خطوة صغيرة للترشيد الفوري
المـهـنـدس فـؤاد الصـادق
لا تستهن بالخطوات البسيطة كـي لا تقلق بشأن كسب المال الأزمة المالية أزمة قديمة جديدة و عامة يعاني منها الجميع بدرجات مختلفة ومعاناة ذوي الطموحات والأهداف الكبيرة أكبر ولا سيما مع الإلتزام المطلق بستراتيجية إرضاء الجميع التي تقود غالباً الى تصنيف الأهم والمهم من الأهداف والمشاريع في رتبة واحدة لترتفع الإلتزامات المالية و ضغوط تمويل المشاريع و تزدحم الأعمال و ....... وهذا ما يدفع البعض من الإداريين الى المبالغة و تسمية الميل لإرضاء الجميع بالداء . اثناءعملي في المشاريع الضاعية كان لدي سؤال كلاسيكي جاهز أتوجه به لمن أقابلهم من الأحضائين والخبراء ورجال الأعمال الناجحين الشرقيين والغربيين و كان السؤال : ما الذي تعاني منه وأكثر من أي أمرأخرفي عملك وطريقك الى النجاح ؟ وإجاباتهم كانت متطابقة وتماماً و تتلخص في : شحة المال من جهة والزمان من جهة أخرى . كنت أرد فهم بسؤال أخرهو : شحة الزمان مفهومة أكثرلأن اليوم محدود بـ (24) ساعة فقط لكن : لماذا الإستمرارفي الشكوى من معاناة الشحة في المال مع هذا التألق و المكنة والمشاريع الصناعية والخدمية الناجحة المربحة ؟ و كانت ردودهم على هذا السؤال الثاني متطابقة ايضاً وتتلخص في أنه : مع كل نجاح نكتشف فرصاً جديدة ونتلمس عملياً حجم الفرص العظيمة التي يمكن أن نخسرها بسبب شحة الزمان والمال . فالإحساس بشحة المال والزمان يتعاظم وينمو مع النجاح و الفرص الجديدة المكتشفة بواسطة ذلك النجاح لتبدأ دورة جديدة اخرى من البحث عن الموارد بالإدخاروالإستقراض وإستثمار تلك المدخرات والديون لإطلاق مشاريع جديدة وهكذا تستمر السلسلة بدورات جديدة و دورات . طبعاً الرجال العظام – والعظمة لله وحده – وحملة الرسالات وأصحاب الأحلام العريضة دائماً وأبداً يعانون من الشحة في المال والزمان لأن الطموح كبيروكبير جداً عندهم و الإحساس بالمسؤولية أكبروأكبر بكثير من الطموح وهو ينمو بمعدلات كبيرة مع التحديات القائمة و الكامنة و الفراغات والحلقات المفقودة الحيوية الكبيرة ، وهنا كمثال أذكر عتاباً معروفاً لسماحة المفكر الكبير الشهيد السيد حسن الحسيني الشيرازي(ر) على اليوم كاشارة الى شحة الزمن المتاح و محدوديته التي يشعر بها أمثاله فهو كان يعمل ليل نهاروبترشيد ممتاز في عامل الوقت لكنه كان يكررعتابه على اليوم لأنه كبله بـ (24) ساعة فقط حيث كان و لتقريب المعنى والمعاناة يقول : ماذا كان يحصل لو تحدد اليوم بأكثر من (24) ساعة . طبعاً لأمثاله ( ر ) المعاناة من شحة الزمان لم تتوقف حتى لوأصبح اليوم (48) ساعة بل حتى أصبح أضعاف ذلك لما تقدم من الإحساس بالمسؤولية والوعي والطموح والرسالية . إذن و كنتيجة لهذه المقدمة أزمة الشحة في المال والزمان أزمة قديمة جديدة عامة يشترك بها كل الأفراد و المؤسسات والدول في الشرق و الغرب و الشمال و الجنوب ، و الإختلاف في تلك الشحة هو في نسبة الشحة ودرجة الإحساس