مـع نـذرالـحرب الأهـلية على أرض العراق
المهندس فؤاد الصادق
العـشائـر العـراقية والفراغ القائم لـمصلـحة منْ ستحمل العشائـرالعـراقية السلاح ؟ ونيابة عن منْ ستحمل السلاح ؟ هذا هو حال الفراغ لا يبقى الإ قصيرا ويملئ بالممكن المتاح الأقرب و بسرعة ودون حاجة لإذن من أحد ومن كل ما تقدم يمكننا التكهن بأن العشائر ستحمل السلاح ويكون وزنها ثقيلا بل هي حملت السلاح لمنع التسلل لكن إذا إندلعت في العراق حرب الأخرين الأهلية !! : هلْ ستحمل العشائرالسلاح للردع والدفاع المحدود وبالقدر الذي تمليه ضرورة الضرورة ودون أن تتورط في الحرب وتصبح جزءا من المشكلة ؟ ولـمصلـحة منْ ستحمل السلاح ؟ ونيابة عن منْ ستحمل السلاح ؟ كيف يمكن تنظيم كل ذلك وبما لايتعارض مع الدولة المدنية الفتية الواعدة ؟ مفهوم المجتع المدني لايرفض اي مؤسسة لمجرد انها تقليديّة كما لايرفض القبيلة بل القبليّة ( التعصب القبلي )كما لايرفض الطائفة بل الطائفيّة ( التعصب الطائفي ) كما لايرفض العشيرة بل يرفض العشائريّة ( التعصب العشائري ) وكما لايرفض مفهوم المجتع المدني الأحزاب السياسية ومنها الأحزاب الدينية السلميّة. لكننا في الحكومة والمعارضة والأحزاب والنخبة ومع بناء الدولة الحديثة ضيقنا على أنفسنا بأنفسنا فحرفنا مفهوم المجتع المدني وحولناه الى أداة للإقصاء والحذف والهدم اومحاولة الهدم المتواصل للمؤسسات التقليدية ( إنْ صحَّ التعبير) والتي كانت قائمة كالعشيرة مثلا ، في الوقت نفسه منعنا وقمعنا من إنطلاق وبناء الأحزاب الديمقراطية الحرة بالمعنى الواقعي للحزب فضلا عن منع وقمع الأحزاب الدينية السلميّة فهدمنا المؤسسات والبنى الموجودة والقائمة وقبل أن نوجد ونبني البديلة اوالموازية اوالمكملة فكان الفراغ فوقعنا في شرك الإدمان على الإستبداد والتعصب له وتسويقه من حيث ندري اولاندري ليحرق اليابس والأخضر وماينتظر أعظم ( لا قدرالله ) وكنتيجة طبيعية لكل ذلك الإقصاء والإستبداد الطويل والخلط المقصود وغيرالمقصود في مفهوم المجتع المدني جاء العجز الكبيرعلى طريق تعديل اوتغيير النظام الكارتوني المقبور لصدام داخليا هذا الذي كان يفتقد الشعبية والشرعية والمشروعية ويسحق وفي وضح النهارالقيم والمباديء ويضرب جميع الحقوق الأساسية الأولية للإنسان العراقي وغيرالعراقي في حروبه العبثية الخارجية والداخلية فشاءت الأقدار الدولية والمصالح معها مع ذلك التفرج الأقليمي السائد ومعه العجز الكبير الذي أشرنا الى بعض أسبابه كي يتم سقوط الدكتاتورالصنم نتيجة الحرب الخارجية التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا ضد نظام صدام وبمساهمة تكاد تكون محدودة من قوى المجتمع المدني غير التقليدية والأحزاب،لأنها كانت محظورة وملاحقة تحت الأرض وفوقها في العراق وخارجه من قبل النظام وأزلامه ، فلا تجربة لها في ممارسة الحكم الديمقراطي اوالمعارضة السلمية العلنية اوشبه العلنية ونتيجة لذلك وماتلاه من أخطاء لأطراف خارجية وداخلية وتدخلات متواصلة وقع العراق في فراغ كبيراخر وملئ ذلك الفراغ يتطلب وقتاطويلا وجهدا كبيرا ومالا وفيرا و أمنا مستداما وثقة متبادلة ، والمتطلبات هذه متداخلة