النسـبية من "ما بعد الحداثة" إلى "الرجعية العدمية الخلاقة" !     

                                                                         

د. م. فـؤاد الصـادق

تحرير : محمد الأمين

جمهورية العراق - تشـبيك للتنمية والدراسـات

تنويه : البحوث المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي المركز .

 القسـم الأول

 

هل النســبية من أدوات التفكيك والهرمنيوطيقيا الرجعية ؟

لإسـتنبات الشـك العدمي الظلامي في كل مكان وزمان ، وفي كل شـيء لإغراق الأفراد ، الجماعات ، المجتمعات ، الأمم ، الدول ، الحكومات ، والتعدديات الخلاقة في الحيرة المحيرة الهدامة لتمرير مخططات الرأسماليين الإمبرياليين من مراهقي "ما بعد الحداثة" بصورة ناعمة ؟

هناك منتجات قديمة جديدة رجعية معقدة - وعلى نحو مبالغ فيه - مثل النســبية ، الإعتباطية ، الإنطباعية ، الشـترواسـية ، والتفكيكية المنسـوبة إلى جاك دريدا ( فيلسـوف ما بعد الحداثة ) المسـروقة من شـنكرا الذي رحلَ من هذه الدنيا قبل آلاف آلاف الأعوام ، والتي بدت لمحترفي التسـطيح الهلامي الغامض بإسـم التبسـيط في فترة من الفترات سـمة لنوع جديد من النقد العبقري المبتكر ، وهي في الحقيقة أداة رجعية ، ماضوية ، بالية ، عتيقة ، غير أخلاقية من أدوات الخداع ، الإحتيال ، والمقامرة مثل بعض المنتجات المالية كالبيع على المكشـوف في أسـواق المال ، والربا المضاعف ، ولاعلاقة للتفكيكية من قريب ، أوبعيد بالعبقرية ، أوبالإبتكار ، أوالإبداع ، أوالحداثة ، أوالتجديد ، أوالتنوير إلا من جهة توقيت الإحياء ، وزمن الترويج ، وتقنيات التسـويق ، وسُبل التصدير ، وما نحـو ذلك  .

منْ المسـؤول عن ذلك ؟

لا شـك أن الجميع مسـؤولون عن الوضع المتخلف المعاش من ناحية الرفاه ، الحرية ، الديمقراطية ، الإيمان ، الأخلاق ، و ... الخ ، لكن المثقفين - بالمفهوم المتعدد للمثقف - يتحملون قسـطاً كبيراً من المسـؤولية ، وربما لذلك ، وغيره كانت مؤلفات مثل ؛ كتاب : "خيانة المثقفين" للكاتب المشـهور "جوليان بندا"، وكتاب : "الإله الذي فشـلَ" ! للمؤلف المعروف "روتشـارد كروسـمان" ، وكتاب : "مظاهر الأسـطورة" للباحث : "مارسـيا الياد" ، وكتاب الأسـتاذ "إدوارد سـعيد" تحت عنوان : "صور المثقف" ، أو"المثقف والسـلطة" ، أو"الآلهة التي تفشـل دائماً" ، وكتابات العلايلي وغيره تحت عنوان : "إني أتهم" ، والكتاب الشـهير "منْ يحكم أميركا" للكاتب "ديومهوف"  الذي أسـتكمل بحوث عالم الإجتماع الأميركي "ميلز" في كتابه : "نخبة القوة" ، والذي يذهب إلى أن القوة - بالمفهوم السـياسـي - تحتكرها في الولايات المتحدة الأميركية جهات رئيسـية ثلاث هي نخبة سـياسية محترفة قليلة العدد ، ورؤسـاء ، ومديرو الشـركات الاقتصادية والبنوك والمؤســسات المالية الكبرى ، والجنرالات من كبار ضباط الجيـش .

إضافة إلى عدد كبير ، وهائل من الدراسـات والبحوث المختلفة على طريق معالجة هذه المشـكلة ، وذلك مثل "صناعة الأسـطورة" و"النمذجة" في وسـائل الإعلام ( السـينما نموذجاً ) للباحث : "تيسـير مشـارقة" ، ودراسـة للكاتب : "السـيد يسـين" بعنوان : "نخبة القوة الأميركية" إضافة إلى إعلانات الموت المتواصلة التي تعلن موت النخبة ، رحيل الصفوة ، وهزيمة دكتاتورية المثقفين ! .

هناك منتجات قديمة جديدة رجعية معقدة - وعلى نحو مبالغ فيه - مثل النســبية ، الإنطباعية ، الشـترواسـية ، والتفكيكية أوالتقويضية  ؛ الشـترواسـية نسـبة إلى "ليو شـتراوس" -  الذي كان يكرهه أكثر المعاصرين له من علماء اإجتماع مثل ماكـس ويبر -  والذي يعتبره الكثيرون أســوأ أســتاذ للبعض من سـاسـة أميركا  حيث يذهب البعض إلى أبعد من ذلك ليعتبر "شـتراوس" الأب الروحي للمحافظين الجدد .

كانت له فكرة أسـاسـية تتلخص في : قراءة الأعمال القديمة بدقة ، وتعليم ... عذراً ... وترديد كتب الآخرين مثل أفلاطون ، وسـبينوزا ، ماكيافيلي ، هوبز ، وغيرهم فلم يكن لديه إنتاج خاص به سـوى بعض الملاحظات التجملية التفخيمية التعقيدية على الأعمال ... عفواً الكليشـات المذكورة المعروفة .

يضيف "إيرل شـوريـس" :

"أن لجنة الفكر الاجتماعي الشـهيرة لم تضم شـتراوس لصفوفها أبداً ، إلا أنه كان لديه مريدوه ولهؤلاء المريدين واجبان : الإسـتماع للأسـتاذ ثم نشـر فكره" ! .

ونحن نضيف بعد عبارة "ثم نشـر فكره" ؛ فقط ، فقط ، وفقط ، لا غير ، أي عليهم التسـويق المجرد الغامض ، والترويج المحض المعقد ، والنشـر المكثف في رسائل غامضة ، بواسـطة نصوص بسـيطة تُخبر نخبة النخبة ، أوصفوة الصفوة ، بالحقيقة وتنقل العكـس إلى الغالبية !! تحت عنوان ؛ "التنوير النبيل" ، أو"كذبة النبلاء النبيلة" ! بحســب أفلاطون إمام شـتراوس ، ومقلديه من الحداثويين .

وإنتشـر المرض الشـتراوسـي بين بعض الشـباب ، وصناع القرار  ليحط رحاله  إلى البيت الأبيض مع وصول إدارة الرئيـس ريغان قبل ربع قرن مضى في السياسة الاجتماعية والسياسة عموماً في البداية ثم في وزارة الدفاع لاحقاً ، وكان ما كان من الدمار ، التدمير ، تراجع ؛ منسـوب الديمقراطية ، جدوى التعددية ، معدل العدالة فالرفاه حتى في الغرب مقارنة بالعقود السـابقة .

سـؤال كبير يفرض نفسـه :

منْ أين تسـلل شـتراوس ، وجاك دريدا ، وشـنكرا ، وأبن عربي ، والنفري ، وأمثالهم إلى الفكر أوالثقافة أوالمعرفة البشرية ؟

الجواب : من ثغرة النسـبية الجديدة القديمة ... بعد تعميم النسـبية دون قيود ، وحدود بتطبيق النسـبية على كل شـيء عدا النسـبية نفسـها بعد الخلط بين ؛ العلم ، الحقيقة ، المعرفة ، الواقع ، الظاهر ، وبالتالي بين العلم الإبتدائي ( الظاهري ) ، العلم ( الواقعي ) ، والعلم ( البرزخي أوالإنتقالي ) ، وما نحو ذلك .

مـاذا يعني ذلك ؟

في دراستنا بعنوان : "الهرمنيوطقيا بين الإنعاش والإنتعاش والإصلاح" أخترنا ما هو آت مع الإشارة إلى خلفيات تلك الإختيارات ؛

- أصالة "اللاوحداية في العلوم".

- أصالة "اللاوحداية في اللغات" .

- أصالة "الفصل بين البيان والبرهان" .

- أصالة "الفصل بين العرفان والبيان".

- أصالة "كفاية الإطمئنان في المعرفة الدينية" .

-  أصالة "كفاية الإطمئنان المؤقت في العلوم" .

- أصالة "نسبيّـة النظرية النسـبيّة" .

وذكرنا فيما ذكرنا لذلك على سـبيل المثال :

قصة أكبر غلطة لأينشـتاين :

في القرن العشـرين ألبرت أينشـتاين ، كان قد انتهى من إثبات أن الكون لا يتغير من ناحية الحجم ، وكان هذا الإثبات مبنياً على نظريته النسـبية . لكن في سـنة 1922 كان ألكســندر فريد مان يدرس معادلات أينشـتاين . فعثرَ على غلطة في عمليات الجبر ، وعندما صححت أثبتت العمليات الرياضية أن الكون لا يبقي ثابتاً كما كان أينشـتاين يعتقد ، بل يتغير إما بالزيادة في الحجم أوبالنقص ، واعترف أينشـتاين فيما بعد بخطئه قائلاً :

( إن هذه كانت أكبر غلطة وقعَ فيها في حياته ) .

فقد وجدَ أدوين هابل بإسـتعمال منظار الطيف :

أن المجموعات النجمية البعيدة تزيد من حيث الإنتقال الأحمر عن القريبة منها ، أي أن خطوط الطيف بها تنتقل إلى الناحية الحمراء ، وهذا يعنى أنها تنتقل بعيدًا عنا .