بها وذكرنا شحة الوقت الى جانب المال لأن الوقت يساوي مالاً في المدارس المادية بل هو أغلى و أكثر ندرة من المال في المدارس غير المادية وعلى كل التقادير لأن ترشيد إنفاق الوقت يعني ترشيداً في إنفاق المال ، فلترشيد إستغلال المال لا مفرّ من ترشيد إستغلال الوقت ايضاً ، حين تنحصر الساعات المفيدة المنتجة لموظف ما في ساعتين فقط من أصل (8) ساعات يومياً نكون قد أهملنا الترشيد في إنفاق الوقت الى جانب إهمال الترشيد في إنفاق المال وارتفعت تكاليف المؤسسة التي يعمل فيها الموظف المذكور لأنه يستلم أجوراً عن (8) ساعات ولا ينتج الا ساعتان فقط ، وعليه فترشيد الإنفاق المالي بحاجة إلى الترشيد في إستغلال الوقت بتقليل الوقت الضائع وحذف النشاطات الزائدة في جدول سيرالأعمال والنشاطات FLOW chart و بأختيارالطريق الأقصروهذامن الإختصاصات المتقدمة في إدارة الإنتاج السلعي والخدمي وله رجاله وأخصائية نتركه الى رجاله ،لكنه ممكن ومثمر ومجرب و قد عشت بعض المحاولات و التجارب على هذا الطريق حيث أثمرت خطة من الخطط الى تقليص النفقات في أحدى المؤسسات بنسبة (40) في المائة خلال (4) أعوام مع الإحتفاظ بالجودة والكمية ، وكانت للخطة مشاكلها وإنتكاساتها ومعارضيها لكن المرحلية من جهة و طول باع المخططين من جهة ثانية وإصرار المسؤولين المرن عن المؤسسة من جهة ثالثة و... كل هذه الأمور تعاضدت في إنجاح خطة ترشيد الإنفاق في المال والتي كانت تبدأ من ترشيد إنفاق الوقت ، و كما هو معروف الإخفاق أساس النجاح ، و منْ يأبى المغامرة في الفشل لا يحرز النجاح ، و كل شيء في بدايته صعب ، و بداية أي خطة جديدة في خاتمتها ، فلابد من أن نبدأ بترشيد الإنفاق وبإصرار ونواصل المهمة فالبداية نصف المهمة فقط . الترشيد من المحاولات المبتورة عادة ... لماذا ؟! الترشيد في إنفاق الوقت والمال اللذان يمثلان وجهان لعملة واحدة من المحاولات التي ننصرف بعد حين عنها عادة لأن التفكير في الترشيد و العمل لإنجازه يُنظر إليه كحكم ثانوي ، فحين ينقطع تمويل المؤسسة او تنضب الموارد اوتوشك على ذلك نبدأ بالبحث عن الحلّ والذي ربما يشمل الترشيد أيضاً ، و بمجرد الظن بارتفاع الضغط المالي يتم نسيان محاولة الترشيد في الإنفاق ليودع ملف الترشيد في الأدراج البعيدة فيعبث التراب بالملف وتتراكم بين الأفراد سوء التفاهمات فأتباع الترشيد متهمون و منبذون عادة وتتأصل النظرة السلبية من إمكانية الترشيد لأنّ المعارضين للترشيد ينسبون أخطاء تطبيق خطة الترشيد الى الترشيد نفسه كما ينسبون تداعيات محاولة الترشيد النصفية اوالمبتورة الى نفس الترشيد ، و لذلك يتصورون ويصورون للأخرين إستحالة الترشيد أكثر مما هو قائم و ... الخ ... أجلْ مهمة الترشيد صعبة في ذاتها و تصبح أصعب مع إفتقاد الجدية والمواصلة وأستمرت المحاولات الفردية المبتورة فلنرى بإيجازما هي بعض أسباب صعوبة الترشيد الذاتية والعرضية في الإنفاق : 1 – النظر الى وجوب الترشيد في الإنفاق كحكم ثانوي تفرضه ضرورة مجابهة الضغوط المالية فالوجوب يرتفع مع زوال اوتصورزوال الضغوط المالية ، ومعه ترتفع محاولة الترشيد ويترك الترشيد في وسط الطريق و بعد أن تحمل الجميع مشاقه و قبل أن تتاح الفرصة للجميع من حصد ثماره و تلّمس إيجابياته . 