ومتشابكة فمؤسسات المجتمع المدني في العراق فتية وقليلة ولابد من دعمهاو تعزيز دورها بكل بجدية ، وهكذا الأحزاب والدولة ومؤسساتها والجيش وقوى الأمن والشرطة لكن كل ذلك البناء قد يستغرق أعواما وربما عقودا والإرهاب الأجنبي قد شدَّ الأحزمة لجرّ العراق الى الحرب الأهلية فتقسيمه بل كادت أبواب الجحيم أن تفتح بعد الإعتداء الوحشي الأثم في الأربعاء الأسود على مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام في سامراء وما رافقه وتبعه من إعتداءات وتداعيات مازالت متواصلة ومتفاعلةعلى غيرصعيد وفي العراق وخارجه. لقد نجحت المرجعيات وعلى رأسها الدينية هذه المرة في التهدئة بالدعوة الى ضبط النفس لكن العراق مازال يغلي في ظل غياب اي خطة عملية ميدانية علاجية وقائية تملئ الفراغ المتعدد الأشكال الذي أشرنا الى بعض جوانبه فقط ، ولاسيما أن التحليلات تتوقع إحتمال الوقوع من المزيد من الإعتداءات على المقدسات وبشكل يجعل الحرب الأهلية أمرا حتميا حتى أن بعض الدراسات صارت تدعو الى التخطيط لاحتمالات تمزق العراق وكأنّ الحرب الأهلية قادمة لامحالة مناشدة دول الجوار الاستعداد للسيناريو المؤسف الذي قد يسقط فيه العراق. إننا مدعون للتحرك بأقصى ما يمكن من السرعة وفي مختلف الإتجاهات لتدعيم التلاحم ومنع تصاعد وتيرة العنف واتجاهها نحو إشعال فتيل حرب أهلية ، ومع التمسك الراسخ بالخيار الديمقراطي الذي يضمن وحدة العراق وسلمه الأهلي ، وكذلك المجتمع الدولي والدول الصديقة والشقيقة والأطراف الأقليمية ودول الجوارمدعوة لذلك فإشتعال العراق يعني إشتعال المنطقة بأسرها وضرب الإستقرار في العالم برمته ، لكن هذه دعوات وأمال وربما أماني وعليه يجب التحرك وبسرعة لوضع : خطة وقائية علاجية ومن الطاقات العراقية الكامنة، وقائية لإبعاد العراق من الحرب الأهلية وعلاجية لتطويقها وجعلها إنْ وقعت ( لا قدر الله ) محدودة ما أمكن وتطويق أثاره المدمرة وإجهاض أهدافه المتمثلة في تدميرالعراق وتذبيح الشعب العراقي لتمزيق العراق . وأكبرطاقة كامنة في العراق تتمثل اليوم في العشائرالعراقية لملئ الفراغ الذي تبع سقوط الطاغية وإعادة التوازن تدريجيا الى العراق لأن نشر وتكريس قيم المجتمع المدني عملية تراكمية طويلة ولابد لها أن تستمر وبجدية ، وهكذا الأمرلبناء وتطوير مؤسسات المجتمع المدني العديدة الأخرى بينما العشائركقوة إجتماعية منظمة فاعلة هي جاهزة وقائمة وقوية أثبتت على طول التاريخ تفانيها في الدفاع عن العراق وسيادته وإستقلاله ومواجهة الدكتاتورية وهي في الوقت نفسه جزء من مؤسسات المجتمع المدني وفقا لمفهوم المجتمع المدني المفتوح وغيرالإقصائي كما تقدم ، ولا سيما أن العشائرفي غير دولة أثبتت قدرتها على إعادة إنتاج نفسها لتصبح أكثرإنسجاما وتفاعلا مع الديمقراطية والتخصص والخبروية كما سيأتي. فالمطلوب : دعم وتعزيزالدورالسياسي والاجتماعي للعشائرالعـراقية وتنظيم وهيكلة ذلك الدورالمتصاعد أصلا في إطاربناء الدولة المدنية الحديثة ونحن نعيش إرهاصات وتداعيات وتعقيدات المرحلة الحرجة الإنتقالية اليها وبما يضمن إستقلالية العشائرويكفل لها إعادة إنتاج نفسها وبما ... وبما ... الخ من الشروط والقيود الأخرى !! وجعلت باب الشروط مفتوحا لأنّ المسألة حساسة وضرورية والفكر السياسي النظري التقليدي له مواقف متعارضة كما أن بعض المثقفين يستهجن الفكرة او ينظر اليها بتواضع اويوصمها بالرجعية وهكذا هي فكرة بعض الأحزاب وبعض الدول لكن في المواقف النظرية والإعلامية فقط وربما تعود تلك النظرة السلبية الى أمور منها : 1- المنافسة والمزاحمة فالعشائر كمؤسسة إجتماعية منظمة قوية فاعلة قائمة ومفروضة على الواقع بشكل لايمكن أن تحذفها قوانين الأحزاب الإقصائية للدولة فالعشائرتزاحم وتنافس الدولة من جهة والأحزاب من جهة أخرى ، ولذلك نرى تنافسا مريرا وربما صراعا شرسا متواصلا بين الأحزاب الموالية والمعارضة للدولة من جهة وبين الدولة نفسها من جهة ثانية وبين الدول الأجنية من جهة ثالثة على كسب ود العشائر ورموزها واراءها في الإنتخابات والإستفتاءات والمواقف والتحولات ولاسيما الستراتيجية . 2- فشل اوتعـثـرالأحزاب لأسباب ذاتية تتعلق بالأحزاب نفسها كإنعدام الشورية والديقراطية والحرية والمراجعة والإنفتاح والمئسسة داخل الأحزاب وأسباب غير ذاتية ترتبط بقانون الأحزاب الحالي والسابق والنظام الإنتخابي ومانحوذلك الى جانب الملاحقة الفريدة والطويلة للأحزاب في النظام المقبور والتي حرمت الأحزاب من التجربة والمراس الميداني في السياسة والحكم والمعارضة السلمية في إطار الدولة المنتخبة فالحزب لايمكن أن يكون مدرسة لصناعة القادة والسياسيين الميدانيين المحنكين الواقعيين في ظل معارضة تعيش تحت الأرض سواء كانت في البلاد اوفي المنفى !!بلغ ما بلغ التنظير والفكر الحزبي . المهم ذلك التنافس والصراع يجب أن لايقود نا الى التعصب فنغفل الخلل الذي يكتنف العمل الحزبي كما يجب أن لا يقودنا الى تجاهل هذه الطاقة الكامنة الكبيرة للعشائرفي ظل الفراغ التنظيمي المتنوع الذي غرق فيه العراق منذ سقوط النظام ، فالأحزاب لايمكن أن تلعب دور العشائر، كما أن العشائر لايمكن أن تلعب دور العشائر، كما أن الدولة بمؤسساتها وقواها المسلحة لايمكن أن تلعب دورالعشائر في المجتمع العراقي وعلى أقل تقدير على المدى القصيروالمتوسط ، فالبحث ليس بحث بدائل بل بحث أدوارمتوازية مكملة في الحاضروالمستقبل . لقد كان فالإمام الشيرازي الراحل ( ر ) مع تمسكه القديم والراسخ والمعروف بالديمقراطية والشورية والدورالإيجابي الكبيروالضروري للأحزاب والمؤسسات الأخرى يؤكد على ما هو آت وبتصرف وإختصار : (( أن إستقرارالعراق يتوقف على أمور أساسية منها توزيع السلطة واشتراك العشائر في السطة كمافي كتابه عوامل الإستقرار في العراق وغير ذلك من الكتب والمحاضرات ) انها الواقعية المستمدة من الإسلام حيث لم يعمل إطلاقا الرسول الأكرم صلى الله عليه واله على إلغاء العشيرة بل عمل جاهدا وبمرحلية على إلغاء العصبية العشائرية والتعصب القبلي وأستثمرها لصالح الرسالة على أحسن وجه وعمل ومهد لها لإعادة إنتاج نفسها ... إنه مفهوم المجتمع المدني المفتوح (( الذي اكتشفه المثقفون العرب أخيراً ، والذي نظر له هيجل ، من أجل ذلك بدأ مفهوم المجتمع المدني في إجراءات طلاق النزعة الأتاتركية ، و