية وقومية، بدلا عن الثقافة الديمقراطية، او بسبب العجز او عدم الكفاءة او بسبب الارتهان الى الغير، او بسبب الانتهازية والوصولية السياسية، فان كل هذه العوامل ستجعل شبح الحرب الاهلية قائماً، وما لم تكن هناك بوصلة للخروج من هذا الوطيس الحامي، وما لم يكن هناك برنامج وطني شامل لكل القوى السياسية العراقية ضمن اطار ديمقراطي تعددي حقيقي، فان السير الحثيث نحو دمار العراق سوف لايتوقف.

واذا ما تأملنا في المخارج المحتملة لتفادي نشوب حرب اهلية ولايقاف الدمار ولانقاذ العراق، فقد يترتب على كل الشركاء في العملية السياسية الجارية في العراق. وبغض النظر عن منطلقاتهم الايديولوجية والدينية والمذهبية تبني الاستراتيجيات الوطنية الاتية.

1 ـ على كل القوى السنية الخائفة من التهميش ان تعلن انتماءها لعراق المستقبل وذلك بالنبذ العلني والحقيقي للانشطة الارهابية والتدميرية التي تقوم بها منظمات وفلول النظام الصدامي السابق، وتكف عن المطالبة باطلاق سراح المجرمين المعتقلين منهم.

وهذا فضلا عن شجب واستنكار الارهابيين السلفيين والزرقاويين، بل والحث على مقاتلتهم.

2 ـ اما القوى الشيعية بكل مكوناتها السياسية فعليها ان تتبنى موقفا سياسيا عراقيا وطنيا مستقلا، يكون الولاء الاول والاخير فيه للعراق، بعيدا عن الارتباط او حتى شبهة ارتباط بمصالح ايران، وهي دولة اجنبية، حتى ولو كانت جارة ولنا معها مشتركات معينة. كما عليها ان تكشف بصدق ومسؤولية وطنية عالية عن اية تدخلات ايرانية بالشؤون الداخلية العراقية وليس التستر عليها، كما يشاع.

3 ـ صحيح ان الخيار الديمقراطي قد اعطى للائتلاف الشيعي اغلبية برلمانية، ولكن الوضع الحالي في العراق هو وضع اشبه ما يكون بحالة حرب شرسة، سياسيا وعسكريا واقتصاديا، فان القبول بحكومة توافقية، على رغم الحق الدستوري المتاح للائتلاف لتشكيل حكومة منفردة، هو عين الموقف التاريخي الوطني والحقيقي. فالحكومة العراقية المقبلة يجب ان تكون حكومة تضم عراقيين اكفاء ومقتدرين ووطنيين بغض النظر عن المذهب والعرق وحتى الاستحقاق الانتخابي، انها مرحلة ازمة تاريخية.

4 ـ على جميع الاحزاب والقوى والجبهات والقوائم السياسية الدعوة الى مؤتمر لاقرار ميثاق شرف وعقد اجتماعي وطني لصون وحدة العراق الواحد، والتعاهد بالوقوف وقفة واحدة امام شاعلي حرائق الحرب الاهلية تحت اي غطاء كان.

5 ـ عدم الاكتفاء او الارتهان الى وعود السياسيين اللاعبين في الساحة العراقية، بل اخذ المبادرات الى الفعاليات والافراد المستقلين ليساهموا في انقاذ وطنهم واسرهم واطفالهم من خطر حرباً تدميرية، قد تسمى للمخادعة حرب اهلية، وذلك بالاعتصامات والتظاهر والصلاة، جنبا الى جنب، في جميع المساجد والجوامع والكنائس، وحتى  في الشوارع والساحات العامة، الشيعي بجنب السني بجنب المسيحي بجنب الصابئي، هكذا ستعبرون باصرار لايلين عن وحدة العراق والعراقيين، هذه الوحدة التي لاتقبل القسمة ابدا ابدا.

6 ـ على جميع اطراف اللعبة السياسية التقدم ببرنامج يتكون من ثلاثة عناصر حسب الاولويات الاتية:

اولا: أ ـ القضاء على الارهاب وتحقيق الامن باقصى الامكانيات والجهود وبكل الموارد المتاحة.

ب ـ اعادة الاعمار بدءاً بتعمير وتفعيل منافع البنى التحتية كالكهرباء والماء والمجاري والخدمات الصحية والتعليمية.

ج ـ خطة متكاملة لمعاودة بناء وتأهيل ونمو الاقتصاد العراقي، وخصوصا في النشاطين الصناعي والزراعي، وهذه يجب ان تترافق مع خطة استراتيجية منفصلة لاعادة تأهيل وتنظيم وادارة صناعات النفط الاستخراجية والتكريرية والبتروكيمياوية.

ثانيا: التقدم بخطة لوجستية وواقعية لطلب انسحاب جميع الجيوش الاجنبية المحتلة خلال السنوات القليلة المقبلة. على ان يباشر بالانسحاب تدريجيا بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية المقبلة فوراً.

ثالثا: تثبيت النظام الديمقراطي ونشر الثقافة الديمقراطي وتعزيز بناء المؤسسات الديمقراطية، والخروج من الوضع الاستثنائي الراهن تدريجيا خلال السنوات الاربع المقبلة.

ويبقى سؤال اخير، في حالة نشوب حرب اهلية باية مواصفات كانت، من سيكون الرابح الاخير؟ الجواب ببساطة، وحسبما تعلمنا من دروس التاريخ القريب والبعيد، بانه سوف لايكون هناك رابح اخير، فجميع الاطراف لها بيوت من زجاج ... .

وكل ذلك بحسب رأي داوود العضاض في المصدر المذكور.

المصدر: جريدة الصباح-17-4-2006