2- الأبتعاد عن النظرالى الترشيد في الإنفاق كحكم أولي ثابت ودائم وقائم مع وجود أوإنعدام ضغوط التمويل وبلغت ما بلغت الموارد المتاحة وأيا كانت الطموحات والفراغات المحسوسة لأن القصد في الإنفاق مطلوب كما أن الإسراف وكما هو التبذير لا يجوز بحال من الأحوال . 3- النظر الى عدم الترشيد في الإنفاق من زواية إقتصادية بحتة فقط في الوقت الذي لعدم الترشيد ملازمات فاسدة ومفسدة كثيرة وعديدة احياناً تفوق الجانب المادي كالإضرار بالعلاقات بين الموظفين أنفسهم وبينهم و بين مسؤوليهم وضرب أخلاقيات العمل والتمهيد لزرع الصراعات و الفساد الإداري وما نحو ذلك . 4- الكيل بمكيالين يجهض محاولة الترشيد فالإغداق على قسم في المؤسسة دون غيره ، او على مؤسسة دون أخرى في المؤسسات المرتبطة يضرب محاولة الترشيد في الصميم ، فلو كانت مبررات للإستثناء اوالتمييز يجب أن توضح و تبين ليكون ذلك مفهوماً وقابلا للتفهم لضمان التفاعل الجدي المتواصل وحسن النوايا و عدم وصم محاولات الترشيد بإزدواجية المعايير لسحب هذه الذريعة من أيدي المعارضين لكل جديد و تجديد و منه الترشيد . 5 – مما يجعل الترشيد من المهمات الصعبة التهم التي يكيلها المعارضون للترشيد كإتهام دعاة الترشيد بالبخل والحرص وضيق النظر وقطع رزق الأخرين وقوت أسرهم ناهيك عن الإتهام بالإنحراف الى الرأسمالية الغربية وعدم التمسك بالجودة و الكيفية وما نحو ذلك من قائمة الإتهامات الطويلة التي تعود الى خلط في المفاهيم و خلط للحق بالباطل لأسباب و مصالح كثيرة مختلفة منها مقاومة الجديد وحماية المصالح التي يتصور بعض الموظفين والعاملين والمسؤولين أن الترشيد يهددها لأنهم يرون ملازمة حتمية بين الترشيد والإستغلال من جهة و بين الأول وإعادة هيكلة المؤسسة و تسريح الموظفين وخسارة بعض المسؤولين لمواقعهم ... المهم هناك أسباب ودوافع ومخاوف و مصالح لرفض و مقاومة الترشيد يجب فهمها وتفهمها والتفاعل إيجاباً معها كأمر واقع لإنجاح مهمة الترشيد بل يجب الإبداع في خلق مصالح جديدة مستحدثة مبتكرة لمسؤولين المؤسسات والأقسام و العاملين وعدم الخشية من التهم التي تكال بها مثل جهود خلق حوافز مالية عند الأفراد لضمان دعمهم للترشيد بذريعة أنّها تكرس الروح المادية في المسؤولين والعاملين وهو سلبي وفاسد فحتى لو توافقنا على ذلك فنتائج عدم الترشيد ايضاً سلبية و فاسدة بل هي أفسد وبين الفاسد والأفسد لابد من ترجيح الفاسد على الأفسد . 