بدأ في التبلور خطاب جديد ، يستنكر كل استبداد أياً كان هدفه . من أجل ذلك بدأت الأصوات تنادي بالمجتمع المدني المفتوح للجميع ، كجابر عصفورو عبد الإله بلقيز ، ومحمود أمين العالم و ميشيل كيلو ، و محمد كامل الخطيب و عبد الرحمن منيف و غسان سلامة ، عندما أدركت أن استبداد الدولة أياً كان اتجاهها هو المشكل )) ( نقلا عن كتاب ثلاثية المجتمع المدني – أبو بلال عبدالله الحامد - ص : 51- 50 والذي يوصي بمراجعة كتاب : المثقفون العرب من سلطة الدولة إلى المجتمع المدني : بو علي ياسين ) نعم إذا كانت السياسة كفن تعرف بأنّها فن الممكنوكان فهم الواقع البداية لإستكشاف الممكن للتمييز بينه وبين المستحيل من جهة والطموح من جهة اخرى فهذا هوالواقع أمام الجميع وليس في العراق الجريح فحسب بل في غيره ايضا من الدول النامية ديمقراطيا . الدراسات والمقالات التي تعكس الدورالمتصاعد للعشائرفي العراق وغيره كثيرة سواء من الجهات المعارضة اوالموافقة لذلك الدورنذكرمتطفات لبعضها وللمثال لا الحصر : - (( ... حتى ان سقط صدام وجد الامريكان والساسة العراقيون الجدد ان استمالة العشائر امر شديد الاهمية فكان ثمرة ذلك ان يكون اول رئيس لجمهورية العراق (غازي الياور) رجل عشائري ومع ذلك فالعشائرية ليست بالامر المرفوض بقدر ما تعمل للمصلحة العليا للدولة وان لا يتعارض وجودها مع وجود مؤسسات مدنية يحترم في الانسان ... كما عن مجلة ينابيع العدد اكتوبر 2005 ). (( ... واذا تحالف رجال العشائر مع رجال الدين فسوف يتمكنون من بسط سيطرتهم الكاملة على مقاعد البرلمان وسوف تعجز اي قوة سياسية من ازاحتهم او التلغب عليهم في الانتخابات كون المجتمع العراقي يسير بأتجاه التعصب الديني والعشائري والطائفي، والخوف على النخب التي تدعو الى مجتمع مدني مؤسسي من ان تنصهر ضمن البنى العشائرية والدينية بهدف كسب اصوات الناخبين الذين يصوتون للعشيرة والدين بدون تردد لكنهم يترددون من التصويت لأي حزب او حركة لا يدركون ما الذي يعني توجهها ودعوتها الى بناء مجتمع ديمقراطي خالٍ من العصبوية. لذلك ان شئنا ام ابينا نحن واقعون تحت تأثير تحالف محتمل لرجل العشيرة ورجل الدين للسيطرة على مقاليد السياسة في بلد حكمته القيم العشائرية منذ مدة ليست بالهينة ... كما عن المصدر السابق )) - ((... ونتيجة لذلك تم الحد من قدرة منظمات المجتمع المدني ، خاصة الأحزاب السياسية،من القيام بدور فاعل بعد انهيار الدكتاتورية، الأمرالذي سمح للمؤسسات التقليدية ومنها العشائرية بتعزيز دورها السياسي والاجتماعي- كماعن فاخر جاسم في : أسباب وآثارانبعاث العشائرية في العراق )) - (( لاسيما المؤسسة الدينية والعشائرية والتي سيستمر دورها فاعل في السياسة العراقية حتى نضوج المجتمع العراقي ونجاح المحاولات الخجولة لاستنهاض قيم مجتمع مدني مؤسساتي في العاصمة بغداد على الاقل – كماعن : عباس عبود سالم: منسق مشروع ثروة في بغداد )) - كان للمرء أن يلاحظ بسرعة حالة الرضا والارتياح التي كانت بادية بوضوح على وجوه قيادات حركة حماس ومرشحيها للانتخابات التشريعية في المنطقة الوسطى من قطاع غزة اثناء زياراتهم لدواوين العشائر البدوية