فلنكن على بصيرة بطموحات الصين العسكرية
المركز الدولي لدراسات امريكا والغرب - روغر كليف منذ 11سبتمبر 2001 خففت الولايات المتحدة من قلقها حيال القدرة العسكرية للصين مركزة بدلا من ذلك على التعاون مع بكين في مواجهة الارهاب والضغط على كوريا الشمالية بشأن برنامج اسلحتها النووية وحل القضايا الاخـرى المباشرة بيـد انه على المـدى البعيـد فان واشنطن لايمكنـها ان تتـجاهل ظهـور الصين كقوة عسكرية يمكن ان تواجه الولايات المتحدة وبشكل اكثر احتمالا في قضية تايوان المتفجرة. لاريب ان الولايات المتحدة سوف تظل القوة العسكرية المهيمنة في العالم على مدى المستقبل المنظور فالصين تنفق بما يزيد على ضعفين او ثلاثة اضعاف على الجيش كل سنة حسبما يظهر في ميزانية دفاعها الرسمية البالغة 30 بليون دولار وان كان هذا يظل اقل بكثير من الانفاق السنوي الاميركي على الدفاع البالغ 400 بليون دولار. كشفت دراسة حديثة لمؤسسة راند للابحاث ان الانفاق السنوي للصين على الدفاع في 20 سنة سوف يظل دون200 بليون دولار حسب سعر الدولار الان. تنبع هذه الزيادة في الانفاق من سلسلة اصلاحات بدأت في اواخر السبعينات عندما شرعت الصين في التخلي عن التخطيط الاقتصادي على النمط السوفيتي لصالح شئ ما اقرب لنظام السوق الحر وفي الوقت الذي نما فيه الاقتصاد في اواخر الثمانينات وجدت الصين نفسها مع مزيد من الاموال لصالح جيشها ومنذ 1997 تزيد ميزانية دفاعها بأكثر من 10% في السنة. تستغل الصـين الاموال في تحديث قواتها المسلحة وتغـيير طبيعة مهـامه فبدلا من الإعداد لعمليـات حرب العصـابات او ماكان يصور بحرب الشعب المنخفضة التقنية ضد الغازي تستعد الصين لحروب محلية عالية التقنية - حروب الفترة القصيرة والكثافة العالية الاشبه بالحملة العسكرية للولايات المتحدة في حرب الخليج 1991 على الرغم من انه لايزال يتم تسليحه بأسلحة ترتكز على تصميمات ترجع للعهد السوفيتي في الخمسينات فان الجيش الصيني يستخدم أعدادا متزايدة من الطائرات والسفن الحربية والصواريخ والدبابات الحديثة وقد تم شراء الكثير من هذا من روسيا وان كانت صناعة الدفاع للصين تنتج اسلحة ودبابات من الدرجة الاولى حسب التطورات التقنية الضاربة بجذورها في التحول الاقتصادي للدولة والمقترن بالمساعدة التقنية من روسيا واسرائيل. ويتضمن هذا الاخير: جي -10 المقاتلة المساوية في قدرتها القتالية لمقاتلة اف -16 الاميركية والمدمرة لويانغ- كلاس التي تضاهي سفن ايجس الاميركية واتش كيو -9 طراز جديد من غواصات هجومية نووية ونظام صواريخ ارض- جو المضاهي لنظام باتريوت الاميركي ودبابة تيب 98 الموازية في قدرتها للدبابات القتالية الرئيسية للبلدان الغربية والصواريخ الباليستية قصيرة المدى ذات الدقة القتالية المتزايدة. كما تعمل الصين بشكل جاد على تحسين التدريب العسكري وكفاءة الافراد في جيشها فالمناورات والتدريبات العسكرية شاملة وواقعية بشكل متزايد وبدأ الجيش الصيني في تجنيد خريجي الكليات المدنية ليصبحوا ضباطا ويجب ان يكون افراد الجيش المسجلون هم على الاقل من خريجي المدارس المتوسطة. اخيرا فان الجيش الصيني ربما يصعد الى مصاف القوة العالمية القادرة على ان يكون لها قوة في ارجاء المعمورة. بيد ان الصين لم تبدأ بعد الاستثمار في الانظمة المطلوبة لجعل ذلك ممكنا وهي حاملات الطائرات والراجمات الثقيلة والسفن الطموحة بعيدة المدى وطائرات النقل العسكرية ووضع أقمار صناعية للمراقبة والاتصال تغطي العالم. حتى الان فان الصين تركز في الاساس على البلدان المتاخمة او المجاورة لها والاكثر ملاحظة في ذلك تايوان وتتجه بكين صوب تطوير قوة قوية بشكل يكفي لحمل تايوان على قبول التوحد مع الدولة الام وسحق اي دفاع اميـركي عن تايوان حليفتـها منذ زمن طويـل ويمكن للـولايات المتحدة ان يكـون لها الغلبة في مثل هذه الحرب الان لكن بعد 20 سنة من الان ربما تكون الصين هي القوة ذات الغلبة في شرق آسيا ويمكن ان تعاني الولايات المتحدة كثيرا في صد هجوم صيني على تايوان. وحتى لو لم يكن للبلدين صراع مباشر على تايوان فانهما يمكن ان يجدان انفسهما يتحركان صوب حالة من الحرب الباردة على غرار الحرب الباردة المنتهية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي واكبر شئ غير معروف في الوقت الحالي هو استقرار وايديولوجية الصين على المدى البعيد حيث ان الصين تواجه كثيرا من التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الكبيرة فالتوتر السياسي مثل تكرار مصادمات 1989 مع المتظاهرين الداعين للديمقراطية قد يبدو محتملا بشكل كبير ومع ذلك فان النتيجة غير مؤكدة بشكل واضح. ويمكن ان تطور الصين شكلا معتدلا من الديمقراطية ترسخ تنافسا وديا مع الولايات المتحدة اشبه بالعلاقات الاميركية -الفرنسية حيث قد تتصاعد الخلافات من وقت لاخر دون ان تسمح اي من الدولتين لهذه الخلافات ان تؤدي الى قضايا امنية خطيرة. احتمالية اخرى هي ان يتردى النظام الاجتماعي والسيطرة المركزية ويتباطأ بشكل كبير النمو الاقتصادي في الصين. على الرغم من ان ذلك قد يقلل الموارد المتاحة للانفاق العسكري الا انه يمكن ان يؤدي الى عدم استقرار الصين مما يجعلها دولة محفوفة بالمخاطر من الصعب التنبؤ بها حتى لو كانت اضعف من مواجهة الهيمنة العسكرية الاميركية في شرق اسيا. اخيرا فان الصين قد تستمر بدلا من ذلك في الاستمتاع بالتقدم الاقتصادي والتقني السريع في الوقت الذي تظل فيه تحت السيطرة القوية لحكومة سلطوية ولهذا السبب بالذات يجب على الولايات المتحدة ان تواصل تطوير قدراتها العسكرية للرد على اي تحد محتمل في المنطقة. روغر كليف : باحث مختص بشـئون الصين في مؤسسة راند للابحاث خدمة ( لوس انجلوس تايمز - وواشنطن بوست خاص ) المصدر : روغر كليف -المركز الدولي لدراسات امريكا والغرب .
|