6- عندما تبدأ بالحديث مع أي مسؤول مؤسسة او مع أي مسؤول قسم عن الترشيد في الإنفاق يتبادرالى ذهنه فوراً بأن المتحدث يقصد بذلك ان هناك إسراف و تبذير في مؤسستة أ قسمه ، ونفس التحليل السلبي يتبادر الى أذهان موظفي كل قسم من أقسام المؤسسة حين يتحدث مسؤول القسم إليهم عن ترشيد الإنفاق فهم يرون أنفسهم فوراً في قفص الإتهام ، فلابد من تحاشي الإرتجال في الحديث عن الترشيد و توخيّ الدقة والحذرو الإحتياط مع التأكيد على الحاجة الى الترشيد و ضرورته و منافعه للجميع وللمؤسسة الى جانب التأكيد على ان هناك إسراف وتبذيرظاهروآخر خفي لا يكتشفه إلا المتخصص في الإنتاج السلعي والخدمي ، كما ان هناك إسراف وتبذير نابع من التقصيروآخر نابع من القصورلعدم الإحاطة بعلم و فن وتطبيقات سير الإنتاج ، والترشيد عادة و غالباً يتأتي من ملاحقة الإسراف والتبذيرالخفي النابع من القصوروسرد أمثلة لذلك هذا إضافة الى التغافل في البداية عن موارد الإسراف و التبذي الجزئية او غيرالكبيرة و ذلك لصالح الموارد الكبيرة التي تعتبر أهم في عملية الترشيد و لتحاشي إنعقاد خلفية إتهام للوضع القائم لحماية الترشيد من الإجهاض و ضمان تحويله الى هدف مقدس في ظلِّ الضغوط المالية وحتى بعد غيابها تماماً ، وهذا يستدعي الحذر (المطلوب دائماً و عند محاولة الترشيد أكثر) من الإقتصاد في النفقات الذي في غير محله ة الذي يتسبب بنفقة أضخم كالذي سعى لتوفير مسمار فخسر فرساً فأصبح مصداقاً للمثل القائل : (لتوفير مسمار قد تفقد فرساً). هذه بعض الأسباب العامة الذاتية والعرضية التي تجعل الترشيد مهمة صعبة نهجرها وسط الطريق فتبقى ألامها تداعياتها كما ذكرنا، لكن هناك طائفة أخرى من الأسباب التي تحد من النمو والإستقرارالإقتصادي وهي ترتبط بالترشيد في الإنفاق المالي ومن هذه الأسباب : 1- عدم الميل الى الإدخارالمالي في العمل او في حياتنا الخاصة الفردية او الإجتماعية و كأنّ الإدخار برمته و بأنواعه وأهدافه مذموم وممنوع جملة و تفصيلا . فكلّ ما يتمّ إستحصاله من المال يتم إستهلاكه بل نستدين للإستهلاك إيضاً في الوقت الذي الإستقرارالإقتصادي يستدعي الإدخار فليس ثمة مصدر للأرباح مؤكد مثل الإدخار والتوفير، و بالتوفير تغتني المؤسسة وممولها ، والإدخار دون إستثمار المدخرات لا يعني شيئاً فالمال يأتي بالمال إذا أتمَّ إستثماره فمنْ يرزع المال يحصد المال . 2 – و ربما من أسباب تدنيّ الميل للإدخار بهدف الإستثمار المالي يعود الى إفتقاد موارد الاستثمار ورجاله من جهة والى التجارب المتعثرة المرة لمحاولات إستثمارية سابقة من جهة أخرى وهذا صحيح لكن لابد من طرق هذه الباب بوسائل وأليات اخرى بالاستفادة من التجارب الخاسرة السابقة فمنْ يخسر يربح ، و منْ يحتاج الى النار يلتقطها بيده . حين نتوقف عند معدلات النمو الإقتصادي العالية جداً للصين والهند نرى انه من العوامل الأساسية لذلك هوالميل المتقدم كثيرا للإدخار عند الصيني والهندي مقارنة مع الأروبي والأمريكي ، لكن هذا الميل للإدخار كان منذ قرون ولم يفعل فعلته إلا بعد خلق ميل ودوافع لإستثمارتلك المدخرات بخلق البيئة الحاضنة للإستثمار بدعم فرص الإستثمار وضمانات نجاحه و ما الى ذلك . 