برامج المعلوماتية تضبط علاقة الجمهور بمقاهي الانترنت لمنع الجنس والتجسس وسرقة البريد الالكتروني

 

 

 

من أمثلتها «إيزي كافيه» و«إي كافيه برو» و«سابر كافيه»

ثمة «أعين» تتلصلص على أنشطة الجمهور الرقمي 

لا يصعب تقصي المشكلة الأساسية في موضوع الرقابة التي تفرضها بعض مقاهي الانترنت على الجمهور, على رغم أن النقاش في هذا الموضوع ليس شائعاً.

واستباقاً، فإن عقلية الرقابة، وكذلك مدى تجذر الثقافة الديموقراطية أو هشاشتها، وغياب رد الفعل من الجمهور؛ هي أمور ترسم علاقة أصحاب مقاهي الانترنت بروادها.

واستطراداً، فمن المألوف الحديث عن الرقابة التي تمارسها الدول على الشبكة الإلكترونية الدولية، وتتضمن قائمة أساليب تلك الرقابة التحكم في تدفق السيل الرقمي عبر «خادم بديل» («بروكسي سيرفر» Proxy Server) يتيح للدولة رقابة مُطلقة على المواد والمواقع قبل وصول الجمهور إليها وزرع برامج رقابة متخصصة مثل برنامج «كارنيفور» الذي تستعمله وكالة «أف بي آي» الاميركية في الرقابة على البريد الالكتروني عالمياً والاتفاقات بين الدول والشركات على أنواع من الرقابة مثل ما فعلت الصين مع عدد من الشركات مثل «غوغل» و «مايكروسوفت» وغيرهما.

أي سلطة في مقاهي الشبكة العنكبوتية؟

ربما بدا مستغرباً أن يغيب النقاش عن الرقابة التي يفرضها أصحاب المقاهي على الزبائن في بلد مثل لبنان، تتميز الثقافة العامة فيه، وخصوصاً بين الأجيال الشابة، بالميل إلى تدعيم الحرية الفردية.

ومع أن امتلاك مقهى انترنت وإدارته هو نشاط اقتصادي خاص، إلا أن ذلك لا يكفي لعدم وضع صلاحيات صاحب المؤسسة على محك النقاش. وربما يخطر في البال المقارنة بين المقهى التقليدي والالكتروني، إذ يسود انطباع بأن أصحاب المقاهي التقليدية يحرصون على إعطاء مقاهيهم طابعاً ينسجم مع أذواقهم وشخصياتهم وثقافتهم. إذاً، فلربما أن المسألة أعقد مما يبدو على السطح.

«هناك نوعان من الرقابة في مقاهي الانترنت: تعتمد الأولى على الورقة والقلم، وهذه طريقة بدائية؛ وتستعمل الثانية برامج المعلوماتية؛ وهي طريقة حديثة».

بتلك العبارات وصف فادي صاحب مقهى انترنت في بيروت، فكرته عن الوضع الراهن في مجال مهنته الالكترونية.

واستطرد قائلاً :»البعض يسجّل وقت دخول الزبون على ورقة ولا يتدخل في شؤونه. وعندما ينتهي الزبون من التصفح، يحاسبه صاحب المقهى على الوقت الذي قضاه». وتابع: «أما الطريقة الثانية فتعتمد على برامج التحكّم ...».

ربما يختصر فادي بكلامه الكثير من ملامح العلاقة بين رواد مقاهي الانترنت، التي تنتشر باطراد لبنانياً وعربياً، وأصحابها الذين يكسبون رزقهم من هذا النشاط الإلكتروني.

ولا يهتم بعض المقاهي بما يفعله الزبون، في حين يحاول البعض الآخر ضبط عمله على الكومبيوتر. كما تتحكم عقلية صاحب المقهى ودرجة انفتاحه، في مدى الحرية التي يمنحها للزبون.

وبالطبع لا تدخل حرية الدخول إلى المواقع الإباحية ضمن «الانفتاح»، إذ تتدخل فيها عناصر أُخرى مثل عمر الزبون.

