"حالة الإنكار" والغوص في علاقة بوش بالأمير بندر بن سلطان
اسم الكتاب: "حالة الإنكار: بوش المحارب.. الجزء الثالث" State of Denial: Bush At War, Part III اسم الكاتب: بوب وودوورد Bob Woodward دار النشر: سايمون أند شوستر Simon & Schuster
أحدث كتاب الصحفي الشهير بوب وودوورد "حالة الإنكار" State of Denial زوبعة سياسية وإعلامية في واشنطن بسبب ما تضمنه من معلومات عما وصفها بحالة الخلل وعدم التنسيق التي تطغى على حكومة الرئيس بوش وجنوحها المعتاد لإخفاء الحقائق بشأن إخفاقاتها السياسية عن الشعب الأمريكي من خلال اعتماد سياسة التضليل والانكار. وقد اعتمد وودوورد على سلسة لقاءات صحفية أجراها مع عدد من المسئولين في الحكومة ومع مصادر لم يكشف عن هويتها داخل البيت الأبيض ومؤسسات الحكومة المختفلة بسبب حساسية الموضوع، كما أشار إلى مضمون بعض الوثائق السرية ومقارنتها مع التصريحات العلنية للرئيس بوش وأعضاء حكومته للكشف عن التباين الحاصل بين حقيقة الأمور، خاصة التطورات المتعلقة بالعراق انطلاقا من الفترة التي سبقت الغزو ومرورا بعملية الغزو ذاتها وما بعدها ووصولا إلى مرحلة التدهور الأمني والإقتتال الطائفي الحالية، وبين الخطاب الرسمي للرئيس بوش الذي يعمد إلى إظهار الوضع على أنه وردي وآخذ في التقدم نحو الأفضل. وقد ركز وودوورد على موضوع الإخفاق في العراق إلى جانب ما وصفه بإحفاق مسئولي الأمن القومي في الولايات المتحدة خاصة كونداليزا رايس مستشارة الأمن القومي أنذاك في تفادي حدوث هجمات الحادي عشر من سبتمبر، على الرغم من جميع المؤشرات والتحذيرات الاستخبارتية التي كانت تؤكد أن شبكة القاعدة بزعامة أسامة بن لادن مصممة وعازمة على ضرب الولايات المتحدة داخل أراضيها. الموضوع العام للكتاب المراقب للتطورات في واشنطن منذ تولي الرئيس بوش السلطة مطلع عام 2001 يدرك ويعرف عن قرب صحة ما تضمنه كتاب وودوورد من خلاصات ومعلومات بشأن سياسات الحكومة سواء المتعلقة بالحرب على الإرهاب ومرحلة ما قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر وكذلك الحرب في العراق، لأن وسائل الإعلام وعددا من الكتب والأفلام الوثائقية تطرقت إليها من قبل. فعلى سبيل المثال قضية "تجاهل" كوندايزا رايس والرئيس بوش لمذكرة الإستخبارات التي تحمل عنوان "شبكة القاعدة عازمة على المهاجمة داخل الأراضي الأمريكية" قبل بضعة أسابيع من الهجمات سبق وأن تطرقت إليها لجنة التحقيق في هجمات الحادي عشر من سيتمبر خلال جلسات الاستماع التي عقدتها وفي التقرير النهائي الصادر عنها. كما أن التباين بين تقييم الرئيس بوش وأعضاء حكومته للوضع في العراق وبين أعمال العنف الطائفي المتصاعدة وعدد الجثث التي يتم العثور عليها يوميا في شوارع المدن العراقية وتحمل أثار التعذيب واضح للعادي والبادي، خاصة وأن معدل عدد القتلى في صفوف المدنيين العراقيين فقط يبلغ حوالى ألف قتيل شهريا ناهيك عن عدد القتلى في صفوف القوات العراقية وقوات التحالف وعمليات الاغتيال التي أصبحت شبه يومية وتستهدف الشخصيات السياسية والدينية والأمنية. لكن الجديد في الكتاب هو كشف المؤلف عن مضمون الحوارات التي دارت بين المسئولين في حكومة الرئيس بوش بشأن مختلف تلك القضايا التي تطرق لها من