التي تقطن في قرى الزوايدة ووادي السلقا وأبو العجين ومحيط «دير البلح». هذا الشعور كان مبرراً تماماً اذ ان بعض هذه العائلات في هذه المناطق كانت تؤيد بشكل تقليدي حركات فلسطينية أخرى، سيما حركة «فتح» لذا لم يكن لمرشحي حماس أن يحظوا بكل هذا الترحاب في تلك المناطق وبنفس الزخم لولا أن الحركة أقدمت على ما يوصف هنا بأنه «ضربة معلم»، باضافة الى قائمتها للانتخابات، المهندس احمد بن سعيد وهو احد القيادات الشابة في الحركة. ورغم أن سعيد شخصية تحظى باحترام واسع داخل اطر حركة حماس في المنطقة الوسطى، الا أنه كان واضحاً أن الاعتبار العشائري كان حاضراً بقوة عند اختياره، فمن اجل منح سعيد مكانا في ... كما عن صالح النعامي – غزة وتحت عنوان : الفصائل الفلسطينية راعت الاعتبارات العشائرية لدى تشكيل قوائمها الانتخابية كسبا للأصوات. )) - ((العائلية تحكم : ... وقد عمدت السلطة إلى هذا المخطط من خلال الخطوات التالية: إعادة الصلاحيات إلى... ومن العرض السابق يظهر مدى سعي السلطة لتفعيل العشائرية والقبائلية في المجتمع الفلسطيني ورغم ان هذه السمات هي موروث تاريخي في المجتمع الفلسطيني إلى انه تحول في عهد السلطة إلى هدف سياسي حيث استسهلت السلطة الحصول على الولاءات العائلية خصوصا الكبيرة منها بمنحها بعض الامتيازات ، إلا إنها كانت لن تستطيع ذلك اذا ما بقيت قوة للفصائل الفلسطينية وخصوصا المعارضة منها كما عن مجلة العصر - تقاريرإخبارية – 14- 10-2002 تحت عنوان : )) (( ... وكان د. إياد السراج مدير برنامج غزة للصحة النفسية قد اعتبر في مقال له أن المجتمع الفلسطيني شهد عودة الانتماء القبلي.فبدلاً من أن يكون الانتماء وطنياً، فإن الناس حددوا أنفسهم ضمن الدائرة القبلية، لأن فقدان الأمل في العملية السلمية والتدهور في الاقتصاد وإحساس المواطن بالاغتراب والعجز والخوف أدى إلى شعور الناس بعدم الأمان. ومما زاد هذا الشعور أن السلطة الفلسطينية اتبعت الخارطة وأثبتت الفوارق القبلية في حكم الشعب. فإذا أراد أي شخص أن يحقق مصلحة فعليه أن يكون من عائلة كبيرة أو عضواً كبيراً في فتح. وسلطة القانون ضعيفة لأن الأجهزة الأمنية لا تتقيد بها، ولا تنفذ السلطة قرارات المحكمة العليا. وقال: في هذا المحيط يعتمد الناس على عائلاتهم لتوفير الحماية لهم كما عن المصدر السابق )) - ((... هكذا انقضت الانتخابات النيابية العامة، وافرزت مجلس النواب الرابع عشر كنقطة تحول في المسار الديمقراطي الاردني، وأفرزت الانتخابات نواباً ينتمون الى عشائر اردنية اصيلة كبيرة او صغيرة وفي نفس اللحظة كنتيجة فشلت الاحزاب السياسية العريقة في ابراز قوتها باستثناء حزب ديني واحد. والاسئلة هنا كثيرة ومتعددة حول هذه النتائج وهذه الظواهر السياسية والاجتماعية ومنها : لماذا فشلت الاحزاب السياسية؟ ولماذا نجحت العشائرية؟ .... كما عن د. امين المشاقبة تحت عنوان: نجاح العشائرية وفشل الأحزاب في صحيفة الرأي اليومية – 24-6- 2003 )) - ((... صحيح ان لدينا مؤسسات مجتمع مدني لكنها لا زالت في طور النمور ولم تقف على قدميها لإلغاء دور المؤسسات التقليدية وهنا لا يوجد تناقض بين الحالتين، ولا يوجد في نفس الوقت تناقض بين السلوك الديمقراطي الواعي وبين البنى الاجتماعية التقليدية في المجتمع الاردني، لأن العشائرية لم تقف عند نقطة معينة ولم تعق العشائرية التعليم، والوعي السياسي فهي واكبت بكل الوسائل عمليات التنمية السياسية وخلق الوعي السياسي بكل مراحلها وفي المجتمعات التقليدية من الممكن ان تكون البنى العشائرية التقليدية الاناء لاحتواء الديمقراطية والسلوك الديمقراطية القويم ومن هنا ممكن ان نطلق تسمية "الديمقراطية العشائرية" على الفرز البنى التقليدية في هذه الانتخابات ولم تعد البنى التقليدية في المجتمع بعيدة عن التغيير والتطور الذي يشمل كافة ارجاء الدولة بكل شرائحها ومكوناتها الاجتماعية والسياسية ... كما عن المصدر السابق )) هذه كانت بعض المقتطفات التي تعكس الدورالمتصاعد للعشائرفي العراق وأكثرها ذات تفسير سلبي لمشاركة العشائر في العملية السياسية وقد أشرنا الى بعض أسباب ذلك وسنتناول ذلك بتفصيل أكثرمستقبلا لكن جميعها تتفق على الدورالفاعل والهائل والكبير للعشائرفي العراق ؟ وإلا لماذا الجميع متهافتون على كسب ودّ العشائر ؟ نعم الجميع : الأحزاب والحكومة والبرلمانيون والمرشحون بل وحتى الدول الخارجية ... لـماذا ؟ كما تتفق المقتطفات المتقدمة على الفراغ الذي وجد فجأة بسبب سقوط صدام في العراق اوبسبب بعض الحريات والإصلاحات في الدول الأخرى كماتؤيد بقاء قسم من ذلك الفراغ لضعف أداء الأحزاب وغيرها وجدة الدولة المدنية وضعفهاومانحوذلك. نعم هناك من يحاول تجنييد العشائر كمؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني لخدمة مأربه وأهدافه بعد أن يحول العشيرة الى العشائرية والتعصب العشائري وليس بحثنا في هذا الإطاروقد أشرنا في بداية البحث الى الفرق بين العشيرة والعشائرية فالعشيرة من هذه الناحية حالها حال الحزب الذي يمكن أن يقع أسير التعصب الحزبي والنظرة الحزبية الضيقة ونظرية الحزب الواحد المهم الحزب سلاح ذو حدين وكذلك هي العشيرة . نحن بحاجة الى مراجعة لكثير من المفاهيم وفيمايخص هذا الموضوع فان جزء من المشكلة يرجع الى انه في الأدبيات السياسية العربية الحديثة جرت العادة على اطلاق صفة القبيلة ( اوالعشائرية وهي الاكثر رواجا ) على نمط من الظواهر اوالعلاقات اوالافكار اوالسلوك لوصمها بالارتباط بالاشكال الاجتماعية والثقافية السابقة على المجتمع الحديث ( اهمية رابطة القرابة ، الاعراف بدل القانون المدني ، المسؤولية الجماعية بدل مسؤولية الفرد ...الخ ) لكن استخدام هذا الاصطلاح لايتميز بالدقة ، بمعنى انه لا يعني بالضرورة ان الظواهر التي يصفها هي ظواهر قائمة في التنظيم القبلي – البدوي . وهو يكاد يكون مرادفا لصفة التخلف والاستزلام والعصبية وتغليب المصلحة العائلية على المصلحة الوطنية اوالعامة كما في : موسوعةالسياسة – ج- 4- 759 . كما اننا بحاجة الى مراجعة لكثير من مواقفنا ومنها معارضة دورالعشائروعدم دعم وتفعيل دورها ووصم ذلك بالرجعية والتناقض مع الديمقراطية وما الى ذلك من ذرائع لتبريرالإقصائية والنزعة الأحادية وإهدار الطاقات والتفريط أجل دخلت العشائر معترك السياسة ومن بوابة الديمقراطية المتاحة في العراق بل بدأت بعض العشائرالحدودية تحمي بعض حدود العراق من تسلل الإرهابيين الأجانب وترردت أخبارعن توافرالسلاح وتوفيرالإمكانات لكن مع نذرالحرب الأهلية التي يرفضها جميع اهل العراق : مـا هوالدورالذي يمكن أن تلعبه العشائر في العراق في ظل الفراغ القائم والذي يمكن أن يتعاظم مع الرصاصة الأولى لحربهم التي سموها بالحرب الأهلية ؟ وفي إتجاهين : الأول : الوقاية من وقوع الحرب الأهلية بدعم السلم الأهلي وإنعاش الأخوة والتفاهم والتلاحم والسلام وضبط الحدود جميع الحدود وبصورة قانونية وحازمة لمنع تسلل الإرهبيين الى العراق من جهة وإدارة الأزمات والفتن والصراعات والإختلافات في بداياتها ولاسيما تلك التي يمكن أن تشكل مناخا لتفجير الحرب الأهلية وكل ذلك بموازة الدولة وقواتها المسلحة . الثاني : المعالجة والتطويق لتحديد مساحة الحرب الأهلية إنْ وقعت لا قدر الله بمنع أي تدخل او دعم للحرب الأهلية من الخارج وحماية الأماكن المقدسة لجميع الأديان والمذاهب وتقليل خسائرهاعلى الشعب والدولة ومؤسساتها وعلى الوطن ووحدته وإنعاش الجهود لتحييد منْ يمكن تحييده لمقاومة الحرب وعدم الإشتراك فيها ومانحو ذلك . لابد من الإستعداد لجميع السناريوهات المحتملة وحتى توفير مايسد الفراغ القائم والذي يمكن أن يقفز والى درجات مرتفعة مع الحرب المسماة بالأهلية والفراغ يملئ وأتوماتيكيا وبسرعة فائقة وبشكل لايمكن التحكم فيه فيجب إكتشاف طاقات جديدة في مجتمعنا العراقي بل يجب إختراع طاقات جديدة لا التفرج والإنتظار حتى وقوع الكارثة ولنا في تعثر الحكومة في ضبط الحدود لمنع المتسللين خير مثال وتجربة ؟ لماذا التعثر في ضبط الحدود ؟ لقلة أفراد القوات المسلحة النظامية ولـ ... الخ . إذن هناك فراغ قائم وبهذا الحجم وقبل إندلاع الحرب الأهلية . ولذلك حاولت بعض العشائرملئ الفراغ فبالأمس أنضمت العشائر السنية في الحويجة إلى الحرب ضد الزرقاوي وقبلها بعض عشائرالانباروقبل ذلك اعلن شيخ مشايخ الكرابله من على قناة الفيحاء غلق الحدود الواقعه بين المثلث السوري والاردني والسعودي بوجه المتسللين الذين يحملون معهم الموت للعراقيين بتفجير أنفسهم او سياراتهم المفخخه مضيفا: الإرهابيون سوف يلقون العقاب على ايدي رجال عشيرة الكرابله واقله الموت وعلى صعيد اخردشنت عشائر "المنتفق" المتمركزة في الجنوب العراقي (في الناصرية وفي امتدادات وجودهم بالسماوة والكوت والبصرة) أخيراً تكتلاً قبلياً قالت: إنه يأتي استجابة طبيعية للمخاطر المحدقة بالعراق. هذا هو حال الفراغ لا يبقى الإ قصيرا ويملئ بالممكن المتاح الأقرب و بسرعة ودون حاجة لإذن من أحد ومن كل ما تقدم يمكننا التكهن بأن العشائر ستحمل السلاح ويكون وزنها ثقيلا بل هي حملت السلاح لمنع تسلل الإرهابيين عبر الحدود لكن إذا إندلعت في العراق حرب الأخرين الأهلية : هلْ ستحمل العشائرالسلاح للردع والدفاع المحدود وبالقدر الذي تمليه ضرورة الضرورة ودون أن تتورط في الحرب وتصبح جزءا من المشكلة ؟ ولـمصلـحة منْ ستحمل السلاح ؟ ونيابة عن منْ ستحمل السلاح ؟ كيف يمكن تنظيم كل ذلك وبما لايتعارض مع الدولة المدنية الفتية الواعدة ؟
|