لكن ماذا يستخدم أصحاب المقاهي من برامج لضبط عمل الزبون أو لفتح المجال أمامه؟ يوضح أحمد الحلبي (مدير أحد مقاهي الانترنت): «نستخدم برنامجاً بسيطاً، «نورتون انترنت سكيورتي» Norton internet security، يستطيع التدخل في مدى استعمال الزبون للإمكانات المتوافرة في برامج التصفّح، كما يتعرّف الى الصفحات غير المسموح الدخول إليها.

ويمكن منع المزيد من المواقع عبر تزويد البرنامج بأول حرفين من أسمائها».

ويشير الحلبي إلى برنامج آخر يستعمله بعض أصحاب المقاهي: «هناك برنامج «في أن سي فيوورز» VNC viewers.

وتكمن الميزة الأساسية في هذا البرنامج في أنه يعطي القدرة على رؤية كل ما يدور على سطح المكتب في كومبيوتر الزبون، من دون أن يلاحظ الأخير وجود من يراقبه... حتى أنه يمكنك من إغلاق الكومبيوتر كلياً عند الضرورة».

لكن لماذا كل هذه الأنظمة وهي تدخل ضمن التجسس على الزبون؟

يعترض الحلبي على هذا بالقول: «ما نقوم به هو لحماية أجهزة الكومبيوتر التي لدينا.

نحن لا نقوم بالتجسس على الزبون. وأنا لم أنزل برنامج «في أن سي» لكي أتجسس على رواد مقهاي... إنه مثال عن الأنظمة التي تستطيع من خلالها الحفاظ على الجهاز وأيضاً عدم التدخل في ما يقوم به الزبون».

إلغاء دور الجمهور

يتحدث فادي عن برامج أخرى يستخدمها أصحاب المقاهي لحماية الأجهزة وأيضاً لسهولة العمل: «هناك برامج متخصصة في رقابة المقاهي الإلكترونية مثل «سايبر كافيه» cyber cafe و «إيزي كافيه» easycafe و «أي كافيه برو» ecafe pro و «كافيه مانيلا» cafemanila و «كافيه سويت» cafe sweet وغيرها؛ إضافة إلى البرامج التي توضع على الكومبيوتر الاساسي للمقهى لكي تستخدمها بقية الأجهزة، ما يُسهّل الرقابة».

ويضيف: «إن برنامج «إيزي كافيه» هو الاكثر رواجاً وقوة؛ وتستعمله معظم محال الانترنت لأن لديه إمكانات كبيرة في التحكم وحساب الوقت, أيضاً معرفة أسماء المواقع المفتوحة على كل كومبيوتر، والعمليات التي تجرى على كل جهاز، إضافة إلى إمكان رؤية لقطات لشاشة الزبون». ويتابع فادي شرحه عن برنامج «إيزي كافيه»: «من الممكن إطفاء أي جهاز كومبيوتر في المقهى وإعادة إقلاعه من الجهاز الأساسي، كما يمكن بعث رسالة تنبيه إلى الزبون، وكذلك يمكن احتساب تكلفة الاستعمال العادي وإجراء الحسابات الخاصة بالألعاب الإلكترونية للإنترنت وغيرها». ويشير إلى أنه «من خلال استخدام «إيزي كافيه» يمكن الحد كثيراً من تحركات الزبون، خصوصاً إذا كان من المحترفين، وذلك عبر ميزة إلغاء مزايا المفتاح اليمين على الفأرة الإلكترونية وكذلك خاصية نسخ البرامج.

وأخيراً يستطيع البرنامج أن يمحو كل البرامج والمعلومات التي أنزلها الزبون عند انتهاء مدة الاستخدام»!