وفى سـنة 1928 ربط "أدوين هابل" بين النظرية التي تبين أن الكون يتغير ، وبين ملاحظاته التي تبين أن المجموعات النجمية البعيدة تندفع بعيدًا بسـرعة أكبر من المجموعات الأقرب منها . ووضع نظرية للكون المتغير جاء فيها أن الكون بأجمعه يتمدد - ويصبح أكبر فأكبر . ولا يعني ذلك أن جميع المجموعات النجمية تبعد عن مجموعتنا ، بل إن كل مجموعة تتباعد عن كل مجموعة نجمية أخرى .

تردد وتشـكيك في النظرية النسـبية الفيزيائية :

نظرية آينشتاين حول النسبية تعتبر أحدى اسس الفيزياء الحديثة شكك بعض العلماء الأستراليين في واحدة من أهم النظريات العلمية التي تقوم عليها علوم الفيزياء الحديثة ، وهي النظرية النسبية التي توصل إليها العالم الامريكي الالماني الاصل ألبرت آينشتاين.

فقد قال فريق من هؤلاء العلماء إلى أن سرعة الضوء قد لا تكون ثابتة ، كما هو وارد في حسابات النظرية النسبية ، وهو ما قد يفتح الباب أمام اعادة النظر في أسس الفيزياء الحديثة.

ويقول الفريق ، الذي يرأسه عالم الفيزياء بول دافيز من جامعة ماكاري في سيدني ، إنه من المحتمل أن تكون سرعة الضوء قد تعرضت للإبطاء على مدى زمني فائق الطول قد يصل إلى مليارات السنوات.

والتغيير ربما حدث بعمق الكون وفي حال ثبوت مثل هذا الرأي فسيصبح أمام علماء الفيزياء مهمة كبيرة وهي إعادة النظر في الكثير من الافكار الاساسية المتعلقة بالقوانين التي يعتقدون أنها تتحكم بالكون.

وأضاف دافيز ، في تصريحات لوكالة رويترز للانباء ، أن من شأن أمر كهذا التخلي عن نظرية النسبية، لكن هذا لا يعني أبدا التخلي عن كل النظريات العلمية ، إذ إن الثورة العلمية بطبيعتها تدمج النظريات القديمة بتلك الجديدة.

وجاء الطرح الجديد والمثير في موجز لدراسة نشرت في مجلة نيتشر العلمية.

وقد قامت فكرة تغير سرعة الضوء على معطيات ومعلومات استخلصها جون ويب عالم الفلك في جامعة نيوساوث ويلز الاسترالية.

واثارت بيانات هذا العالم دهشة وحيرة الاوساط العلمية عندما لاحظ أن الضوء القادم من أشباه النجوم البعيدة في عمق الفضاء السحيق قد امتص نوعا آخر من الفوتونات الصادرة من الغيوم الموجودة بين النجوم خلال رحلته التي ربما امتدت 12 مليار سنة حتى وصوله كوكب الأرض.

ويقول دافيز إن تلك الملاحظات تعني أن تركيبة الذرات التي ينبعث منها ضوء اشباه النجوم مختلفة عن تركيبة الذرات في الانسان وإن بدرجة ضئيلة.

ولا يمكن ، حسب هذا العالم، تفسير هذا الاختلاف الا اذا كانت شحنة الالكترون او سرعة الضوء قد تعرضت لتغير ما.

وكان العلماء قد تمكنوا مطلع العام الماضي من تحقيق ما كان يعتبر ضربا من الأحلام المستحيلة ، إذ نجحوا في إبطاء سرعة الضوء ، بل إيصاله حتى نقطة الصفر في الحركة ، كما نجحوا في تخزينه وإطلاقه من جديد.

ويعرف عن الضوء إنه الأسرع في الكون، وهو يسير بسرعة تقترب من 297 ألف كيلومتر في الثانية ، لكنه يبطئ قليلا عند مروره ببعض عناصر المادة مثل الزجاج والماء.

وذلك نصاً ، ودون تعليق بحسـب "بي بي سي العربية" - الخميس 08/08/2002.

هل "الكومالوجيا" أيضاً تثبت أخطاء آينشتاين ؟

قال عزام المسلمي (مدير في دائرة الطاقة الانشطارية والاندماجية من مركز بحوث ودراسات اللجنة العلمية الفلسطينية ) لـ "دنيا الوطن" عن ماهية نظريته الجديدة ( الكومالوجيا )  :

"من المعروف في علم الفيزياء أن هناك تناقضاً بين النظريتين ؛ فالنظرية الكمية بنيت على أساس تجريبي ، وعندما نتكلم عن هذه النظرية فإننا نتحدث عن بالطبع عن نظرية كوبن هاجن ، وهذا الأساس يناقض الأساس الذي بنيت عليه النظرية النسبية لآينشتاين العامة والخاصة . وعن الخطوات العملية التي اتخذها المسلمي وردود الأفعال عقب اكتشاف نظريته قال المسلمي :

" بدأت أبحاثي ونظرياتي في عام 1996، حينما اكتشفت هذه النظرية توجهت إلى مراكز أبحاث أمريكية وأردنية، وبالنسبة للجامعات الأمريكية فأنا لم أعطهم النظرية كاملة بل أعطيتهم بعض التنبؤات أوبالأحرى بعض المعلومات التي فرضتها عليّ المعادلات والقوانين ، وأولى هذه التنبؤات هو إمكانية الوصول لسرعة تفوق سرعة الضوء ومن ثم نفي الحتمية والسببية في العالم المادي .     

مثال آخـر :

أدخل الدكتور محمد صقر "التعظيم Maximization " في نطاق القيم ، ونقل عن "هيلبرونر" قوله :

"منْ ذا الذي يدعي أن معدلاً أعلى للنمو أفضل من معدل أدنى منه ، إذا كان الأول يؤدي إلى مزيد من تلوث البيئة" ؟ ، وهذا خطأ صوابه أن معدلاً أعلى هو أفضل ، إذا اسـتوت الشـروط الأخرى ، ومنها معدل التلوث .

دليل آخر :

يقول الدكتور سـتيفن هوكنج :

"ان اي نظرية فيزيائية هي نظرية ، وقتية ، ويمكن ابطالها بمشـاهدة تخالف تنبؤاتها ، وإنك مهما كررت التجربة فانك لاتدري في المرة القادمة هل سـتوافق النتائج نظرياتك ام لا مهما بلغت مرات الموافقة" .

ومن ذلك يتضح ان قوانين نيوتن ، وقانون بقاء الطاقه ، ومعادلات ماكسـويل ، وهي النماذج المثلى على اليقين الحتمي ليسـت من اليقين في شـيء ، وانها على احسـن الفروض صادقه نسـبياً في الوقت الراهن ، ولكن ليـس ثمه برهان على انه لن تظهر فروض اخرى اكثر قدرة على تفسـير المشـاهدات الواقعيه الموجوده حالياً ، والتي قد تظهر في المسـتقبل ، وتقلب الامور رأســاً على عقب . للتفصيل يمكنك مراجعة دراســة تحت عنوان ؛ "الحتمية العلمية وأثرها على الفكر ، والدين" للدكتور مصطفى محمود الســيد ، وأمثال هذه التقلبات والتطورات في الفلسـفة والمنطق والعلوم الطبيعية - كالفيزياء والكيمياء - والعلوم الإنسـانية - كالإجتماع والسـياسـة - كثيرة ، وهي طبيعية حتى فيما هو خطير ، ويرتبط بحياة الإنسـان مثل الطب ، وعلى صعيدي التشـخيص ، والعلاج حيث يعتمد الأطباء على نتائج دراسـات ميدانية لاتمثل أكثر من الإسـتقراء الناقص الذي لايمكن أن يقود إلى اليقين بحال من الأحوال ، وهي التي تملي خطأ تصنيف مخرجات العلوم في خانة اليقين المطلق ، كما تملي أيضاً عدم رفضها ، ولذلك وأمثالة كان مختارنا أصالة اليقين المؤقت في العلوم ، وأصالة نسـبية النسـبية .

350 عاماً على تخوم الخرافة ... قصة علمية رياضية !

هناك نظرية معروفة للعالِم "فيرمات" توصل إليها سنة 1637 م : واستمدت هذه النظرية شهرتها ليست من تطبيقها في العلوم الاخرى ، وانما بقائها طيلة 350 عام دون برهان صحيح تارة ، وغير مقنع للجميع تارة اخرى حتى جاء العالم "اندرو ويلز" عام 1995 م ، وتقدم ببرهان مطول ، وصعب استخدم فيه رياضيات معقدة جدا .

والنظرية لم تكن الوحيدة لـ "بيري فيرمات" وانما كانت اخر ما بقي من نظرياته دون برهان صحيح .

يمكن القول ان هذه النظرية حققت رقما قياسيا في عدد البراهين الخاطئة ، و في عدد العلماء الذين توالوا ، وتسـابقوا لإثباتها أونسفها والسبب في ذلك ان النظرية سهلة الفهم بحيث يسطيع اي شخص فهمها دون الحاجة الى خلفية رياضية لكن ذلك لم يحدث طيلة 350 عام تقريبا .

هذا ، ويُقال ان "فيرمات" كان هاو في الرياضيات وعاشقاً لها  للأعداد اي انه لم يكن عالِماً في الرياضيات بالرغم من اعتباره من بعض العلماء انه اشهر عالم رياضي في ما يعرف بنظرية الأعداد .

لا غرابة في كل ذلك ؟ !

ولأكثر من سـبب - بحسـب بعض الدراسـات - :

- الإنسان من سنتين إلى سن 18 سنة من حياته يتلقى خبرات منها 4000 خبرة إيجابية، 180.000 خبرة سلبية . وخلال ساعة واحدة تتحدث إلى نفسك بـ 7000 كلمة ، وتكمن الخطورة ان  80% مما نحدث به أنفسنا كلمات وأفكار سلبية، وبالتالي تزيد من نسبة الاصابة بالاحباط والتي تعرض صاحبها الى الإعاقة الحقيقية .