خلال استخدام العبارات والحوارات كما وردت بالإضافة إلى كشفه عن مضمون عدد من التقارير السرية التي وُزعت داخل الحكومة. الجديد في الكتاب القضية التي أثارت إهتمامي في كتاب وودوورد هي كشفه عن طبيعة العلاقة المتميزة بين الرئيس بوش وبين السفير السعودي السابق لدى واشنطن الأمير بندر بن سلطان الذي يقول الكاتب إنه يحظى بنفوذ وتأثير بارز ليس فقط في حلقة صنع القرار في واشنطن بل إن لديه منزلة خاصة لدى الرئيس بوش ذاته وبالتالي فإنه الشخصية العربية الوحيدة على الأرجح التي يستشيرها الرئيس بوش ويأخذ بآرائها على نحو جاد. سبق وأن تطرق كتاب آخر تحت عنوان آل بوش وآل سعود" The house of Bush and the House of Saud” العلاقة الوطيدة بين عائلة بوش وعائلة آل سعود الحاكمة في السعودية والمصالح السياسية والمالية المشتركة بينهما، لكن الأمر مختلف في كتاب وودوورد "حالة الإنكار" إذ أنه يبرز في فصول عديدة منزلة الأمير بندر ودوره الاستشاري لدى بوش ليس لكونه ينتمي لعائلة آل سعود بل بسبب دهائه السياسي ومعارفه واتصالاته الشخصية عبر العالم. بداية علاقة بوش بالأمير بندر يقول ووردوور إن الرئيس السابق بوش الأب أجرى في خريف عام 1997 إتصالا هاتفيا بأحد أبرز أصدقائه المقربين وهو الأمير بندر بن سلطان سفير السعودية لدى واشنطن وقال له إن بوش الإبن الذي كان حينها حاكما لولاية تكساس يرغب في الحديث معه بشأن موضوع هام على انفراد وبعيدا عن الأضواء وطلب منه القدوم إلى تكساس. ويضيف الكاتب أن بندر الذي تتمحور شخصيته وعلاقاته على مثل تلك الاجتماعات البعيدة عن الأضواء لم يتردد ووافق من دون أن يسأل عن السبب، لكن القضية كانت واضحة خاصة وأنه كانت هناك تكهنات وتقارير صحفية تفيد بأن بوش الابن كان يفكر في ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة. قام بندر بالتخطيط لزيارته لتكساس وجعلها متزامنة مع موعد مقابلة لكرة القدم الأميركية يلعبها فريقة المفضل Dallas Cowboys واستخدمها كغطاء للزيارة. يقول الكاتب إن بوش الإبن أبلغ بندر عزمه ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة وقال له إن لديه أفكارا واضحة حول ما يتعين القيام به بشأن السياسة الداخلية الأمريكية لكنه أضاف "ليس لدي أي فكرة عن الكيفية التي يتعين علي التفكير من خلالها بشأن السياسة الخارجية، إن والدي أبلغني بأنه يتعين علي التحدث مع بندر قبل أن أتخذ أي قرار بهذا الشأن لأسباب عديدة: أولها أنه (أي بندر) صديقنا-أي صديق للولايات المتحدة. ثانيها أنه يعرف جميع الشخصيات التي لها وزن وتأثير عبر العالم. ثالثا لأنه مطلع على التطورات في العالم ويستطيع المساعدة في عقد اجتماعات مع أهم الشخصيات في العالم وهنا تكمن أهمية آراء بندر ومشورته والتي ستترسخ بشكل أكبر وأعمق خلال السنوات الموالية، مع الإشارة إلى أن بوش اتصل ليتباحث مع بندر بشأن السياسة الخارجية قبل الاتصال بكونداليزا رايس لتشرف على ملف السياسة الخارجية في حملة بوش الانتخابية. وودوورد يقول إن الأمير بندر قدم لبوش نصيحة ميكيافيلية مفادها أنه يتعين عليه التخلي عن كبريائه وأن يكسب ود خصومه السياسيين بأي ثمن، موضحا له أن معترك السياسة هو مجال صعب ودموي ليس فيه مجال للنزاهة. بندر المستشار