وقفة مع توصيات مجموعة الأزمات الدولية لتمكين العـراق :

                                     من تجاوز محنة الحرب الأهلية والتخطيط لإحتمالات تمزق العـراق!!

 

 

المهندس حسين جهاد

 

أصدرت مجموعة الأزمات الدولية تقريراً مفصلاً باللغة الإنجليزية حول الوضع في العراق بعد الأحداث المتسارعة الخطيرة التي تبعت الجريمة النكراء للإرهاب الأجنبي بتفجير مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام، ونشرت المجموعة التي تصف نفسها بغير الحكومية تقريرها المذكورعلى موقعها الإلكتروني في 27- 2- 2006 فيما قامت الجارديان البريطانية بتسليط الضوء في اليوم نفسه على تقرير المجموعة التي تقول فيه:

((إنّ الخلاف بين السنة والشيعة يهدد بتمزيق العراق إربا إربا))

 وذكرت الصحيفة من بين التوصيات التي تضمنها التقرير التالي :

1-   تشكيل حكومة وحدة وطنية يتم فيها إشراك السنة إشراكا حقيقيا بدل الاكتفاء بمشاركة رمزية .

2-    تركيزالحكومة الجديدة على قضايا الشغل والخدمات الأساسية والأمن.

3-   تفكيك سلاح الميليشيات وتعديل الدستور بحيث يسمح بتبديد مخاوف السنة.

4-   تشجيع المانحين للمشاريع التي تضمن الاختلاف والتنوع في الأعراق .

5-   إعلان الولايات المتحدة عن تاريخ لسحب قواتها من العراق .

6-   التخطيط لاحتمالات تمزق العراق.

قبل التعليق وبإختصارعلى التوصيات الست وفيما يرتبط بإدعاء المجموعة بأن الخلاف بين السنة والشيعة يهدد بتمزيق العراق إرباً إرباً!! أقول:

ليس هناك إحتقان إجتماعي بين السنة والشيعة بل هناك إحتقان سياسي مفتعل من قبل بعض القوى السياسية المحدودة التي تريد بالرهان على الخارج من جهة، وعلى الإرهاب الأجنبي الوارد من وراء الحدود من جهة ثانية حجماً أكبر من واقعها الذي عكسته نتائج الإنتخابات، والخلافات الأقليمية والدولية العريضة المتصاعدة التي اختارت العراق ساحة لها بين الموافقين للديمقراطية والمخالفين لها طبقاً للمصالح التي تدرها معاداة أو محاباة الديمقراطية هي التي تهدد بتمزيق العراق إرباً إرباً، وليس الخلاف الإجتماعي المعدوم أصلاً بين السنة والشيعة هو الذي يهدد بتمزيق العراق أربا أربا، فالمتهم في الأفعال وردود الأفعال هو الإرهاب الأجنبي قبل جريمة الأربعاء الأسود وبعدها. وفيما يخص التوصيات الست لمجموعة الأزمات الدولية نقول :

التوصية الأولى:

تسمية حكومة الأمرالواقع الخاصة بالحروب والثورات والكوارث الكبيرة ولفترة محدودة والتي يراد تشكيلها إستناداً الى المحاصصة والطائفية والإرهاب بأسم حكومة الوحدة الوطنية للإلتفاف على الإستحقاقات الإنتخابية لوأد الديمقراطية فالإبقاء على العراق ضعيفاً وقابلاً للإبتزاز فالتقسيم.... نعم لقد تمّ رفع شعار حكومة الوحدة الوطنية قبل كارثة الأربعاء الأسود وهذا الشعارهوالذي ساق ومازال يسوق العملية السياسية نحو الإنسداد السياسي الذي طال وطال حتى جاءت الكارثة لتدفع البلاد نحو هاوية الحرب الأهلية كي يقال:

 ها هي شبح الحرب الأهلية أو هاهي الحرب الأهلية بتمامها وكمالها أمامكم، فأما ان تقبلوا بحكومة الوحدة الوطنية أو تتجرعوا الحرب الأهلية ومآسيها وتمزيق العراق اربااربا أوتنتظروا الرجل الحديدي القوي الذي سيبعث في هيئة سوبر صدام جديد، فإذا كان الإصرار على حكومة الأمر الواقع بأسم حكومة الوحدة الوطنية هو الذي قاد الى الإنسداد السياسي والمغالاة في قلب الإستحقاقات الإنتخابية مما حفزّ وحرّض الإرهاب الأجنبي على فعلته النكراء ..نعم إذا كان الأمر كذلك :

 فكيف يوصف الداء كدواء؟

هذا إضافة الى ان حكومة الأمرالواقع الطويلة الأمد والتي تسوق باسم حكومة الوحدة الوطنية هي التي تقود الى الحرب الأهلية كما في التاريخ القديم والحديث ولبنان واحدة تكفينا، اضف الى ذلك ان الديمقراطية هي التي تكرس الوحدة الوطنية وتصونها لا العكس.