3 – والسبب الأخرهوالإستهانة بالخطوات الصغيرة و بالفرص الصغيرة و المردودات القليلة والإقتراحات المتواضعة وهذا هو شأن الكبار وأصحاب الطموحات الكبيرة والهمم العالية لكن يجب ان لا نغفل عن الأثرالتراكمي العظيم للقليل مع مرورالزمن و خاصة إذا كانت مجالات الإستهلاك للمال والصرف عديدة و كثيرة ، هذا وان كثيراً ما تكون الفرص الصغيرة بداية لمشاريع كبيرة كما يؤكد ذلك منْ تمكن من الوصول الى المرتبة المتقدمة الأولى في مجال المال والأعمال فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة ، وعصفور في اليد خيرمن عشرة على الشجرة ، ومنْ لا يرضى بالقليل ربما لا يرضى أبداً ، وخَيْر لك أن تصل متأخراً من أن لا تصل أبداً ، وفوق كل هذا و ذاك قاعدة الميسورالتي تؤكد ذلك وتدفع في إتجاه التمسك وربما التشبث بالخطوات الصغيرة و لنتذكر دائماً بأنّ روما لمْ تبن في يوم واحد . و بناءاً على كل ما تقدم هناك توصيات لتدعيم الإستقراروالنمو الإقتصادي و مواجهة شحة المال ولاسيما لمنْ يمتلك مؤسسات ومشاريع عديدة و متوزعة جغرافياً ومتوازية ومتشابهة احياناً : 1- تشكيل لجنة مركزيه مالية من اصحاب الفن و الخبرة و الإختصاص مع الأخذ بقاعدة الميسور تتفرغ للأهداف التالية فقط : أ – البحث الدائم عن موارد جديدة لإستحصال المال مع وضع سبل و أليات لتحاشي خسارة أي مصدر سابق. ب – إدخارنسبة معينة وبصورة متواصلة بهدف الإستثمار وليكن واحد بالألف او أقل من ذلك وعدم صرفه في الإستهلاك مباشرة بلغت ما بلغت الضغوط . ت – البحث المتواصل عن فرص وأساليب وأطر مئسسية جمعية لتوظيف المدخرات في الإستثمار . ث- البحث العملي المتقدم لتعميم ثقافة الإدخار للإستثمار بترشيد الإنفاق و السلامة المالية وما الى ذلك . ح- التخطيط والتوجيه لإستحداث لجان مشابهة في كل مكان و في كل مؤسسة لمتابعة و تحقيق الأهداف المذكورة في البنود اعلاه : أ – ب – ت – ث . خ – إيقاف النمو الأفقي للمؤسسات و المشاريع والتركيز على النمو العمودي وإدماج ما هم مهم في الأهم بشكل طوعي مرن . خطوة صغيرة للترشيد الفوري : لم أكن ميالاً لذكر هذه الخطوة رغم تجربتي الناجحة لها بصعوبتها و مرارتها و حلاوة النجاح فيها بعد 4 سنوات من الإصرار في مؤسسة صناعية ذات أقسام عديدة وخطوط إنتاج متعددة لأنّ مثل هذه الخطوة يستهان بها عادة للأسباب المتقدمة التي أجبت عليها لكن شجعني على ذكر هذه الخطوة الصغيرة المقال الذي قرأته في كتاب : لا تقلق بشأن كسب المال والذي سأذكره بعد سرد أجزاء هذه الخطوة الصغيرة بإيجازوتبسيط و تغييركي يناسب المؤسسات غير الصناعية كالخدمية والإعلامية: 1- تخويل مسؤول كل قسم او مؤسسة بإدخارمالا يقل عن (10) في المائة من ميزانيتها بواسطة ترشيد الإنفاق بالمفهوم المذكور سابقاً . بشرط عدم الإخلال بجودة الإنتاج وكميته ، على أن يكون واضحاً و مفهوماً بأن (10) من الميزانية المقررة حالياً سيتم خصمها من الميزانية المقررة حالياً لتلك المؤسسة بعد مضي عامين على التخويل