الإعلام الجديد: لماذا تسكت الحكومات ؟
عبدالرحمن الرشيد
أخطر اللاعبين الجدد هو الهاتف الجوال. ففي جيله الثالث صار وسيلة لنقل البث التلفزيوني. كما ان التلفزيون صار وسيلة لعرض رسائل الهاتف القصيرة، حتى انه اطلقت محطات تلفزيونية خصيصا لخدمة الجوال للاستفادة من مداخيل الرسائل وبعضها أكثر من مداخيل الاعلانات التجارية، وصارت بعض شركات الهاتف في العالم من اكبر ملاك وسائل الاعلام والسؤال الذي حير الاعلاميين لماذا الحكومات ساكتة على غير عادتها؟ احد الاسباب انها مثل من حاول سد تسرب مياه السد بإصبعه. فالسد على وشك الانهيار وهي تعرف هذا. أيضا علينا ان ننتبه الى الحافز المالي فهو الذي يدفع الحكومات الى السكوت والصبر على خدمات الاعلام الجديد رغم ما تحمله الهواتف من رسائل، والمواقع من نقد، والبريد من تأليب. الدافع الرئيسي للتسامح الرسمي هي المبالغ الهائلة التي تجنيها شركات الهاتف الحكومية، او الخاصة التي تمول الحكومات بأموال صارت تمثل المصدر الثاني بعد النفط لمداخيل، دول الخليج مثلا. أيضا العائد على الاقتصاد الوطني أوسع من ذلك حيث يقول تقرير أعدته شركة الاتصالات المتنقلة «أم.تي.سي»، إحدى الشركات المتخصصة في الهواتف الجوالة في منطقة الشرق الأوسط، إن لكل وظيفة تستجد في قطاع الهواتف الجوالة في دولة كمصر، تظهر في مقابلها ثماني وظائف أخرى في قطاعات اقتصادية أخرى، مما يعني أن قطاع الاتصالات يشارك وحده في خلق ربع الوظائف الجديدة التي تظهر في مصر وتأثير الاعلام الجديد على السوق أيضا يسيل اللعاب، فكل من استثمر الف دولار في شراء اسهم شركات الهاتف عاد له ما بين 12 ألفا الى 35 ألف دولار وأشارت دراسة اجراها معهد «زاوية» للأبحاث في سبع دول شرق أوسطية الى ان عدد مستخدمي الهواتف الجوالة وصل الى 75 مليون شخص في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، تصلهم الخدمة عبر 38 شركة اتصالات في 18 دولة. لا بد ان ندرك ان الحكومات تريد السيطرة على كل ما يقال ويذاع لأنها تضمن بذلك «الاستقرار السياسي» الضروري لها، والذي ليس دائما ضرورة للمجتمع. ومع الاعتراف بأن للحكومات مآرب أخرى من ترويج فكرتي الرقابة والمحاسبة لما يظهر في الاعلام الجديد ومحاولاتها الفاشلة المتكررة للسيطرة على ما يرسل من رسائل هاتفية او حجب المواقع الالكترونية او مراقبة البريد الالكتروني، الا انه أيضا يجب ان نقر بأن هذا الفضاء المفتوح فيه مخاطر حقيقية على المجتمع من قبل جماعات غير مسؤولة تروج للمخدرات والجريمة والإرهاب وإشاعة الكراهية والتعصب وإيصال المجتمع الى الفوضى فالتوظيف السيئ للاعلام الجديد، سمة واضحة حيث يستفيد المستخدم من الحرية المطلقة التي تمنحه اياه. وكل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا و دون تعليق. المصدر:aawsat-27-12-2007
|