غير الرسمي ويوضح الكاتب أن الاتصالات بقيت متواصلة بين بندر وبوش الابن، وأنه في الوقت الذي حاز فيه الأخير على ترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة إلتقى الرجلان في يونيو من عام 2000 خلال حفل بمناسبة عيد ميلاد باربرة بوش، وأن بوش الابن طرح السؤال التالي على بندر "بندر إنك أفضل شخص مطلع على شئون العالم، أخبرني أمرا واحدا، وهو لماذا يتعين علي أن أعير الاهتمام لكوريا الشمالية؟" في إشارة إلى التقارير التي تحذر من التهديد الذي يشلكه النظام الحاكم في بيونغ يونغ، ليجيب بندر بأنه لا يدري بالقدر الكافي لأنه لم يقم بأية مهام بشأن كوريا الشمالية لكنه أوضح أن أحد الأسباب قد يكون هو وجود ثمانية وثلاثين ألفا من القوات الأمريكية على الجانب الجنوبي من الحدود بين الكوريتين وأن اي إطلاق للنار عبر الحدود قد يسفر عن مقتل نصف تلك القوات الأمريكية خلال أي هجوم تقوم به كوريا الشمالية بالأسلحة الكيماوية أو البيولوجية أو حتى بالأسلحة التقليدية وبالتالي وبكل بساطة فإن الولايات المتحدة في حرب مستمرة مع كوريا الشمالية. ويشير الكاتب هنا إلى أن الرئيس بوش أعرب عن ارتياحه للبساطة في التفسير الذي قدمه بندر وقال "أود لو أن أولئك-المستشارين- يعرضون علي الأمور بشكل مبسط بدلا من تقديم نصف كتاب عن تاريخ كوريا الشمالية". بحسب وودوورد يظهر هذا الحوار ذكاء الأمير بندر وقدرته على دراسة سيكولوجية الأشخاص الذين يتعامل معهم واستخدام ذلك لصالحه، وفي معرض تحليله لشخصية بوش الإبن يقول بندر إن "بوش جاء إلى السلطة ولديه مهمة يريد تحقيقها" هذه المهمة هي مهمة شخصية وهي بحسب بندر "رفع الظلم الذي لحق بوالده الرئيس السابق من خلال خسارته في الانتخابات على يد كلينتون". الإجتماعات الشهرية والمشاروات بشأن قضايا العالم من غير المعتاد أن يكون بإمكان سفير دولة ما الدخول إلى البيت الأبيض والإجتماع مع الرئيس الأمريكي في أي وقت شاء، لكن الوضع مختلف بالنسبة للسفير السعودي الأمير بندر، يقول وودوورد إن في الخامس والعشرين من شهر مارس من عام 2001، أي بعد شهرين من تولي بوش الرئاسة، توجه الأمير بندر إلى البيت الأبيض ليبلغ الرئيس بوش انزعاج السعودية بتصريحات صادرة عن وزير الخارجية كولين باول قال فيها إن الولايات المتحدة تعتزم نقل سفارتها لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس باعتبارها عاصمة لدولة إسرائيل، ويضيف الكاتب أن الرئيس بوش أبلغ بندر بأنه يدرك مدى حساسية القدس لدي العرب وأن باول لم يكن موفقا في اختبار عباراته على الأرجح. ليناقش الرجلان قضيتي فلسطين وقضية الإطاحة بنظام حكم صدام حسين والمعارضة العراقية وارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية. وليعرب الرئيس بوش عن رغبته في عقد إجتماع مرة كل شهر مع بندر من أجل إجراء حوار صريح بينهما. بعد أسبوعين على اجتماع بوش وبندر في البيت الأبيض قامت الصين بإسقاط طائرة تجسس تابعة للبحرية الأميركية واعتقلت طاقمها المؤلف من أربعة وعشرين شخصا وهو ما شكل أول أزمة دولية تواجهها حكومة الرئيس بوش. وفي الوقت الذي شدد فيه البيت الأبيض على ضرورة الحفاظ على صورة الرئيس بوش لدى الرأي العام طلب وزير الخارجية كولن باول تدخل