- الإنسان العادي لا يستخدم من قدراته الذهنية والعقلية الا 3% ، أما العباقرة من الناس فقد وصلت قدرتهم على تفعيل قدراتهم العقلية إلى 7% ، فهل تتخيل بناء على ذلك حجم الإمكانات التي منحها لنا ربنا سبحانه وتعالى..!! . للمزيد يمكنك مراجعة المصدر ، وهو بحث تحت عنوان : "منْ منا المعاق ؟" للأستاذ المساعد الدكتور عصام الدين شعبان علي ، و للأستاذ المساعد إبراهيم بيومي  إبراهيم .

النتيجة :

1- بالرغم من كلِّ التقدم العلمي الهائل الكبير المتسـارع يجب أن لا نسـتسـلم للإنبهار ، الغرور ، والعجب لأن ذلك سيوقف عجلة التقدم العلمي من جهة ، ولأننا - بحسب الدراسة الأخيرة - عاجزون عن إستخدام أكثر من 5 في المائة من قدراتنا كمعدل تقريبي عام ، وهناك أشواط طويلة جدا تنتظرنا ، ولذلك ينبغي التحصين ضد الإنبهار

وإنقاذ العلم من العجز الكبير الذي يكتنفه نتيجة تأليه الوضعية ... الحسية ، وما يمكن أن يرافق الحواس من أخطاء ، ولذلك يجب أن تتظافر الجهود لإطلاق سـراح العلم من معتقلات الإدراك الحسي ليشمل بموضوعية وعلمية الإدراك الحسي ، وما فوق الحسي كظواهر "البارابسـيكولوجيا" على سبيل المثال... ولذلك البحث في المناهج متواصل على قدم وساق للتمكن من دراسة الواقع الكلي ( Total Reality ) المتضمن للمحسوس ، وغير المحسوس .

2- الإنسان ( للتقدم في ميادين العلم والمعرفة و... الخ ) بحاجة إلى الإطمئنان والأمل والشفافية - بحسب الدراسة الأخيرة وغيرها - ، ولذلك التشكيك العدمي غير الإبداعي ، ودفع الإنسان في الحيرة والتردد بذريعة النسبية وتعدد التجليات وأمثالها مرفوض تماماً لأن الشك المذكور يحول الإنسان إلى مخلوق معاق تماماً . ولذلك يحارب الإسلام الشك المنعوت على كافة الجبهات كما هو آتٍ في محله بإذنه تبارك وتعالى .

ان علم الإجتماع ليس كالفيزياء كي يطلق كونت على الأول مصطلح "الفيزياء الاجتماعية"، ولا ينحصر الإشكال في الفرق بين العلمين بل يعكس ذلك كما قيل :

ثقة مبسطة فى قدرة العلم على كشف الحقيقة التى أصبحت تعتبر بسيطة أوساذجة غير أنها لم تخل من المغالاة والتطرف ، حيث أسند كونت للمعرفة العلمية دورا مغاليا ، ورأى أنه بفضلها تتحقق سعادة الإنسانية ، ووصل الأمر به إلى تمجيد العلم إلى درجة التطرف والمغالاة ، ولذلك يقول غاستون باشلار (1848-1962) :

"إن محاولة أنصار الترعة العلمية المغالية مواجهة الدين ( والغيبيات عموما ) أدى بهم إلى تعزيز صنم العالم بدل أصنام الأوهام والخرافات ، وبذلك ظهرت دوجماتيكية جديدة ... دوجماتيكية جديدة تقوم على الاستقراء وتقوم على التجربة ، لا على المبادئ " .

أين إذن نسـبية العلم مع تعميمكم لها دون قيود أوحدود ؟

ما دفعنا إلى هذه الوقفة الطويلة ما يتوهمه البعض في أسـباب تقدم الغرب مدنياً ، وتأخرنا يقول الأسـتاذ  هاشم صالح  تحت عنوان : "قراءات في التنوير الألماني ... لماذا تقدمت أوروبا ، وتأخر غيرها ؟ " ، وفيه : 

"على هذا النحو راحوا ينقلون منهجية نيوتن الى مجالات اخرى غير مجال الفلك ، والفيزياء . فبما انها اثبتت فعاليتها بشـكل لا يدحض هنا ، فلماذا لا تثبتها في مجال الفلسـفة ، اوالسـياسـة ، اوحتى الاخلاق والدين ؟ !

وبدءاً من تلك اللحظة اصبح الفكرُ الاوروبي تابعا للفكر العلمي الفيزيائي الدقيق . ولا تزال هذه الســمة تلاحقه حتى الآن ." !!!

لقد ناقشنا ذلك فيما تقدم ونضيف بأن الغرب لم يتقدم حتى خطوة واحدة مدنياً وعمرانيا وصناعيا وتكنولوجيا ومعلوماتياً إلا بعد الخلاص من ثرثرات الفلسفة ، ولا منطقيات المنطق ، والخرافات ، والسفسطة ، والإنطباعية ، والعودة إلى ما نسـمية بالعقل الفطري . للمزيد يمكنك مراجعة كتابات ؛ روجرز بيكون ، وفرانسيس بيكون وغيرهما ، ودراسات مثل ؛ "مستقبليات الحتميه العلميه وأثرها علي الفكر والدين" ،

و"فقه المصطلحات"للباحث حسنين محمد تقي ، ومقارنة ذلك بكتابات مثل : "قراءات في التنوير الألماني ... لماذا تقدمت أوروبا وتأخر غيرها ؟ للكاتب هاشم صالح الذي يقول ما نصه :

"وعلى هذا النحو راحوا ينقلون منهجية نيوتن الى مجالات اخرى غير مجال الفلك والفيزياء. فبما انها اثبتت فعاليتها بشكل لا يدحض هنا ، فلماذا لا تثبتها في مجال الفلسفة ، او السياسة ، او حتى الاخلاق والدي ن؟ بدءا من تلك اللحظة اصبح الفكر الاوروبي تابعا للفكر العلمي الفيزيائي الدقيق . ولا تزال هذه السمة تلاحقه حتى الآن ! . لا يمكن فصل الفلسفة عن تقدم العلم منذ ديكارت اوكانط وحتى الآن ... الخ كلامه".

لا حدود للضرر الذي أحدثه تعميم النسـبية العدمية غير الإبداعي دون قيود !

منْ لا يعرف أضرار الشـك ؟

منْ يجهل سـرعة تحوله إلى القلق المستدام فالشـك المرضي القاتل ؟

لا ريب في أنه يوقف الكثيرين عن الانطلاق في طرق النجاح ... الإقتحام ... ليغرق الفرد فالجماعة في الحيرة ، والتردد ، والتوقف الطويل على مفترق الطرق ... ويشل الإرادة والعزيمة كي يغرق اصحابه في السلبية ، والسوادوية ، والعدمية ، وهو المطلوب لقلة قليلة من الرأسماليين الإمبرياليين .

النسبية المذكورة تختلق الشكوك والظنون لإشـغال الفكر بالشك فالشك والشك ، وذلك في عالم اليقين والإطمئنان ليسلب الإرادة ، ويزرع القلق والإضطرابات النفسية العويصة التي يمكن أن يقود إلى الجنون كما يشير ما قرأته عن فيلم Doubt حين تؤدّي الشكوك إلى الجنون والذي أستعير منه التشبيه التالي :

هل يجوز التحدث بما يثير الشك أويلوح به في أعراض الناس ؟

هل يجوز التفلسـف لإثارة الشك في عقل الأمة ورسـالتها ومقداساتها ؟

الفيلم المذكور يقول عن ذلك :

"ومثّل ذلك بأن يقوم أحدهم بتمزيق وسادة ريشية ، وترك الريش يتطاير في الهواء ، وبعد ذلك تصعب لملمته من جديد ، وهذه هي حال الناس الذين يتكلمون في أعراض غيرهم ".

الشك ينبغي أن يكون إبداعياً ، ومنتجاً ، ولا يكون كذلك إلا إذا كان إستثناءً ، إرادياً ، مؤقتاً ، وكجسر للإنتقال إلى الحقيقة ، أوما تمَّ تنزيله في محلها ، أومايبعث الإطمئنان فالإرادة والعزيمة ، ولذلك كانت الإستشارة ، والإستخارة ، والقرعة ، والإستصحاب وما نحو ذلك حتى في العبادات مثل "لا شك لكثير الشك" ، و"لا تنقض يقينك بالشك ، وما نحو ذلك مما يبعث على الإطمئنان .

الخلاصة : النسـبية - بالوصف المتقدم - سـلاح إنشـطاري فتاك يسـتهدف فيما يسـتهدف سلب الأمة إرادتها ، رسالتها ، هويتها ، سيادتها ، حريتها ، تعدديتها ، حقوقها ، تعايشها ، تعاونها ، وحدة نسيجها الإجتماعي ، شوريتها ، رغيفها ، ماءها ، كرامتها تمهيداً للدول المجهرية بتقسـيم المقسـم ...نعم إنها كالفلسفة التفكيكية ، والتأويلات الإنطباعية الشخصية الهرمنيوطقية ، والغموض البناء ، والفوضى الخلاقة ، وسياسات الخطوة خطوة للتذويب.

منْ المســؤول عن أسـطرة ، نمذجة ، وتسـويق النسـبية وأخواتها العدمية ؟

منْ المســؤول عن لملمته الريش من جديد ؟

وهل ذلك ممكن ؟

اللملمة صعبة ، وربما في غاية الصعوبة . !

بعد تمزيق وسـادة ريشـية ، وترك الريـش يتطاير في الهواء تحت عنوان النسـبية العدمية الهدامة الذي رفع يده الغرب بالمعنى الذي تحول كالعلكة في فم الكثير من عيون الأمة ، وأعني بعض المثقفين في الغرب والشرق من القدماء أوالمعاصرين بعد ذلك تصعب لملمته من جديد ، وهذه هي حال الناس الذين يتكلمون في أعراض غيرهم ".