التوصية الثانية :

تركيز الحكومة الجديدة على الأمور الأساسية المذكورة ضروري ولابد منه لكن انّى للحكومة الجديدة ذلك؟

والإصرار متواصل على تشكيل حكومة امرواقع لايمكن أن تكون فاعلة ومتفاعلة ومستقرة ومتجانسة وقوية ومتفاهمة وذات قاعدة شعبية، فالأهداف المذكورة في هذه التوصية تبقى عصية على التحقيق في ظلّ الإصرار على حكومة الأمرالواقع المسماة بحكومة الوحدة الوطنية التي يشترك فيها الجميع فتكون حكومة بلا معارضة!

التوصية الثالثة:

تفكيك سلاح المليشيات ايضاً ضروري ولابد منه، لكن :

 اين الخطة؟

واين البديل؟

ومنْ ينفذ ذلك التفكيك مع الإرهاب الأجنبي المتنامي؟

فلابد من حكومة ديمقراطية قوية ووفقا للإستحقاق الإنتخابي لتوفير الخطة والبديل والتنفيذ المتوازن الذي يبدد المخاوف العامة والخاصة بهذا الفريق أو ذاك، ولابد من قوات عسكرية كافية لتحاشي الفراغ وتكريس سيادة القانون والتوازن.

التوصية الرابعة:

إذا كانت اللبنة الأولى للدولة قد بنيت على اساس حكومة الأمر الواقع والطائفية والمحاصصة كما تدعون وتصرون، فستكون ضعيفة وغيرفاعلة وغير متفاعلة مع التعددية والإندماج والتعايش :

 فما فائدة تشجيع المانحين للمشاريع التي تضمن الاختلاف والتنوع في الأعراق ؟

التوصية الخامسة:

إستكمال سيادة العراق بإنسحاب جميع القوات متعددة الجنسيات هدف وطني مقدس لايمكن التفريط به بحال من الأحوال لكن التوقيت اوالتنفيذ الخاطئ لذلك الإنسحاب قبل إبداع البديل النظامي العسكري العاجل المتقن(كقوة العشائرالوطنية) لذلك سيدفع وبسرعة البرق البلاد الى هاوية الحرب الأهلية، لانه سيترك فراغاً مدمراً كبيراٍ في ظل الإرهاب الأجنبي المتنامي الذي ازداد غروراً ووحشية وغلواً وطمعاً مع بدء الحوار مع بعض اجزائه وإستمرار الإنحياز لأذرعه التي مابرحت تعمل مستمية لضرب الديمقراطية وإلغاء الإستحقاقات الإنتخابية وتكريس حكومة الأمرالواقع.

التوصية السادسة:

والتي تدعو الى التخطيط لإحتمالات تمزق العراق وهي إنْ دلت على شئ إنما تدل على الخطر الكبيرالمحدق بوحدة العراق والإصرارالأكبر لتفجير حرب طويلة على الأرض العراقية لاناقة ولاجمل للعراقيين فيها لتمزيق العراق وتذبيح شعبه وباسم الحرب الاهلية العراقية (!)

والمؤسف في التقريرأنه يحاول اللعب بورقة الطائفية المقيتة لزيادة سقف المطالبات والغلو والمغالاة والقلق ( قلق الأقلية ) والقلق المضاد ( قلق الأكثرية ) كرد فعل وذلك بنصه في التوصية الأولى :

على تشكيل حكومة وحدة وطنية يتم فيها إشراك السنة إشراكا حقيقيا بدل الاكتفاء بمشاركة رمزية .

هلْ كان إشتراك الإخوة السنة رمزيا ؟

وفي التوصية الثانية :

تفكيك سلاح الميليشيات وتعديل الدستور بحيث يسمح بتبديد مخاوف السنة.

ألا تستحق وأزمة الثقة لدى جميع الأطراف إعادة الهيكلة والبناء خطوة خطوة بواسطة الدستور والعمل الدستوري ؟

علما ان الدستور الدائم الذي تم إقراره قابل للتعديل في إطارمحدد،فالتعديل أمر مفروغ منه في الإطار الذي عينه الدستور :

فهلْ المراد تعديله وبأكثرمما يسمح به الدستور الدائم  ؟

إذا المراد تجاوز الدستورالدائم والعودة الى المربع الأول وكأنّ الإستفتاء عليه لم يكن ، والإنتخابات ولمرتين أيضا لم تكن ، وكأنّ المطلوب بات الإنقضاض على الديمقراطية تماما تمهيدا لحرب غير أهلية على أرض العراق وبأسم الحرب الأهلية التي يرفضها أهل العـراق جملة وتفصيلا وعقلاءه وحكماءه ، لكن:

 اينْ خطتخهم الميدانية ؟

 اينْ توصياتهم العملية ؟