وهكذا يستمرالتخويل بمعنى انه بعد مضي عام من التخويل الأول يكون تخويلا اخراً لإدخار (10) في المائة أخرى من الميزانية كإدخارللسعي في إستثماره ، و كذلك بعد مرور عامين من التخويل الثاني يتم إستقطاع (10) في المائة اخرى من الميزانية المقررة لتلك المؤسسة او القسم ، و هكذا يستمر الحال حتى بلوغ ما يسمى بالنقطة الحرجة لترشيد لإنفاق حيث لا مجال للمزيد من ترشيد الإنفاق . والنتيجة انه بعد (4) أعوام تكون نفقات تمويل المؤسسات قد انخفضت بنسبة لا تقل عن (20) في المائة و تمت عملية ترشيد ذاتية طوعية في المؤسسات وبين الأقسام المختلفة كما تكون المؤسسات قد خطت خطوات تدريجية نحو الإستثماروالإكتفاء الإقتصادي الجزئي ، و حتى لو لم تستثمرالمدخرات فهي مبالغ إحتياطية لتمويل المؤسسة عند تأخيرالمستحقات و لميزانيات المالية كما يمكن جمع المدخرات كي تستثمرها اللجنة المالية المركزية كسهام لصالح المؤسسة التي ادخرتها ، ولو خسرت مؤسسة من المؤسسات مدخراتها وهو محتمل فيكون الممول قد ربح تقليص ما يدفعه لميزانيتها بنسبة (20) في المائة كما تقدم و بصورة دائمة إضافة الى ربحه في تكريس و نشر ترشيد الإنفاق في المؤسسات ، علماً ان بعض الأقسام والمؤسسات أحياناً تتمكن من ترشيد الإنفاق بنسبة أكبر من الـ (20) في المائة خلال (4) أعوام ودون الإضرار بالجودة و الكمية ، المهم خلق دوافع وحوافر معنوية ومادية قوية وفاعلة لضمان الإندفاع الذاتي الطوعي في إتجاه ترشيد الإنفاق للادخار والإستثمار فالإكتفاء الذاتي وذلك لمسؤولي الأقسام و العاملين فيها أيضاً و كمثال يمكن تخصيص (1) في المائة من مدخرات الترشيد في كل تخويل للمسؤول و العاملين على أن يتم تنصيف ذلك بين المسؤول على المؤسسة والعاملين فيها ، فعند ذلك سيبدع و يتعاون و يتفاني الجميع في ترشيد الإنفاق و مئسسة العمل وإعادة هيكلة العمل وتنظيمه مما يدعم الجودة اتوماتكياً كما يمكن اللجوء الى مثل ذلك في أرباح إستثمار المدخرات ، وكل ذلك يرتبط بظروف العمل وأفراده . يمكن تجربة ذلك بدون خسائر مقارنة مع أرباحه و دون تكاليف لانه و كما تقدم يتم تنفيذه دون أي دعم مالي و دون أن يكون إملاءاً من الإدارة العليا كي يقاوم و يعارض و بصورة لا مركزية و بعيداً عن الأمراض البيروقراطية والتدعيم البيروقراطي ، بل يمكن تجربته بصورة محدودة في مؤسسة واحدة او أكثر كنموذج لتقييم التجربة لاحقاً بشرط أخذ أثارها التراكمية بنشر تطبيق الخطوة بشكل موسع على جميع المؤسسات ، و العيب الكبير في هذه الخطوة انها صغيرة او تبدو صغيرة والذي شجعني على ذكرها ما قرأته للدكتورريتشارد كارلسون واذكره بالنص : لا تستهن بالخطوات البسيطة (غالباً ما يستهين الناس بالخطوات البسيطة ، حيث يرون أن هذه الخطوات ليست كبيرة بما يكفى ولن تحقق الغرض المطلوب . كما أنهم قد يخافون من استهزاء الآخرين بهم أو النظر إليهم على أنهم ضعفاء ، و الكثير من الناس يخشون كثيراً من اتخاذ خطوات بسيطة تجعلهم لا