هل بحوث مثل ؛ النســبية ، الإعتباطية ، الإنطباعية ؟

، الشـترواسـية والتفكيكية هي بحوث مبتكرة ، مبدعة ، تقدمية ، حداثية ، وجديدة .

وهل تتضمن البحوث المذكورة التي تمَّ إحياءها مؤخراً ؟

تنقيحات ، إجتهادات ، إبداعات ، وإضافات جديدة إلى رصيد الإنتاج المعرفي أم أنها لاتتجاوز التقليد الإنتقائي ، وإعادة تدوير المعلومات القديمة جداً ، وفي أحسـن الأحوال في إعادة تدوير المعرفة ، للتعليم الإندماجي الأحادي الشـمولي ، لا الإنتاجي التعددي .

لـمـاذا إعادة تدوير النظريات القديمة المنسـوخة الرجعية في تفسـير الدين أونقده ؟

الجواب : إنه الإفلاس ... إفلاس العلمانوية ، الحداثوية ومشـقاتهما من جهة ، والوصول إلى طريق مسـدود من جهة ثانية ، وشـبق الشـهرة والعظمة من جهة ثالثة ، وذلك إضافة إلى الخلط بين كلٍّ من الإبداع ، التقدمية ، التجديد ، من ناحية ، والطعن في الدين أوالتدين أوالإيمان أوالأخلاق من ناحية رابعة ، والصحوة الإيمانية الأخلاقية العالمية من جهة خامسـة  .

تعميم النسـبية دون نسـبية مثالاً :

إن جِدة المنطوق لا يمكن أن تخفي قِدم المفهوم ونسـخه ، وكما أن اللعب بالألفاظ لا يمكن أن يخفي الحقيقة لأن المآلات تكفل بالكشـف عن الأخيرة .

حقاً منْ المســؤول عن أسـطرة ، نمذجة ، وتسـويق النسـبية وأخواتها العدمية ؟

منْ المســؤول عن لملمته ذلك الريــش من جديد ؟

لنأخذ جولة كشكولية بين أراءهم دون تعليق على طريقتنا في التبعثر الفعال :

- يبرر "ابن عربي" النسـبية بمقولته :

1- "التجلي غير المتناهي" ! .

2- "المَعْـرِفَةُ إِذَا لَمْ تَـتَـنَوَّع مَعَ الأَنْفَاسِ لاَ يُعَوَّلُ عَلَيْهَا" ! .

- كما يبرر "النّفري" لها بالقول بأنّ :

"العِلْمُ الْمُسْـتَـقِــرُّ هـُـوَّ الْجَهـْلُ الْمُسْــتَـقـِرُّ" ! .

- ويسـتند إلى تعميم النسـبية دون قيود "جاك دريدا" في قوله بـ :

"التأويل غير المتناهي اللانهائي" لأي نص .

بالرجوع إلى الوراء نرى بأن النسـبية المزعومة تعود في جذورها إلى قرون ، وقرون قبل الميلاد حيث كان يقول هرقليطيـس بـ :

"التغير الشـامِل الدائم السـيَّال" !

بينما تعود مقولة  جاك دريدا المذكورة إلى شـنكرا ، وأسـتاذه ، والذي عاش قبل ما يُقارب الـ ( 6 ) آلاف عام ، وكان يقول بـ : "التأويل المفتوح" . !

هذا ، ويمكن القول بأن نسـبية الحقيقة قديمة قدم السـوفسـطائية لأنه أول من قالَ بها

هم السـوفسـطائيون - وعلى رأسهم الفيلسـوف بروتاغوراس - الذين ظهروا في اليونان ما بين القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد ؛ حيث كانت اليونان غارقة بمجموعة من الأفكار والمذاهب المتباينة المتنوعة ؛ فلجؤا لهذا القول في تأييد الآراء المتناقضة ؛ إما شـكاً في الجميع ، أو للتخلص من جهد طلب الحقيقة -.

- يقول الدكتور علي سامي النشار :

( نسبية كل شيء قال بها بروتاغوراس السوفسطائي حين أراد أن ينقد أصول المعرفة "إن الإنسان هو مقياس وجود ما يوجد منها ومقياس وجود ما لا يوجد" ثم أخذ بهذا الشُكاك بعد ، فطبقوها على الحد كما طبقوها على نواحي العلم كله ، فلم تعد حقيقة من حقائق العلم ثابتة أومستقرة ، بل كل شيء - كما يقول هرقليطس- في تغير مستمر ) . ( مناهج البحث عند مفكري الإسلام ، ص 191 ) .

- ويقول الدكتور الطباع عن السوفسطائيين :

( وكانت هذه الجماعة تنكر وجود حقائق ثابتة ، وتدعي أن الحقيقة نسبية ) . ( السلم في علم المنطق للأخضري ، ص7 ) .

- ( لقد عبر بروتاغوراس زعيم السوفسطائيين عن فكرهم في كتابه "عن الحقيقة" الذي فُقد ولم تصلنا منه إلا شذرات قليلة يبدأها بقوله "إن الإنسان معيار أو مقياس الأشياء جميعاً" وفي هذه العبارة القصيرة تكمن الثورة الفكرية للسوفسطائيين في مختلف ميادين الفكر . إنها تعني بالنسبة لنظرية المعرفة أن الإنسان الفرد هو مقياس أو معيار الوجود، فإن قال عن شيء إنه موجود فهو موجود بالنسبة له ، وإن قال عن شيء إنه غير موجود فهو غير موجود بالنسبة له أيضاً، فالمعرفة هنا نسبية، أي تختلف من شخص إلى آخر بحسب ما يقع في خبرة الإنسان الفرد الحسية، فما أراه بحواسي فقط يكون هو الموجود بالنسبة لي، وما تراه أنت بحواسك يكون هو الموجود بالنسبة لك، وهكذا ) . (مدخل لقراءة الفكر الفلسفي عند اليونان، للدكتور مصطفى النشار، ص70 -71).

فتعاليمهم - كما يقول مؤلفا " قصة الفلسفة اليونانية - ( تعاليم هدامة لكل نظام اجتماعي ؛ للدين ، للأخلاق ، لكل نظم الدولة ) . ( ص 69) .

وللزيادة عن السوفسطائيين ؛ انظر : " تاريخ الفلسفة اليونانية " ليوسف كرم ، و " الفلسفة اليونانية : تاريخها ومشكلاتها " لأميرة مطر ( ص 115 ومابعدها ) ، و " تاريخ الفلسفة اليونانية " لماجد فخري ، و " التعريفات " للجرجاني ، و " قصة الإيمان " لنديم الجسر ( ص 36-37) ، و " فلسفة الأخلاق " للدكتور توفيق الطويل ( ص 47-49 ) ، و " مختصر تاريخ الفلسفة " للمختار بنعبد لاوي ( ص 13-14) ، و " الموسوعة الفلسفية " للدكتور عبدالمنعم الحفني ( 482 ومابعدها ) ، و " المعجم الفلسفي " للدكتور مراد وهبة ( ص 444 وما بعدها ) ، و" ربيع الفكر اليوناني " لبدوي ( 165-180) ، و" قصة الفلسفة اليونانية " ( ص 62-72) ، و مقال " السوفسطائيون " لزكي نجيب محمود ، مجلة الرسالة ، صفر ، 1353.

وفي العصر الحديث :

تلقف أصحاب المذهب " البراجماتي " هذه الفلسفة ؛ لأنها تناسب مذهبهم النفعي المصلحي المتلون :

- ( ليس من شك لدى أحد الآن أن بروتاجوراس هو الجد الأول للبراجماتيين المعاصرين؛ سواء على المستوى الفلسفي، أو على المستوى الحياتي؛ إذ لا يمكن فهم أقوال هؤلاء البراجماتيين معزولة عن آراء جدهم الأكبر ، فحينما يقول وليم جميس: "إن الحقيقي ليس سوى النافع الموافق المطلوب في سبيل تفكيرنا تماماً، كما أن الصواب ليس سوى الموافق النافع المطلوب في سبيل مسلكنا" و"أن المطلق ليس صحيحاً على أي نحو" . فهل يمكن أن نشك لحظة في أنه وأقرانه يمثلون بروتاغوراس العصر الحالي؟! لقد كان شيللر – وهو أحد كبار الفلاسفة البراجماتيين- على حق حينما كتب كتاب " why protagoras not plato معلناً أن بروتاغوراس هو جدهم الأول ) . (فلاسفة أيقظوا العالم ، د. مصطفى النشار، ص 77) .

- ( إن المذهب البراجماتي حين يقرر أن مقياس صحة الأفكار يتوقف على نتائجها، فهو بذلك يجعل الحقيقة نسبية غير ثابتة، أي تتغير وفقاً للظروف وأحوال الأفراد والمجتمعات ) . (تطور الفكر الغربي، لمجموعة من الباحثين، ص 424).

- البراجماتية (تعيد إلى ذاكرة التاريخ نسبية السوفسطائية التي تزعم أن الفرد مقياس كل شيء). (أعلام الفلسفة الحديثة، د. رفقي زاهر، ص 171).

- ( الفلسفة البراجماتية تتلخص اليوم في أفكار موجزة ؛ من أشهرها : .. الحقائق نسبية ، ولايمكن الوصول إلى حقيقة مطلقة ) . ( مقال : الطريق إلى العقلية الأمريكية ، محمد فالح الجهني ، مجلة المعرفة ، شوال 1425). ( وانظر : قصة الفلسفة اليونانية ، ص 71) .

يواصل الباحث الخراشي مستعرضاً لنماذج من أقوال المرددين لهذه العبارات الخطيرة ! قائلاً :

- ( لا أحد يملك الحقيقة الملكية المطلقة ) . (الممنوع والممتنع ، علي حرب ، ص180) ( وانظر أيضاً : كتابه: نقد الحقيقة، ص 2) .

