الكتاب الإلكتروني... قيد على ثورة النشر!

 

كليتون كولينز

 

 

هل أصبح في وسع "سيتلين ليونز"، المسؤولة عن قسم المبيعات بمكتبة بوسطن براتل، تحويل كل هذه الكتب المرصوصة في أرفف المكتبة إلى ملفات إلكترونية صغيرة، تمكنها من تسويق مبيعاتها عبر شبكة الإنترنت أو في شكل أقراص مدمجة؟ لم لا وقد وفرت أجهزة الكمبيوتر الشخصي بنوعيه، وكذلك أجهزة PDA أو الكمبيوتر الكفي وغيرهما إمكانات تكنولوجية هائلة لضغط الملفات وتحميلها والتعامل معها إلكترونياً؟! والشاهد أن التطور الرقمي قد اجتاح المجالين السمعي والبصري منذ أمد ليس بالقريب.

غير أن إحداث الانتقال المطلوب من شكل الكتاب التقليدي الورقي العادي، إلى نظيره الرقمي، لا يزال بحاجة إلى استحداث الأجهزة الإلكترونية المتخصصة التي تتيح للقراء سهولة التعامل مع الكتاب الإلكتروني دون ضرورة الاتصال بالشبكة في كل مرة لتصفح الكتب.

وإلى جانب ذلك فإن انتقالاً كهذا يتطلب تغييراً في استراتيجيات تسويق الكتب نفسها ومجمل الثقافة الإدارية السائدة في مجال النشر فعلى سبيل المثال لا يزال موقع جوجل يصارع في القضايا المتعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية لمنشوراته الإلكترونية.

لكن رغم هذه المصاعب فإن الوقت قد حان كي يشق الكتاب الإلكتروني طريقه إلى مجال النشر وسوق الكتب العالمي. وليس المقصود بهذا التحول أن يحل الكتاب الإلكتروني محل الكتاب الورقي، وإنما أن يوفر شكلاً إضافياً من أشكال وصول الكتب إلى جمهور القراء، على نحو ما فعلت تجربة الكتاب المسموع وفيما يبدو فقد بدا كل من القراء والناشرين أكثر انشغالاً بهذه الفكرة التقليدية السائدة من قبل، والقائلة إن الكتاب الإلكتروني أو الرقمي هو ظاهرة أشبه بالموت قياساً إلى الكتاب الورقي المحبوب.

وكان الناشرون قد اعتقدوا في عام 2000 أن عالماً جريئاً وجديداً قد لاحت معالمه في أفق الطباعة والنشر، بما يفضي إلى تغيير المفاهيم التقليدية السائدة في صناعة الكتب عبر القرون، كما تقول سارة نيسلون، رئيسة تحرير مجلة "Publishers Weekly.

وفي اعتقادها أن ذلك كان جزءاً من الأوهام والأخطاء التي عطلت مجيء الكتاب الرقمي. أما الذي بدا واضحاً اليوم أكثر من ذي قبل، فهو أن منافذ ومساحات جديدة انفتحت لانتشار أعداد أكبر من الكتب الرقمية ومن رأي سارة أن هذه الإضافة ليس مقصوداً بها إحلال الكتاب الرقمي محل الكتاب التقليدي، بقدر ما هي تجاور وتعاضد بين الشكلين وللحقيقة فإن بوادر نشر الكتاب الرقمي تعود إلى بدايات العقد الحالي، أي إلى الوقت الذي تنبأ فيه بيل جيتس بقرب أفول نجم الورق باعتباره شكلاً من أشكال "تكنولوجيا القراءة".

ومنذ ذلك الوقت انشغلت مختبرات الإعلام التابعة لمعهد "ماساشوسيتس للتكنولوجيا" في إجراء التجارب المعملية على ما أسمته بـ"الحبر الإلكتروني". وفي الوقت نفسه اكتظت أرفف معرض "بوك إكسبو أميركا" للكتاب، بالأجهزة والمعدات الإلكترونية ذات الصلة بإنتاج الكتاب الإلكتروني من كل شاكلة وصنف وحجم.

وفي اعتقاد رتشارد كورتيس، وهو رئيس منظمة متخصصة في نشر الكتب الأدبية فضلاً عن كونه رئيساً ومؤسساً مشاركاً لموقع "E-Readers"- فقد سادت منذ بعض الوقت قناعة أشبه بالعقيدة الدينية في إمكانية انتشار الكتاب الرقمي. لكن ما أن مضت خمس سنوات فحسب على تلك البدايات حتى أدرك المتحمسون والمندفعون لانتشار الكتاب الإلكتروني، أن تحقيق هذا الحلم أكثر تعقيداً مما ظنوا بكثير.

وتكمن هذه المصاعب والتعقيدات في ناحيتين أساسيتين: أولاً من الناحية الفنية، خاصة ما يتصل منها بحقوق الإدارة الرقمية، وثانياً ما يتصل بالجانب الثقافي من الإدارة. وبالنتيجة فقد اتضح أن شركات كبيرة في هذا المجال، مثل شركة "وارنر"، لم يكن لها سوى قدر محدود جداً من الكتب الرقمية التي يمكنها الاستثمار فيها.

أما اليوم فقد تجدد العزم والخطوات على نشر الكتاب الرقمي، بقدر أكبر من الواقعية وعقلانية التوقعات. وضمن ذلك فقد خطت شركة "سوني" خطوة إيجابية بطرح منتجها الجديد من جهاز "Portable Reader أو القارئ النقال، على شاكلة الهاتف النقال، وهو جهاز حديث لم يمض على طرحه سوى عشرة أشهر فحسب.

وفي الوقت نفسه فقد أظهر موقع "أمازون" الرائد في مجال نشر الكتب وتسويقها، عزماً ملحوظاً في مجال النشر الرقمي بطرحه كتاباً رقمياً أولياً للاختبار ومع مضي السنوات، فقد تمكن موقع fictionwise.com وهو موقع عالمي رائد ومتخصص في نشر الكتب الأدبية وتسويقها على أساس تجارة التجزئة، من رفع حجم مبيعاته من نسبة 20% فحسب عام 2005، إلى 28% خلال العام الحالي، وفقاً لإفادة ستيف بيندرجراست المتحدث باسم الموقع. وفسر بيندرجراست ذلك الارتفاع الكبير في نسبة مبيعات شركته بالتأثير الإيجابي لدور شركة "سوني" في تسويق أجهزة القراءة النقالة، لكونها تسهم في نمو سوق الكتب الرقمية إجمالاًوبينما تحفز منتجات "سوني" القراء على شراء أحد أجهزة القراءة تلك، فهم ربما يفضلون عليها في بعض الأحيان، شراء جهاز eBookwise 1150 الذي تنتجه شركة fictionwise وتسوقه على نحو مستقل.

وبفضل ذلك التأثير فقد قفزت مبيعات الكتب الرومانسية والعاطفية إلى ما يعادل 50% من مبيعات الشركة في الوقت الحالي، مع أن نسبة مبيعاتها حتى عام 2004 لم تتجاوز أياً من الأرقام المفردة أو الأحادية وكما تقول الآنسة نيلسون والسيد كورتيس وغيرهما من العاملين في هذه الصناعة، فإن من أهم مزايا الكتاب الرقمي سهولة تنقله ومرونة التعامل معه.

*كاتب صحفي أميركي متخصص في الشؤون العلمية

و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا و دون تعليق.

المصدر: الإتحاد الإماراتية- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"-26-10-2007