بيان مبرة سيد الشهداء سلام الله عليه بمناسبة رحيل معدن العلم والفقاهة آية الله السيد محمد رضا الشيرازي أعلى الله درجاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وأهل بيته الطيبن الطاهرين، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.

في صبيحة الأول من شهر يونيو لعام 2008 الموافق 26 من جمادى الأولى1429 للهجرة فُجع العالم الإسلامي برحيل عالم من علمائها بل فارس من فرسان العلم والتقوى والفضيلة، رجل قلّ نظيره في زمن يفتقر إلى شخصية تمثل النبع المعين للعلم الرباني والعطاء المحمدي والامتداد الحسيني، إنه الفقيه المجاهد الأستاذ آية الله السيد محمد رضا الشيرازي أعلى الله مقامه.

فمنذ أن درج إلى الحياة العلمية والعملية وبدأ أولى مراحل التعلّم والدرس لاحظ كلّ من عرفه ودرس عنده أن هذا العالم سيكون له شأن من الشأن يفوق أقرانه بكثير من العطاء، سواء بغزارة العلم أم بنبوغ الفكر أم بالدفاع عن ثوابت الدين والعقيدة، فقد كان كما ظنوا بل وأكثر مما توقعوا، كان سيفاً مشهوراً ضد أعداء الدين، مدافعاً مستميتاً عن حياض العقيدة بقلمه ولسانه، تعشقه الملايين حين يتحدث وينصت إليه الكل حين يخطب، خطيباً بارعاً مجتهداً محامياً عنيداً بالدفاع عن الحق وأهله مطالباً بالحفاظ على المكتسبات الحضارية.

فقد نهل من معين الفقاهة والاجتهاد حتى تتلمذ على يديه الآلاف وعرف بغزارة العلم بجانب التقوى والورع والدقة في أغلب الأمور. وصل إلى أعلى مصاف الاجتهاد والعلم مبكراً لنبوغه وإخلاصه واجتهاده، فقد تطلعت إليه الأبصار ورنت إليه العيون بآمالها لأن يكون ملاذاً لطلائع العلماء والكوادر الرسالية، يتقدّمهم حاملاً راية الدين بكف والعلم والكتاب بكفه الأخرى، شعاره حُسْنُ الخُلُق والتسامح والاعتدال والوسطية.

لا يختلف عليه – حتى من خالفوه- في كمال أخلاقة وملائكية سلوكه ومنهجه طوال حياته، لم ير إلا متبسماً حتى في أحلك الظروف، فقد كان شعلة الأمل وضياء المستقبل ومحط أنظار المتعلقين بنبوغ سمات القائد الرباني العارف بآلام الأمة وعلاجها، فإدراكه العميق بالمخاطر الفكرية والانحرافات السلوكية التي تعاني منها الأمة دليل وعيه المتكامل ومتابعته الدؤوبة لما يحاك لها من مؤامرات تهدف للانقضاض على أهم المكتسبات الفكرية فكان لهم بالمرصاد يدحض هذه ويحذر من تلك ويسد تلك الفجوة ويردم الهوة.

ولكن ما كان أسرع رحيله إلى الرفيق الأعلى، فهذا حكم الله نتقبّله برضاً مطلق وسكينة تامة. إنها إرادة السماء ومشيئة الباري في خلقه أجمعين.

فكان هذا المصاب الجلل والمؤلم، والخسارة العظيمة للأمة الإسلامية قاطبة وللحوزات العلمية خاصة حيث فقدت - مبكراً- قلّما كان سيعطي الأجيال تلو الأجيال عطاء قل نظيره.

ولكن لنا في المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله ومراجعنا العظام وأهل بيت الفقيد الراحل كافة وإخوانه خاصة، الأسوة والصبر والسلوان، ونعزّيهم ونعزّي أنفسنا بهذا المصاب الأليم وإنا إلى ربنا لمنقلبون.

وإنّا لله وإنّا اليه راجعون والحمد له ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين، والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.

 

رئيس مجلس إدارة مبرة سيد الشهداء عليه السلام

جميل كمال ـ الكويت

الاثنين 2/6/08 ـ 27 ج الأولى1429