- ( يجب أن يكون واضحاً في غاية الوضوح : أن المطلق مطلق، ولكن الفهم البشري والتفسير البشري لأي جانب من جوانب المطلق هو فهم نسبي" ) . (تجديد النهضة باكتشاف الذات ونقدها، د. محمد جابر الأنصاري، ص83) .

- ( ينبني الدين على حقيقة مطلقة كلية هي الوحي ولما كانت الفلسفة تضع في اعتبارها تعددية المواقف والآراء، ونسبية الحقيقة - أي كونها موزعة من حيث الاحتمال المفتوح بين الناس جميعاً- فإن التصادم بينهما قائم لا محالة ) . (آفاق فلسفية عربية معاصرة، طيب تيزيني، ص 167)

- ( ما بعد الحداثة هو عالم صيرورة كاملة، كل الأمور فيه متغيرة، ولذا لا يمكن أن يوجد فيه هدف أو غاية ، وقد حلت ما بعد الحداثة مشكلة غياب الهدف والغاية والمعنى بقبول التبعثر باعتباره أمراً نهائياً طبيعياً، وتعبيراً عن التعددية والنسبية والانفتاح، وقبلت التغير الكامل والدائم). (السابق، ص 322).

- ( النسبية: هي الرأي الذي يقول بأن الحقيقة نسبية وتختلف من فرد إلى آخر، ومن جماعة إلى أخرى، ومن وقت إلى آخر) . (السابق، ص 329).

- ( ارتكزت التعددية بمعناها المعرفي على الفكرة القائلة بأن لا أحد يملك الحقيقة كلها، وبالتالي ليس من حق أحد مصادرة آراء وأفكار الآخرين ) . (إشكالية مفهوم المجتمع المدني، د. كريم أبو حلاوة، ص 42).

- ( لن تكون متقدماً أوصاحب أمل في التقدم ؛ إذا قبلت الرأي على أنه حقيقة، والحقيقة على أنها مطلقة وليست نسبية ) . (من هنا يبدأ التغيير، تركي الحمد، ص 347).

- ( إن المنطلق الأول للبحث عن الحقيقة هو القناعة بنسبيتها ) . (البحث عن الحقيقة، عبدالله بن حمد المعجل، ص 13).

- جون ستيوارت مل ( يرى أن التسامح يمتنع معه الاعتقاد في حقيقة مطلقة). (ملاك الحقيقة المطلقة، مراد وهبة، ص 193).

- ( العلمانية من حيث هي التفكير في النسبي بما هو نسبي، وليس بما هو مطلق). (السابق، ص 228).

- ( كل مجتمع لا يعترف بالتعددية العقائدية والسياسية هو مجتمع تنقصه الأنسنة إلى حد كبير . لماذا ؟ لأن الاختلاف والتنوع في الرأي والفكر شرط من شروط تحرر الذهن من التحجر والانغلاق ) .( هاشم صالح ، معارك من أجل الأنسنة ، محمد أركون ، ص 16 ) .

- (إن اعتماد الشك في التفكير الفلسفي ، والأخذ بنسبية الحقيقة : هو التسامح بعينه ) ( محمد عابدالجابري ، قضايا الفكر المعاصر ، ص20 ) .

- ( إن فكرة الحقيقة المطلقة تؤسس لدى حاملها شرعية امتشاق السلاح دفاعًا عنها ، ليس هذا السلاح قطعا هو الفكر ؛ فمالك الحقيقة لا يجادل ) . ( عبد الإله بلقزيز ، نهاية الداعية ، ص 70 ) .

- ويقول شاكر النابلسي معددًا مواصفات المجتمع المدني الذي يطمح إليه ! : ( إن القيم في المجتمع المدني نسبية ، وهذه النسبية تجعل القيم متغيرة غير ثابتة . لا احتكار للحقيقة في المجتمع المدني ، وعدم الاحتكار يقود المجتمع المدني إلى التسامح لا إلى التعصب ، وإلى الانفتاح لا إلى الانغلاق ) . ( صعود المجتمع العسكري ، ص 205-206) .

- وانظر : "الفكر الإسلامي والتطور" لفتحي عثمان ؛ (ص 15-16) . ومقال : ( ملاك الحقيقة وتصنيف الناس ) لمحمد بن عبداللطيف آل الشيخ ، جريدة الجزيرة ، 26/8/1425 . وانظر - أيضًا - : " التطور والنسبية في الأخلاق " للدكتور حسام الألوسي . ( وهو متطرف في الأخذ بهذا المبدأ الخطير ! ) .

الزواج بين البراجماتية والنسـبية :

تلقف أصحاب المذهب " البراجماتي " هذه الفلسفة ؛ لأنها تناسب مذهبهم النفعي المصلحي المتلون :

- ( ليس من شك لدى أحد الآن أن بروتاجوراس هو الجد الأول للبراجماتيين المعاصرين؛ سواء على المستوى الفلسفي، أو على المستوى الحياتي؛ إذ لا يمكن فهم أقوال هؤلاء البراجماتيين معزولة عن آراء جدهم الأكبر ، فحينما يقول وليم جميس: "إن الحقيقي ليس سوى النافع الموافق المطلوب في سبيل تفكيرنا تماماً، كما أن الصواب ليس سوى الموافق النافع المطلوب في سبيل مسلكنا" و"أن المطلق ليس صحيحاً على أي نحو" . فهل يمكن أن نشك لحظة في أنه وأقرانه يمثلون بروتاغوراس العصر الحالي؟! لقد كان شيللر - وهو أحد كبار الفلاسفة البراجماتيين - على حق حينما كتب كتاب " why protagoras not plato معلناً أن بروتاغوراس هو جدهم الأول ) . ( فلاسفة أيقظوا العالم، د. مصطفى النشار، ص 77).

- ( إن المذهب البراجماتي حين يقرر أن مقياس صحة الأفكار يتوقف على نتائجها، فهو بذلك يجعل الحقيقة نسبية غير ثابتة، أي تتغير وفقاً للظروف وأحوال الأفراد والمجتمعات ) . ( تطور الفكر الغربي، لمجموعة من الباحثين، ص 424 ).

- البراجماتية ( تعيد إلى ذاكرة التاريخ نسبية السوفسطائية التي تزعم أن الفرد مقياس كل شيء ). (أعلام الفلسفة الحديثة ، د. رفقي زاهر، ص 171).

- ( الفلسفة البراجماتية تتلخص اليوم في أفكار موجزة ؛ من أشهرها : .. الحقائق نسبية ، ولايمكن الوصول إلى حقيقة مطلقة ) . ( مقال : الطريق إلى العقلية الأمريكية ، محمد فالح الجهني ، مجلة المعرفة ، شوال 1425). ( وانظر : قصة الفلسفة اليونانية ، ص 71) .

هذا ، وقد تعرضنا في دراسة سابقة لنا تحت عنوان "الإعلام في فكر الإمام الشيرازي الراحل - ر - للنسـبية تحت عنوان فرعي : "الحقائق وأنواعها وكيفية التعامل معها ؟" ، وفيه :

- في الإعلام، العمل الإعلامي، أخلاقيات وقيّم العمل الصحفي ومهنيّته تبرز ظاهرة النِسْبِيَّة المطلقة للحقائق أو لحقائق البحث والنِتاج المعرفي أو الأبحاث الإجتماعية أو التحقيقات الإعلامية، وخلافاً للنسبية ذاتها التي يُستدل بها للنسبية الثقافية ( Relativism Cultural ) أو النسبة التاريخية ( Relativism Historical )، وفيما يرتبط بهذا المنحى يقول الإمام الراحل :

إنّ المعرفة قد تكون صحيحة، وقد تكون غير صحيحة، وإحديهما لا يمكن أن تنقلب إلى الأخرى، فإن المعرفة الصحيحة هي المطابقة للواقع، وغير الصحيحة هي المخالفة له، ويُقال للمعرفة الصحيحة (حق) بإعتبار أن الواقع يطابقها، و(صدق) بإعتبار أنها تطابق الواقعَ... أما إصطلاح الصحيح والأصح، والفاسد والأفسد، فذلك بإعتبار مطابقة مجموع أجزاء الموصوف بالصحة للصحة، فإنْ طابقَ الكلَّ كان أصح، وإلا كان صحيحاً، وإن خالف الكلَّ كان أفسد، وإلا كان فاسداً، فالحكم القضائي - مثلاً- لكلٍّ مِن داود وسليمان (عليهما السلام) في قضية واحدة وزمن واحد كان صحيحاً رغم إختلافه - بناءاً على رواية - ولذا قال سبحانه:

﴿ وكلاً آتينا حكماً وعلماً﴾.

وإنْ كان حكم الثاني أفضل وأكثر إستيعاباً، ولذا قال تعالى:

﴿ففهمناها سليمان﴾.

هذا بالنسبة للصحيح والأصح، وكذلك الحال في الفاسد والأفسد.

الحقائق وأقسامها

فثمة حقائق متغيرة، وأخرى ثابتة فمِن الثوابت إمتناع إجتماع وإرتفاع النقيضين، وحسن الإحسان وقبح الظلم، ومِن المتغيرات الزمان، واللغات والإضافات والحالات، فمِن غير المعقول مثلاً أن ترتفع كفة ميزان وتنخفض الأخرى بدون سبب إطلاقاً... وأن يصبح رفع الظلم عن المظلوم قبيحاً أو يصبح ظلم الناس حسناً.

كما مِن غير المعقول في غير الثوابت: أن يجمد الزمان، بأن لا يكون للجسم بعد رابع، وجرت العادة بتغير اللغات، كما أن الإنسان المنفرد قد يتزوج فيصبح زوجاً بعد أن كان أعزباً، والطفل يتحول إلى يافع فشاب وهكذا.