وإذا كانت هذه مواصفات «إيزي كافيه»، فهل يعني ذلك أنه يتحكم كلياً بعمل الزبون ويتجسس عليه؟

ينفي فادي ذلك بالقول إن «هذا البرنامج يسمح بالتحكم الجزئي، لكن هناك برامج أخرى يتم إنزالها على الكومبيوتر، منها برنامج «ريموت ادمنستريتر» remote administrator، الذي يستطيع فعلياً التحكم كلياً بكل أجهزة المحل الى حد إلغاء الزبون».

وهل يستطيع الزبون أن «يرد» على هذه الرقابة؟

يشرح فادي بأن «الزبون يستطيع الدخول الى ملف «ماي كومبيوتر» mycomputer والدخول إلى قائمة المواصفات، حيث يعطيه أمر «ريموت» remote القدرة على إلغاء السماح لأي كان بالدخول إلى جهازه، لكن برامج الرقابة تُحس بهذه الخطوات أيضاً».

كيف تمنع التجسس؟

وفي هذا الإطار، يشرح أحمد دالاتي، وهو اختصاصي في تقنيات الكومبيوتر، ميزات مجموعة من البرامج المستخدمة في ضبط جمهور مقاهي الانترنت: «هناك برامج من نوع «سباي وير» Spyware يمكن دسّها للتحكم بكومبيوتر الزبون.

وكذلك فإن برنامج «إيزاسيرفر» isaserver هو من البرامج القوية والمنتشرة في محال الانترنت لأنه يسمح بالتحكم بكومبيوترات الزبائن». ويضيف: «يفرض هذا البرنامج عليك أن تضع مواصفات المواقع المحظورة أو حرفين منها، لأن كل موقع لديه خصائص معينة، بما في ذلك المواقع الجنسية... وأود أن ألفت الى أن البلاد العربية لا يوجد فيها الكثير من «الهاكرز» ولا صُنّاع الفيروسات... الجميع عندنا يستخدمون بعض برامج التجسس أو سرقة البريد الإلكتروني أو الاستيلاء على كلمة السر».

وفي سياق متصل، يشير فادي إلى أن «بعض مقاهي الانترنت تُنزل برنامج «أنتي بورن» anti porn، الذي يحتوي على كل المواقع الجنسية، وتالياً يستطيع حظر الدخول إليها كلياً».

وتحدث دالاتي عن أن البعض «يقوم بالمراقبة ومنع المواقع المحظورة عبر برنامج «بي سي أني وير» pcanywhere المتخصص في مراقبة المتصفح «اكسبلورر»، بحيث يرى صاحب المحل المواقع قبل ان تصل الى الزبون، فيقرر منعها أو السماح بها».

وتندرج في سياق الرقابة الالكترونية، مسألة منع الفيروسات من التسلل الى أجهزة مقاهي الانترنت.

ويشير فادي إلى أن «البعض ينزل برنامج «ديب فريز» deepfreeze الذي يستطيع إعادة الكومبيوتر إلى حالته الأولى بعد إطفائه عقب كل استخدام؛ وبالتالي تُلغى كل الملفات، بما فيها الفيروسات».

في المقابل، يرى دالاتي أن «من برامج مكافحة الفيروسات، تبرز أسماء مثل «كاسبرسكاي» kaspersky و «نورتون انتي فيروس» anti virus norton و «ماكافي» Mcafee.

وعبر هذه البرامج يستطيع صاحب المقهى تخفيف إمكان دخول الفيروسات إلى الأجهزة عبر شبكة الإنترنت».

وكم تبلغ تكلفة هذه البرامج؟ يؤكد دالاتي أن «كل هذه البرامج تُقرصن لبنان والدول العربية عبر استعمال «كراك سيريال نمبر» crack serial number، المجاني والمتوافر على كثير من المواقع المهتمة بالبرامج المجانية، ما يمكن من الحصول على البرامج بأثمان رخيصة ولكنها تعمل وكأنها أصيلة... ويمكن العثور على «كراك سيريال نمبر» لأي برنامج، عبر عملية بحث بسيطة على الشبكة الإلكترونية».

و كل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا و دون تعليق.

المصدر: الحياة اللندنية-24-6-2007