يفعلون شيئاً فى نهاية المطاف . ولو كان النجاح سهلاً لكنا جميعاً من الناجحين ، و قد تكون استراتيجيات النجاح – مثل التى نقدمها فى هذا الكتاب – بسيطة و لكنها ليست دائماً بالشىء السهل ، وهذه الاستراتيجيات ليست إلا مجرد خرائط للطريق و دورك أن تخوض الطريق على ضوء هذه الخطط . و قد سألنى الكثير عن الطريقة المثلى لتأليف كتاب و كانت إجابتى واحدة: ما عليك إلا أن تبدأ فى الكتابة دون أى انتظار ، فحتى إذا لم تتمخض محاولتك إلا عن كتابة فقرة واحدة أوحتى جملة . فهذا أفضل من لا شىء،وهناك مفهوم خاطىء شاع بين الناس مفاده أنك إذا تمهلت قبل أن تبدأ فسيأتي عليك يوم تستيقظ فيه من نومك لتجد لديك الحماسة لأن تتخذ خطوة عملاقة ، و أستطيع أن أؤكد لك أن هذا ممكن و قد يحدث لك ، إلا أن بإمكانك أن تزيد من فرص اتخاذ خطوات عملاقة إذا بدأت أولاً باتخاذ الخطوات البسيطة ، و قد بدأ كل أطفالى المشى بخطوات بسيطة وهم في السنة الأولى من عمرهم ، أما الآن فأنا أستطيع بالكاد أن ألحق بهم فى المشى ، و هكذا فإن أية عملية كانت شخصية أو مهنية لابد أن تبدأ بخطوات بسيطة . و كثيراً ما نسمع من يقول : (( ليس لدى من المال ما يكفينى لأبدأ خطة ادخار ، إذ ليس بمقدورى أن أوفر سوى عشرين دولاراً أسبوعياً أو حتى شهرياً )) و أنا أقول لهؤلاء : هذا شىء عظيم و عليك أن تبدأ به . التزم بوضع 5% من دخلك فى مدخراتك .اخطُ خطوات بسيطة ، و بعد ذلك وعندما يزيد دخلك ستكون قد تعودت على الادخار، وهكذا تساعدك الخطوات البسيطة في الادخارعلى تعلم كيفية الادخار، و عندما لا يبدأ المرء بالخطوات البسيطة فالأرجح أنه لن يتخذ أبداً أية خطوة كبيرة . و لكى تكون ناجحاً فلابد وأن تركز على ما يمكنك فعله لا على ما لا يمكنك فعله ، والخطوات البسيطة هى الأداة و هى جزء ضروري فى رحلتك نحو النجاح والغنى ، وقد تكون راغباً فى ابتداء مشروع و لكنك تشعر أنه لا وقت لديك لفعل ما يقتضيه هذه المشروع . والحق أنه لا مشكلة فى هذا ، وماعليك إلا أن تبدأ فى اتخاذ الخطوات البسيطة ، افعل شيئاً ما ، اتصل هاتفياً لتسأل عن استخراج تصريح العمل أواذهب إلى المكتبة وتناول كتاباً يتحدث عن بعض نواحى العمل حتى يمكنك أن تجرى بعض البحث ، أو اجتمع بشخص خبير كل أسبوع حتى تحيط علماً بأبعاد العمل ، و بهذا و دون أن تشعر ستتحول خطواتك البسيطة إلى خطوات كبيرة .)كما في كتابه : لا تقلق بشأن كسب المال ص : 313-311 و سوف اذكر في القسم الثاني إن شاءالله من هذا البحث بعض خواطري و مشاهداتي الميدانية عن تفاني الأفراد في إبداع سبل مبتكرة لترشيد الإنفاق عند تطبيق هذه الخطوة الصغيرة ... انها صغيرة حقاً لكن نتائجها التراكمية المتنوعة كبيرة فهي حجر واحد تضرب به أكثر من عصفورين.
◄كيف أصـبح كارلوس سليم حلو ثالث أغنى شخص في العالم والأكثر ثراء في أميركا اللاتينية؟ ◄سلامة الإدارة المالية : نظام مانجو للتحقق من سلامة الإدارة المالية ◄بإخـتـصـار - 1- (الإدارة المالية)
|