وربما تنقسِمُ الأشياء إلى حقائق خارجية كالإنسان والحيوان والنبات، وإلى أمور إنتزاعية، لا مدخلية للإعتبار فيها، فهي لا تتغير بتغيير الإعتبار، مثل: زوجية الأربعة، وإلى أمور إنتزاعية تحتاج إلى إعتبار يمنحه المعتبر، مثل جعل الورقة مالاً، فبإعتباره تكون ذات مالية، كما أن بسلب الإعتبار تسقط عن الإعتبار، وبناءاً على ذلك يظهر:

أقسام المعرفة عند الإنسان

أن المعرفة قسمان ثابتة ومتغيرة، وجعْلُ المعرفة كلها متغيرة ونسبية وبصورة مطلقة ليس بصائب، فالبعض يدافع عن ذلك في الإدعاء بأن المعرفة نتاج أو فرع للمحيط أو البيئة، وللإنسان، وحيث أن كليهما في تغير وتحول دائم، فلابد وأن تكون المعرفة متغيرة أيضاً! وهذا غير سليم ويُرد عليه:

- إن قسماً مِن المعرفة فرع أو نتاج: المحيط ( أو البيئة ) والإنسان ، لا كل أقسام المعرفة - كما تقدم - .

· إن مجموعة مِن الحقائق في الخارج لا تتغير.

· لو كانت كلّ الحقائق في تغير والمعرفة تبعاً لها، فمِن أينْ يمكن إثبات تلك القاعدة الكلية وتعميمها والتي تقول بأن (كلُّ المعرفة تتغير) فاللازم بطلان أحد الأمرين.

أجلْ الزمان بعدٌ رابع للموجود الخارجي - كما ذهبَ إليه بعض المحققين - لكن لا تأثير على الموجود، كي يجعله نسبياً ... بأن يجعل نفس الحقيقة نسبية، لتكون كلّ الحقائق نسبية، بل الموجود أو الذي يقع في الخارج بتبّدل العوامل تتبدل الـمُسببات، كالطفل، والشاب، والهرم، وعليه فلا أساس للقول بأن: الحقيقةَ بدون الزمان وهمٌ.

ولوجودِ نظام عام يتحكمُ في الأسباب والنتائج والآثار... في العلل والمعلولات مثل:

1- قاعدة: طغيان السلطة بدون الإيمان.

قالَ سبحانه:

﴿إنّ الإنسان ليطغى إن رآه استغنى﴾ .

ومثل:

2- إنّ السلاح والعلم والمال والكثرة، قوة وسلطة.

3- ماضي الزمان دائماً مرآة لمستقبله.

وإنطلاقاً مما تقدمَ يُقال:

التاريخ يكشف عن أنه كلما تجمعت وتمركزت السلطة في يد إنسان (غير المعصوم وشبهه) طغى، وكما طغى في السابق، كان الحكم كذلك في اللاحق.

أو يُقال وأيضاً بناءاً على ما تقدمَ:

إن هذه الدولة أو تلك قد أخذت تجمع مقومات القوة، فلابد وأنها تطغى، وطغيانها يسبب إضرار جيرانه، فينبغي تهيئة مقومات القوة في قباله، أو الحيلولة دون تجميعها لمقومات القوة، ومِن هنا أستُقي وإشتهرِ المثلُ القائل:

التاريخ يعيد نفسه.

وبناءاً على كلِّ ما تقدم ذكره:

فثمة حقائق متغيرة، وأخرى ثابتة، ومعرفة قد تكون صحيحة، قد تكون فاسدة، وهناك ما هو أصح مِن الصحيح، كما هو هناك ما هو أفسد مِن الفاسد، والمعرفة الصحيحة هي المعرفة الـمُطابِقة للواقع.

المعرفة والنتاج المعرفي

وعن المعرفة والنتاج المعرفي بقسميه: التجربي والذهني، وعلاقة ذلك بالحقائق يقول المجدد الثاني (ر):

إن الواقعَ قسمان:

قسم يخضع للتجربة، حيث أنها أمور عملية، والتجربة يمكن أن تقودَ إلى إكتشاف القوانين المودعة في ذات الأشياء، مثلاً:

مُكتشِف الكهرباء وصل إليها عن طريق التجربة، فقوانين الكهرباء المودعة في الكون كانت مجهولة، والتجربة والبحث قادا الـمُّجرِبَ كشف ومعرفة تلك القوانين.

وعليه فلا دور للتجربة في تغيير واقع القوانين المودعة والقائمة في ذات الأشياء، وإنما دورها يكمن في كشف واقع تلك القوانين، وكلما زادَ الإنسان تجربة في هذا الميدان، زادَ كشفا لذلك الواقع، والظاهر أن ما قاله (ر) بخصوص الإكتشاف يتعداه إلى الإختراع أيضاً.

وقسم آخر لا يخضع للتجربة مثلاً:

هلْ أنّ الشيء مركب مِن جنس وفصل؟

وأنّ الوجود والعدم لا يجتمعان، وأن كلّ ترجيح بلا مُرجح محال و... لا يمكن إخضاعه للتجربة فالقول بأن كلما لم يخضع للتجربة ليس بعلم، مخالف للبداهة.

وعليه فتراكم التجارب لا يُغيرُ واقعَ القوانين القائمة المودعة في ذات الأشياء، وإنما يصل إلى أسرار أكثر تعقداً وغموضاً، كالذي يسير في المدن، كلما أكثرَ مِن السياحة ظهرت له مجهولات جديدة.

ويُضيف (ر) بأن التجربة قد تكون واجبة في قوله:

ثم أن التجربة التي هي مقدمة للعلم الواجب، واجب - على القول بوجوب المقدمة - ومِن ذلك يُعرف الأقسام الأربعة الآخر مِن الأحكام الخمسة.

فكشف المعلومات في كل علم مادي بحاجة إلى طريقين:

الأول:

الطرق الفكري.

الثاني:

الطرق التجربية.

فبعد التجربة أو التجارب يبدأ الفكر بتصنيف وتقييم النتائج كي يُصدق أو يُكذِّب التجربة، وبعبارة ليقول:

بأن ما أدركه الإنسانُ هلْ هو صحيح؟

لتكون المعرفة المترتبة معرفة صحيحة، أو معرفة غير صحيحة؟

وليقول:

هلْ ما أدركه الإنسانُ هلْ هو مطابق لواقع الأمر والقوانين المودعة في ذات الأشياء؟

لتكون المعرفة المترتبة معرفة صادقة، أو معرفة غير صادقة.

وعلى ذلك فالفكر والتجربة يتعاضدان في كشف القوانين المذكورة، وحلّ ومعالجة المشاكل، ولتوصل الباحث إلى كشف قانون مِن تلك القوانين، وما يرتبط به لابد مِن المراحل الستة التالية:

مراحل المعرفة :

1- معرفة وتعيين الهدف، لتحري أفضل الطرق وأقصرها.

2- التجربة الأولية أو البدائية.

3- صياغة أو تكوين فرضية للوصول إلى الهدف، لأن التجربة التفصيلية العميقة إنما تكون بعد صياغة الفرضية.

4- التجربة التفصلية الواسعة لإختبار مدى صحة الفرضية المذكورة بالملاحظة والتجزئة والتركيب والتحليل والدقة وما شابه ذلك.

5- وعندها ينكشف القانون، الذي كان الهدف الأسمى للعالم الباحث، ولهذا قيل: إن الغرض أول في الفكر، وآخر في العمل.

6- وتبقى مرحلة أخيرة إنْ كان الباحث يريد التوسع والتقدم، لا الجمود والوقوف، وهي مرحلة الربط بين هذا القانون الـمُكتشف، وسائر القوانين، لإستكشاف:

ما هي القوانين الأخرى التي تجتمع مع هذا القانون الـمُكتشف في قانون أعم؟

وما هي القوانين التي لا تجتمع؟

وإن شئت قلت:

كشف النسب الأربع بين القانون الـمُكتشف وغيره:

هلْ هو تباين، أو تساوي، أو عموم مطلق، أو عموم مِن وجه؟

وكإشارة للمراحل المتقدمة في عمل الباحث أو عالم الإجتماع يقول سماحته (ر):

مثلاً: إذا كان الباحث يرى فساد المجتمع بتفشي المنكرات (كالقمار، المخامر، المباغي،...) ويفكر في التعاطي ومعالجة ذلك، فإنه يمرّ بالمراحل التالية:

أولاً:

يتعين الهدف وهو: تفشي المنكرات.

ثانياً:

يتصور أو يفكر في أن العلاج هو غلق أبواب المباغي والمقامر والحانات.

ثالثاً:

يرى بعد التعمق في المشكلة: إن ذلك ليس العلاج، إذْ مادام جماعة مِن الناس يتعاطونها، يكون الغلق علاجاً صورياً أو سطحياً، فإن المتعاطين ينتشرون ويتحايلون بالإختفاء عند التعاطي إلى غير ذلك... فيتوصل إلى فرضية مفادها:

العلاج الحقيقي هو إيجاد الوعي في الناس، لأن تعاطي هذه الأمور الضارة إنما يكون لعدم رشد الناس فكرياً، ولذلك لا يعرفون مصلحتهم ومفسدتهم فيرجحون اللذة العابرة على العاقبة المحمودة.

رابعاً:

يقوده الأمر الثالث إلى تجربة فكرية أو عملية واسعة (مِن باب تداعي الأفكار في الفكر، وإرتباط الأمور في التجربة العملية)، وذلك بالبحث للحصول على إجابات على أمثال الأسئلة المرتبطة التالية:

ولماذا المنكرات؟

لماذا الإستعمار؟

لماذا تحطم الزراعة والصناعة والتجارة؟

لماذا السجون؟

وهكذا مِن الأفكار المرتبطة، أو النشاطات المناسبة في حقل التجارب.

