شيماء احمد شعبان : ازمة البحث العلمـي في مصر : التحديات والحلول

 

حصلت مصر على "صفر" في البحث العلمي، فلم يسجل أي بحث مصري أهمية تذكر وسط 60 بحثا علميا من الشرق الأوسط بالرغم من أن البحث العلمي هو قاطرة التنمية في المجتمعات خاصة النامية منها، حيث ينعكس ايجابيا علي مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية، ويقاس تقدم الأمم بما تنفقه علي البحث العلمي،

ومصر تعتبر من أقل دول العالم انفاقا علي البحث العلمي حيث لا تتجاوز نسبة الإنفاق علي البحث العلمي 5% من حجم الدخل القومي في مصر منذ عشرات السنين ولم تزد عن ذلك!.

وتبلغ ميزانية البحث العلمي في مصر نحو 525 مليون جنيه منها 162 مليون جنيه ميزانية المركز القومي للبحوث، و64 مليون جنيه ميزانية اكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، و64 مليون جنيه ميزانية الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء.

والتقرير التالي يتناول أزمة البحث العلمي في مصر والمعوقات الرئيسية التي تواجهها وسبل الحل، وقد طرحت جريدة "التعاون" عددا من محاور الأزمة عليى بعض الخبراء والمتخصصين، في البداية يقول دكتور فاروق ابراهيم حمودة ـ أستاذ علوم الليزر بالمعهد القومي لليرز بجامعة القاهرة ـ إن التقدم في البحث العلمي عملية بسيطة جدا، ولكن هذا لا يحدث لأن البحث العلمي في مصر مجرد عملية تمثيلية وإن التقدم العلمي يحتاج إلى صحوة علمية وإلي من يهتمون بمصلحة البلد، وهذا لن يتأتي إلا من خلال أن يتولى ذلك المختصون بالبحث العلمي وليس مجرد موظفين لا يدركون أهمية البحث العلمي ودوره في تقدم الأمم خاصة أن الذين يقودون المراكز البحثية في أغلب المجالات لا علاقة لهم بالبحث العلمي.

"مناخ ديمقراطي"

ومن جانبه يري دكتور حافظ حجي رئيس هيئة المحطات النووية السابق ـ أن البحث العلمي لا تكفيه الأجهزة ولكن أن يعمل هذا البحث في حرية كاملة، وأن يرعي البحث مناخ ديمقراطي ونوع من العدالة فهذا هو المحك الحقيقي والمسألة ليست امكانيات تكنولوجية وانما من خلال ضمان استمرارية هذا البحث العلمي.

"الميزانية لا تكفي"

ومن جهته يؤكد دكتور عبدالعاطي بدر ـ نائب رئيس هيئة الطاقة النووية ـ أن ميزانية مصر للبحث العلمي لا تكفي إلا أن تكون لرواتب الباحثين فقط وليس من أجل بحث علمي يفيد ويطور المجتمع المصري مما أدى الى تحول الابحاث الي دراسات كلاسيكية لا تحمل جديدا وأغلبها شكل واحد وتقليدي ولا يعطي استمرارا وتطورا في المجالات المختلفة في المجتمع.

"ضعف الإمكانيات"

وأرجع عادل المهدي ـ خبير اقتصادي ـ ضعف البحث العلمي الي ضعف الإمكانيات في الداخل فالباحث يصرف على دراسته من راتبه الخاص فيما يوجد في الخارج اتفاقيات من أجل التطوير في مستقبل الدولة العلمي والنظري، وتحديدا أن الابحاث العلمية في انعزال تام عن المجالات العلمية والعملية أو حتي الابحاث النظرية وهذا يرجع إلي أن الاعوام الماضية لم تكن هناك خطة محددة للأبحاث العلمية مدرجة بخطة الدولة فالابحاث التي تنفذ لا تنطبق لضعف رواتب الباحث وكذلك لضعف البحث العلمي نفسه.

"14 مركزاً بحثياً"

ومن جهته يوضح دكتور ممدوح مدبولي نصر ـ أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد الزراعي بكلية الزراعة جامعة عين شمس ـ أن فوائد البحث العلمي الزراعي ومشتقاته تنبع أساسا من نتائجه واختلافه عن الانواع الأخرى من البحوث بتميزه باعتماده علي الطريقة العلمية في انتاج وتطوير المعلومة حيث يوجد 14 مركزا بحثيا علميا تابعا لأكاديمية البحث العلمي ينفق عليها سنويا نحو 200 مليون جنيه أي ما يعادل "0.03" و219 مركزا بحثيا علميا تابعا ودراسات بالوزارات و114 مركزا بالجامعات بلغت استثمارات البحث العلمي بها نحو 18 مليار جنيه لمشروعات البحث العلمي التابعة للقطاع الحكومي والهيئات الاقتصادية.

"البحث العلمي الزراعي"

أما دكتور حمدي سالم ـ أستاذ بقسم الاقتصاد الزراعي بجامعة عين شمس فيشير إلى ضآلة ميزانية البحث العلمي الزراعي في مصر والسبب أن أي بحث جاد في القطاع الزراعي لابد أن تكون له تكلفة وهي ليست بسيطة بل عالية جدا وتأتي الميزانية من مصدرين اما من الحكومة أو القطاع الخاص المستفيد من انتاج البحوث، وميزانية البحث العلمي الزراعي هامشية لا قيمة لها ولا يوجد في ميزانية الدولة أي مبالغ حقيقية للبحث العلمي الزراعي واذا وجدت هذه الأرقام فقط تعطي أجور العاملين كموظفين أما ما نقصده بتشغيل البحث العلمي الزراعي وهذا غير موجود فهو يحتاج إلي تجارب وكيماويات وأدوات وأجهزة وهذا بعيد عن الواقع العلمي تماما فالمصدر الثاني لتمويل البحث العلمي الزراعي القطاع الخاص و90% من نسبة المساحة الزراعية عبارة عن مساحات صغيرة مفتتة في أيدي مزارعين لا يعرفون شيئاً عن البحث الزراعي ولا يستطيعون القيام بالبحث الزراعي والنسبة الباقية غير مؤمنة بقيمة البحث الزراعي وهي فئة كبار المزارعين اذن ليس هناك طلب حقيقي على البحث العلمي الزراعي بعكس الدول الأوروبية المتقدمة هي التي تسعي للجامعات وتقوم بالتمويل، والحل الأمثل لهذه المشكلة هو عمل خطة بحثية على مستوي الدولة وتحدد الأولويات ويجب العمل بها في البحث العلمي ثم توضع ميزانيات حقيقية والتطبيق على المستوي الحقلي والجاد في التطبيق الواقعي فالحل من طرفين ويتبع تنفيذ الخطة من طرف أجهزة البحث ومن طرف الحكومة لتوفير هذه الميزانية ولكن بدون ميزانيات بحثية وبدون عمل جاد لا توجد نتيجة فلابد من تحديد المشاكل بشكل واقعي.