خامساً:

يصل الأمر بالباحث إلى إكتشاف القانون، وهو:

كلما تدنى وعي الأمة تفشت المنكرات، وكلما إرتفع الوعي قلَّت المنكرات إلى أن تنعدم، وعليه فالعلاج ترفيع مستوى الوعي.

وسادساً:

إذا أرادَ الباحثُ الإنطلاقَ وعدم الجمود على القانون الـمُكتشف عليه أن يفكر في النسبة بين القانون الـمُكتشف مِن جهة، والقوانين الـمُكتشفة سابقاً عبر نفس الخطوات في السياسية والإجتماع والإقتصاد والعقيدة، والأخلاق والحريات، والسلطة، والقوة والسيادة وغيرها.

طريق العلم :

وبذلك يظهر طريق العلم:

وحدته، وكثرته، وتداخله، وتباينه، وطريق العمل...، وإذا لم يتوقف الباحِث أو الـمُحقق ويتعمق ويتدبر ويدرس ويبحث ملياً في المرحلة السادسة كانت علومه المتناثرة، وتجاربه المتشتتة غير مرتبطة، ولا تعطي رؤية شاملة، ولا قاعدة متينة.

إذن لماذا هذاالخلاف في النتائج؟

وربما ينطوي في قول الإمام المجدد (ر) الأخير إشارة واضحة إلى سبب كبير مِن جملة الأسباب التي يمكن أن تُفسِر إختلافَ نتائج البحوث والمعالجات والتحقيقات الإجتماعية والإعلامية، والتي تقودُ البعضَ إلى التشبث بتعميم النسبية على كلّ الحقائق بصورة مطلقة، بدلاً مِن معالجة إنعدام الإستيعابية أو سمة الأحادية في البحوث والمعالجات العلمية أو الإعلامية، والتي تُفرز نتائج متعارضة ومتباينة إما يتم التعصب عليها، ومِن ثم زرع التعصب، أو تجنيد آخرين لتلك النظريات والنتائج المنطوية على توجهات أحادية لمصالح وأهداف سياسية أو إقتصادية أو إيديولوجية، ليُقال لاحقاً وكمحاولة لإحتواء آثار ذلك بأن كل الحقائق نسبية(!).

إنه نوع آخر مِن التعصب والنظرة الشمولية، تعصب للنسبيّة التي تفرض النسبية أول ما تفرضها على نفس النسبية.

موقف الإعلام من النسبية :

أما الدور الذي يمكن أن تلعبه الأحادية المذكورة، والترويج لها في الإبتعاد مِن الإعلام والصحافة المواطنيّة الحرة المسؤولة فهو كبير وبحاجة إلى المزيد مِن البحث المستوعب، فلابد للإعلام التعددي الحر المستقل المسؤول مِن إحترام الحقيقة (ثابتها ومتغيرها) لأن البحث عن الحقيقة يعطي الإعلام شرعيته.

والحديث في هذا الخصوص طويل، فلنعد إلى قرائتنا، فبعد تلك الإشارة يضيف سماحته (ر):

وقد أمرَ الإسلام بالتفكير، والتدبر، والتفقه، والتعقل، وما إلى ذلك، كما يجدها المتتبع في القرآن الحكيم، وأقوال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأولاده الطاهرين (عليهم السلام)، فقد وردَ في الحديث الشريف:

(في التجارب علم مستأنف) .

وقال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام):

(قيمة كلّ إمرئ ما يُحسنه) .

وقال (عليه السلام):

(فإنْ أشكلَ عليك شيء مِن ذلك فإحمله على جهالتك فإنك أول ما خلقت كنت جاهلاً ثم علمت، وما أكثر ما تجهل مِن الأمر، ويتحير فيه رأيك، ويضل فيه بصرك، ثم تبصره بعد حين) .

وقال (عليه السلام):

(لا علم كالتفكر، ولا شرف كالعلم) .

وقال (عليه السلام):

(ما لي أرى الناس إذا قرب إليهم الطعامَ ليلاً، تكلفوا إنارة المصابيح ليبصروا ما يدخلون بطونهم، ولا يهتمون بغذاء النفس بأن ينيروا مصابيح ألبابهم بالعلم، ليسلموا مِن لواحق الجهالة والذنوب، في إعتقاداتهم وأعمالهم).

وقال (عليه السلام):

(العلم مقرون بالعلم فمَنْ عَلِمَ عَمَلَ، والعِلمُ يهتِفُ بالعمل، فإنْ أجابه، وإلاّ إرتحل عنه).

مهمة الباحث والعالم الإجتماعي

وفيما نحن بصدده، وفي خضم حديثه عن مهمة الباحث أو العالم الإجتماعي يقول الإمام الراحل (ر):

عليه أيضاً بيان مواضع الخطأ والصواب، والحسن والأحسن، والسيء والأسوء، فبعد إستعراضه مختلف السُبل والمعالجات والعادات لابد أن يبين فلسفة الفساد في الفاسد، والصلاح في الصالح، وبذلك يُقرِّب المجتمع إلى ما يصلحه ويقدمه، ويبعده عما يفسده ويؤخره .

وفي ذلك إشارة واضحة إلى تبني الإمام الراحل (ر) للصحافة المواطنيّة، والمسؤولية الإعلامية، ودعوته إلى تحري الدقة والأمانة والإتقان في ذلك، وفي الأبحاث، ومنها الإجتماعية، وما يتوجب على العالم الإجتماعي حيث يضيف (ر):

بقي شيء وهو أن مِن أهم ما يلزم على العالم الإجتماعي في تحقيقاته ملاحظة أمور:

أ- الدقة في التحقيق، فإنه بالإضافة إلى أن العلم أمانة، والخيانة مِن أشد المحرمات الشرعية العقلية، قال سبحانه:

﴿ إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال * فأبين أن يحملنها وأشفقن منها * وحملها الإنسان أنه كان ظلوماً جهولاً ﴾ .

فعدم صوابية وسلامة الحقائق أو القوانين والنظريات الإجتماعية يترتب عليه ظلم الناس، وضياع حقوقهم، وذلك محرم عقلاً وشرعاً أيضاً، فمثلاً لو لم يحقق الباحث أو العالم الإجتماعي في إيجابيات وفوائد تعدد الأحزاب الإجتماعية، مما حبّذ وحدة الحزب إجتماعياً إنتهى إلى الديكتاتورية الموجبة لهدر الأموال والأعراض والدماء، فإن العلم يأخذ طريقه إلى العمل غالباً.

قال سبحانه:

﴿وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم﴾ .

﴿ومِن أوزار الذين يضلونهم بغير علم﴾ .

﴿ولا تقف ما ليس لك به علم * إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلاً﴾ .

ب- عدم التعصب، فإن المحقق كثيراً ما يقع تحت نير التعصب، وذلك يحرف تحقيقه، مما له آثار سئية، ولا فرق في ذلك بين التعصب لبلده، أو قومه، أو دينه، أو جماعته، أو غير ذلك.

ج- عدم تأثير السلطة أو القوة عليه، سواء في الحكومات الديكتاتورية بسبب المال والسلاح، أو في الحكومات الإستشارية (الديمقراطية) بسبب المال، والجاه، ولذا نرى سقوط كثير مِن المؤرخين لأجل تزلفهم للسلطات خوفاً أو طمعاً، فلا عبرة بتواريخهم، وهكذا غير مِن العلماء والباحثين الذين يتأثرون بالسلطة، ويصبحون فقهاء البلاط، أو وعاظ الملوك، أو شعراء و كتاب الأمراء.

د- عدم تأثره بالدعاية والأجواء، فإن عدم الإحتياط والحزم والدقة يُسقِط العالِمَ في الأجواء، بدعاية أو غيرها، فإن ذلك يوجِب إنحراف الباحث أو العالِم الإجتماعي، فيفقد بذلك إعتباره دينياً ودنيوياً، فقد وردَ في الحديث الشريف:

(رَحِمَ اللهُ إمرءاً عَمِلَ عملاً فأتقنه).

ووردَ أيضاً:

(مَنْ أبدى صفحته للحقّ هلكَ).

(فلا يغرنك طنطنة الرجال مِن نفسك).

وقال سبحانه:

﴿فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا مِن عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً * فويل لهم مما كتبت أيديهم * وويل لهم مما يكسبون﴾.

ويضيف الخراشي :

"قضية النسبية Relativism في الحق truith أو في الأخلاق ethich قضية فلسفية، تتناحر حولها الفلسفة منذ أن عرف الإنسان الفلسفة ، وكعادة الفلاسفة في مناقشة القضايا تتعقد وتتشابك الآراء، والفلاسفة وحدهم هم الجديرون بأن يغرقوا في مثل هذه المباحث، وهل استطاعت الفلسفة يوماً ما أن تحل لغزاً ؟!

وفي بساطة نتساءل ما المقصود بأن الحقيقة نسبية ؟ إذا كان المقصود أن معرفة الإنسان قاصرة وعمله قليل، وأنى له بالعقل الذي يدرك الأشياء إدراكاً شاملاً، فهذا ليس موضع اختلاف، والبشرية بما فيها من عجز وقصور مؤهلة لإدراك قدر من المعارف تكفيها لأداء مهامها في هذا الفترة القصيرة من عمرها على الأرض.

وإذا كان المقصود أن الإنسان لا يصل إلى حقيقة، وكل ما عنده من حقائق لا يمكن القطع والجزم بها، ولا يمكن الاتفاق حولها، فأول ما يواجه هذا القول من نقد أن يُسأل ما الدليل على أن هذا القول صادق؟ فإذا قُدمت الأدلة على صدقه وأثبتت أنه حقيقة، فهو اعتراف بأن لدينا على الأقل حقيقة نطمئن إليها، وهو اعتراف ينقض ما قُدمت الأدلة لإثباته، وإذا كان القول بأن الحقيقة نسبية أمر نسبي أيضاً ولا يمكن القطع والجزم به ، فكيف يؤخذ به؟ ثم كيف يفسر من يقول إن الحقيقة نسبية ذلك القدر المشترك من الحقائق بين أفراد النوع البشري على اختلاف بيئاتهم وظروفهم وعصورهم ؟! - إنتهى المختار من كلامه - .

أرباب النسـبية يسـحقون النسـبية تحت أقدامهم !

لصالح قناعاتهم الإنطباعية الذاتية الشخصية غير الموضوعية بعيداً عن التخصص والخبرة :

1- يقول نيتشـه ، وهو من أئمة دريدا ، ومقلديه :

"إن من يعرف كيف ينعم بأنفاس كتابتي يشعر بأنها أنسام السمو، ونفحات القوة". ويقول أيضاً عن أسلوبه : "إن في أسلوبي رقصاً ورماحاً وطعناً ولغتي سخية كريمة وعصبية عنيفة إنه أسلوب لاعب السيف بسرعته ولمعانه" .

ويتجاوز هذا بمراحل بقوله مبالغاً في نفسه وفي إنجازاته :

"إن المستقبل سيقسم الماضي إلى ما قبل نيتشه وما بعده" .

2- يقول جاك دريدا محي فلسفة التفكيك المعروف بفيلسوف ما بعد الحداثة :

"إن النقد الذي أقوم به عصي على النقد".

ويقصد نقده للنصوص بواسطة فلسفة التفكيك فالتأويل المفتوح غير النهائي ... أي التأويل العدمي .

ويجيب مستسخفاً بالعقول :

" ماذا يعني التفكيك ... التفكيك لا يعني شـيئاً " .

- يقول ابن عربي في الفتوحات المكية - ابن عربي - ج 1 - ص 280 :

قال أبو يزيد البسطامي في هذا المقام وهو يخاطب علماء الرسوم ( بحسب تعبيره ) :

( أخذتم علمكم ميتاً عن ميت ، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت يقول أمثالنا حدثني قلبي عن ربي ، وأنتم تقولون حدثني فلان ، وأين هو ، قالوا مات عن فلان ، وأين هو قالوا مات ، وكان الشيخ أبو مدين إذا قيل له قال فلان عن فلان عن فلان يقول : ما نريد نأكل قديداً ، هاتوا ...ائتوني بلحم طري يرفع همم أصحابه ، هذا قول فلان أي شئ ، قلت أنت ما خصك الله به من عطاياه من علمه اللدني ، أي حدثوا عن ربكم ، واتركوا فلانا وفلانا فإن أولئك أكلوه لحماً طرياً ، والواهب لم يمت ، وهو أقرب إليكم من حبل الوريد ، والفيض الإلهي ، والمبشرات ما سد بابها ، وهي من أجزاء النبوة والطريق واضحة ، والباب مفتوح والعمل مشروع ) .

وأبو يزيد البسطامي هو : طيفور بن عيسى أبو يزيد البسطامي ، شيخ الصوفية ، له نبأ عجيب وحال غريب ، نقلوا عنه أنه كان يقول : سبحاني وما في الجنة إلا الله ، ما النار لأستأذنن إليها غداً ، وأقول اجعلني لأهلها فداء ، أو لأبلغنها ، ما الجنة ؟ لعبة صبيان.... ! ، وكان يقول إنه كان له معراج كما كان للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ).

وقال القاضي بدر الدين بن جماعة عن الكشف في المنام ، والذي زعمه أبن عربي بالنسبة لمصدر وحجية كتابه الفصوص :

( حاشا رسول الله ـ ص ـ ، يأذن في المنام بما يخالف ويعاند الإسلام ـ يشير إلى زعم ابن عربي أنه تلقى كتاب الفصوص من الرسول مكتوباً- ، بل ذلك من وسواس الشيطان ، ومحنته وتلاعبه برأيه وفتنته... وقوله في آدم : أنه إنسان العين ، تشبيه لله تعالى بخلقه ، وكذلك قوله....وأما إنكاره ما ورد في الكتاب والسنة من الوعيد : فهو كافر به عند علماء أهل التوحيد.... وكذلك قوله في قوم نوح وهود: قول لغوٍ باطل مردود ...فإنها ألفاظ مزوّقة ، وعبارات عن معان غير محققة ، وإحداث في الدين ما ليس منه ، فحُكمه: رده ، والإعراض عنه ) .

هذا وكثيرون من رجال التصوف ادعوا أنهم قد عرج بهم إلى السماوات العلى ، وزعم ابن العربي أنه قد عرج به تسع مرات *فعلق الحر العاملي بالقول :

( أنه يدعي المزية والفضيلة على الرسول صلى الله عليه وآله )

وهذه المزاعم مستمرة فقد زعم المعراج إسماعيل بن عبدالله السوداني أيضاً ،وصنـّفَ كتاباً عام 1261هـ ، أي قبل مائة وسبع وثلاثين سنة تقريباً ، بإسم ‏(‏ مشارق شمس الأنوار ومقارب حسها في معنى العلوم والأسرار‏)‏‏ ، وادعى فيه لنفسه العروج .

وذلك لا يعني أنهم حصروا مصدر التشريع في الكشف فقط ، بل جعلوا التشريع مفتوحاً وبلاحدود بإعمال التأويل بلا قواعد ، وبلا ضوابط لأيات القرأن الكريم ، والأحاديث الشريفة للتحرر الكامل من النص المعارض لطريقتهم مثل قوله تعالى :

 ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً )

وما في الكافي بسنده عن حماد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول :

( ما من شئ إلا وفيه كتاب أو سنة .)

وفيه أيضاً عن سليمان بن هارون قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :

( ما خلق الله حلالاً ولا حراماً إلا وله حد كحد الدار ، فما كان من الطريق فهو من الطريق ، وما كان من الدار فهو من الدار حتى أرش الخدش فما سواه ، والجلدة ونصف الجلدة . )

وللمزيد راجعْ مقال منهج التأويل ... بدايات الإنعتاق من التفسـير لكوت مولر - فولمر .

التعايش ذريعة لتسويق نسبية ابن عربي وغيره الشمولية الأحادية !

يستشهد البعض بقول ابن عربي :

"أصبح قلبي انعكاساً لكل صورة ، إنه مكان لدرويش ليرقص فيه ، إنه دير لقس ليتعلم فيه ، إنه منزل للجميع للعبادة، إنه ، وإنه....الخ" .

مضيفاً :

نرى من هذه القصائد أن الصوفية تعمل بصفتها قوة اجتماعية لتقريب الناس ، إنها جسر بين الثقافات المختلفة ، وبين ... الخ !

وذلك مصداق لتسـويق أنصاف الحقائق ، والمعرفة الناقصة لأن حلولية ابن عربي ومقلديه ، ووحدة الوجود لاتقود إلى إلغاء التعددية فحسب بل تقضي قضاءً تاماً حتى على الثنائيات كما هو واضح .

كيف يكون ذلك ؟ !

كلمة «حلول» تفيد درجات مختلفة من الحلول تشكل «وحدة الوجود» آخر درجاتها وأكثرها غلواً وتطرفاً. وذلك على عكس مصطلح «وحدة الوجود»، فهو يشير إلى حالة نهائية مثالية غير قابلة للتدرج . وعلى هذا، فإن مصطلح «الحلولية» كلمة تشير إلى كلٍّ من عملية الحلول التدريجي التي تتم من خلال مراحل متدرجة وإلى ثمرة هذه العملية ، أما مصطلح «وحدة الوجود» فيشير إلى مرحلة نهائية واحدة سكونية ( تأتي بعد مراحل سابقة ) ، أي إلى الثمرة وحسب ، الأمر الذي يعني قصور القيمة الدلالية لهذا المصطلح وضعف قيمته التفسيرية والتصنيفية. ولزيادة القيمة التفسيرية والدلالية للمصطلح قد نضيف كلمة «واحدية» لنفرق بين الحلولية وبين درجات وحدة الوجود الأخرى ، فالحلولية الواحدية هي وحدة الوجود .

والحلوليـة  من "حل المكان وبه» ، بمعنى «نزل به»، و«حلّ البيت»، بمعنى «سكنه» فهو «حالّ». والحلول قد يكون بجزء وقد يكون بكل، ولكنه في أكثر درجاته تطرفاً وفي منتهاه هو " اتحاد الجسمين اتحاداً تاماً يذوب به كل منهما في الآخر بحيث تكون الإشارة الى أحدهما إشارة إلى الآخر ". ويعني مصطلح «الحلولية» أن الإله والعالم ممتزجان وأن الإله والقوة الداخلية الفاعلة في العالم (الدافعة للمادة الكامنة فيها) هما شيء واحد، وأن هناك جوهراً واحداً في الكون، ولذا تتسم المذاهب الحلولية بالواحدية الصارمة وإنكار الثنائيات التكاملية، والسقوط في الثنائيات الصلبة أو الاثنينية وإنكار الحيز الإنساني . ووحدة الوجود  مشتقة من الأصل اليوناني «بان» بمعنى «كل» و«ثيوس» بمعنى «إله» . والمصطلح يعني أن كل الموجودات هي الإله وأن الإله هو كل الموجودات، وأن الإله هو العالم وأن العالم هو الإله، والإله والعالم حقيقة واحدة، ولهذا يقول أصحاب وحدة الوجود أنه ليس في العالم وجودان أو جوهران بل هناك جوهر واحد، وهو جوهر متجاوز للإنسان.  للمزيد يمكنك مراجعة دراسة بعنوان :"  الحلولية ووحدة الوجـود والكمونية " .

إذن من مآلات نسبية ابن عربي وغيره ، وحلوليته ؛ الشمولية الأحادية التي لا تبقي باقية للتعايش .

 

 

للحديث صلة بإذنه تبارك وتعالى

 

إلى الصفحة الرئيسية : تشـبيك للتنمية والدراسات