الأمير بندر لحل الأزمة من خلال استخدام نفوده وعلاقاته مع المسئولين الصينيين. وهو الأمر الذي حدث بالفعل وقام بندر بإقناع المسئولين في بكين بالإفراج عن المعتقلين الأمريكيين الأربعة والعشرين واعتبر المسألة على أنه جميل شخصي أسداه الصينيون له. وأظهر الكتاب عددا من المناسبات التي تدخل فيها الأمير بندر وتحدث فيها إلى الرئيس بوش ليس بلهجة سفير دولة أجنبية فحسب بل بلهجة المستشار الملم بأمور العالم الذي يسدي النصيحة لرئيس دولة عظمى، وليكون بذلك الشخصية العربية الوحيدة على الأرجح التي يستمع إليها الرئيس بوش بتأني وإمعان. و كل ذلك بحسب المصدر المذكور. المصدر: تقرير واشنطن-العدد79
لالي ويموث
أسئلة صعبة حول الأسلحة النووية والحرب الأهلية وغيرها من الموضوعات الشائكة موجهة إلى رئيسي البلدين الأكثر سخونة في الشرق الأوسط تقع إيران والعراق جنبا إلى جنب، ليس فقط على الخرائط بل أيضا ضمن التحديات الأمريكية الأكثر إلحاحا. وخلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع الماضي، تكلم رئيسا البلدين كل على حدة مع لالي ويموث مراسلة نيوزويك. وفي حين أن رئيس العراق متفائل بشأن مستقبل بلاده، فإن الرئيس الإيراني لايزال متشبثا برفضه إيقاف الأنشطة النووية، وهو شرط مسبق طالبت به الولايات المتحدة إيران قبل البدء بأي محادثات. وهذه مقتطفات: الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجـــاد ويموث: هل ستوقفون أنشطة التخصيب وإعادة المعالجة؟ أحمدي نجاد: لماذا علينا القبول بذلك؟ لا تتضمن معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية بندا كهذا. ألم تطرحوا علامات استفهام بشأن ذلك عندما خرقتم المعاهدة لأكثر من 10 سنوات؟ هل تعترفون بتلك الانتهاكات؟ من حق أي دولة من الدول الأعضاء في المعاهدة أن يكون لديها تكنولوجيا لإعادة معالجة الوقود. لكن ألا تترافق الحقوق مع مسؤوليات؟ المشكلة هي أن البعض يعتقدون أنهم فوق القانون. ينتجون القنابل ويستعملونها أيضا. هنا تكمن المشكلة. هل تعتقد أن من مصلحة إيران السعي إلى علاقة طبيعية مع الولايات المتحدة؟ نحن مهتمون بإجراء محادثات مع الجميع... لكن الإدارة الأمريكية ــ أعني جزءا من الإدارة الأمريكية ــ لا توجد الظروف المناسبة. يظنون أن العالم بأسره ملكهم، لذا يتكلمون من هذا الموقع، وينظرون إلينا بازدراء. بعض السياسيين في الولايات المتحدة يعتقدون أن المسألة النووية هي طريقة للضغط على إيران، لكنهم مخطئون. لا يمكن لـ [بلد] أنتج واستعمل القنابل النووية أن يدعي أنه يريد وقف انتشارها الآن. هل أنت جاد في قولك إنه يجب محو إسرائيل عن وجه الأرض؟ علينا أن ننظر إلى ما يجري في الشرق الأوسط» 60 عاما من الحرب، 60 عاما من التهجير، 60 عاما من النزاعات، ولا يوم واحد من السلم. علينا أن نعالج جذور المشكلة. إذن تقترح محو إسرائيل عن وجه الأرض؟ اقتراحنا واضح جدا... لندع الفلسطينيين يقررون مصيرهم في استفتاء حر وعادل. ينبغي أن نقبل بالنتيجة مهما كانت... الناس الذين لا جذور لهم هناك يحكمون الأرض الآن. اقتُبس عنك قولك إنه يجب محو إسرائيل عن وجه الأرض. هل هذا ما تعتقده؟ ما قلته أوضح موقفي. إذا نظرنا إلى خارطة الشرق الأوسط قبل 70 عاما... إذن الجواب هو نعم؟ هل هذا امتحان؟ هل تحترمين حق الأمة الفلسطينية في تقرير مصيرها؟ نعم أم لا؟ إذا اختار الشعب الفلسطيني حلا يتضمن دولتين، هل ستدعم ذلك القرار؟ إن إسرائيل تحتل فلسطين الآن. من أين أتوا؟ يجب أن يعودوا إلى حيث أتوا. أدليت بتصريحات حول المحرقة اليهودية، قائلا إنه تم تضخيمها هل هذا رأيك؟ الأرقام ليست مهمة... نعلم أنه كان حدثا تاريخيا حصل فعلا. لكن لماذا تتم ملاحقة الناس الذين يشككون فيها ويتم التهجم عليهم؟ هناك أزمة عنف في العراق. لقد طلب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مساعدتكم أخيرا. هل ستساعدونه؟ لقد دعمنا الحكومة العراقية منذ البداية. وسوف ندعم العملية السياسية في العراق. الجميع في المنطقة يقولون إن نتيجة الغزو الأمريكي للعراق كانت تقوية إيران أكثر من أي وقت مضى. هل تظنين أن هناك مشكلة في أن تكون إيران بلدا قويا؟ إيران القوية ستكون مفيدة للمنطقة، لأن إيران بلد ذو حضارة عريقة ولطالما كان بلدا مسالما. هل ستستمرون في دعم مجموعات إرهابية، مثل حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني؟ لماذا تسمينهم إرهابيين؟ إذا احتل أحدهم الولايات المتحدة ونهض الشعب الأمريكي للدفاع عن أرضه، هل ستنعتين الشعب الأمريكي بالإرهابي؟ سأقول إنهم إرهابيون إذا بدأوا بقتل المدنيين. للشعب الفلسطيني الحق بالحياة. غزة تتعرض للقصف ويتم تدمير المنازل. ماذا تريدون من الولايات المتحدة أن تفعل؟ أرسلت رسالة مفصلة جدا ومليئة بالاهتمام [للرئيس بوش]. أنا أعني كلامي بحق عندما أقول إنني آمل أن يغير السيد بوش سلوكه وموقفه. لا يسعدنا أن تتزايد المشاعر المعادية له يوميا في أنحاء العالم. كيف يمكنك أن تأتي إلى بلدنا وتطلب من رئيسنا أن يغير سلوكه؟ نحن ندافع عن شرفنا فحسب. الرئيس العراقي جلال طالباني ويموث: الأمريكيون محبطون بشأن العراق. ما تقييمكـم للوضع؟ طالباني: لا تركز وسائل الإعلام إلا على الجانب السلبي للعراق. لدينا مشاكل أمنية، لكننا حققنا إنجازات وانتصارات كبيرة. الناس يستمتعون بنوع جديد من الديموقراطية إنهم يستمتعون بحرية التعبير وبحقهم في إنشاء تنظيمات وامتلاك محطات تلفزيونية وإذاعية خاصة بهم. لقد حررنا الاقتصاد من سيطرة الدولة. والآن أصبح القطاع الخاص ناشطا في كل مكان. لدينا 18 محافظة، و12 منها على الأقل تنعم بالهدوء. والمدارس مفتوحة في مختلف أنحاء العراق. شهد جنرالان أمريكيان بارزان أخيرا بأن هناك حربا أهلية تجري في العراق. هذه ليست حربا أهلية. إنها نشاطات إرهابية مركزة في العراق يرتكبها تنظيم القاعدة وغيره من المتطرفين. ألستم قلقين بشأن العنف؟ نحن قلقون بالطبع. لكن هذا ليس سوى أحد الجوانب... ماذا عن المليشيات السنية؟ قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة، رفض السنة التفاوض مع الشيعة. كنت الوسيط بينهم. بعد ذلك، اقتنعوا بالمشاركة في البرلمان. ووافقوا على إقامة حكومة وحدة وطنية، وقد وافق السنة والشيعة والأكراد على تشكيل مجلس للأمن القومي. والآن يحكم السنة والشيعة معا. بالرغم من أن بعض الخلافات مازالت قائمة، هذه طريقة للمصالحة. يقال إن الحكومة الأمريكية تفقد ثقتها برئيس الوزراء نوري المالكي. أكد لنا الرئيس بوش أنه سيدعم حكومة المالكي. وأكدنا له أن كل الأحزاب السياسية العراقية تدعم المالكي. لقد حقق إنجازات مهمة من أجل العراق. وأمر كل المليشيات بوقف أنشطتها. لكنها لم تتوقف. لم تعد تعمل كما في السابق. متى ينبغي أن ترحل القوات الأمريكية؟ أعتقد أننا في غضون سنتين سنتمكن من تدريب جيشنا وسيصبح لدينا القدرة على مواجهة الإرهاب. عندما نطلب من حلفائنا مغادرة العراق، سيتوقف ذلك على قدرتنا على المحافظة على سيادة العراق واستقلاله وإبقائه بمنأى عن المخاطر الخارجية. إن وجود القوات الأمريكية ــ حتى بأعداد رمزية ــ سيخيف أولئك الذين يحاولون التدخل في شؤوننا. هل تتكلم عن إيران؟ لقد عاد رئيس وزرائنا للتو من إيران. وحصل على ضمانات أمنية منها، ووعود بأنهم لن يسمحوا بأي تدخل في الشؤون الداخلية العراقية. هل تصدق ذلك؟ سوف نرى. القوات التركية محتشدة على الحدود العراقية. نعم، لكنها لن تدخل. لقد أقنعنا حزب العمال الكردستاني [وهو مجموعة كردية انفصالية وراديكالية متمركزة في العراق] بوقف القتال، وفي غضون بضعة أيام سيعلن وقف إطلاق النار بشكل رسمي. هذا سيساعد العراق على فتح صفحة جديدة في العلاقات مع تركيا. نحن نحث الأكراد الأتراك على الاعتدال، وعلى خوض معركتهم بالوسائل الديموقراطية. ما رأيك بالفكرة الأمريكية التي تقضي بتحويل بلدان الشرق الأوسط إلى ديموقراطيات؟ أنا أدعم هذه الفكرة. أعتقد أن الديموقراطية هي الحل لكل المشاكل في الشرق الأوسط. إذن، في حين يعتقد الكثير من الأمريكيين أن الحرب على العراق تسودها الفوضى، أنت تؤمن بالعكس. العراق ليس في حال فوضى. هناك الكثير من المقاطعات التي يسودها الهدوء، حيث يعيش الناس في حالة ازدهار. نحن ممتنون لشعبكم وجيشكم ورئيسكم. لقد حررتمونا من الدكتاتورية. إذن، هذا القتال لم يذهب سدى؟ ما أريده من وسائل الإعلام الأمريكية أن ترسل مراسلين إلى العراق لرؤية أنحاء مختلفة من البلاد، وليس فقط الفلوجة وبغداد. بعض الأماكن تعاني مشاكل، بما فيها بغداد، لكننا نعمل على تحسين الوضع. هل ترحبون بإقامة قواعد أمريكية في كردستان؟ نعم. أظن أننا سنحتاج إلى قوات أمريكية لوقت طويل من أجل منع التدخل الأجنبي. عشرة آلاف جندي وقاعدتان جويتان تكفي. هذا سيكون لمصلحة الشعب العراقي والسلام في الشرق الأوسط. وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصاً و دون تعليق. المصدر: http://newsweek.alwatan.com.kw
سمير عبدالكريم بول
ليس من مصلحة أمريكا أن توجه ضربة مفاجئة للمواقع النووية الإيرانية المخصبة لليورانيوم الآن، كما فعلت إبان عهد الرئيس السابق بيل كلنتون في أواخر القرن الماضي، عندما وجهت صاروخا من طراز "توماهوك" لتدمير مصنع الأدوية السوداني "الشفاء" الموجود في قلب الخرطوم. وهذه المصلحة في عدم ضرب إيران لا تأتي من التزام أمريكا بمبدأ "إذا بيتك من زجاج فلا ترم بيت الجيران بالحجر"، ولكن لأن أمريكا قانعة الآن بحربي أفغانستان والعراق، وأيضا ربما بأن رد الفعل الإيراني قد يشمل تنفيذ التهديد الإيراني بمحو إسرائيل من الوجود. إذن أمريكا وقبل أن تسعى للضرب ستنظر إلى الموضوع بمنظار الاحتمالات، إذ إن إيران ليست كالسودان أو أفغانستان أو العراق. لذا من مصلحة أمريكا السعي حثيثا لمصالحة إيران، وتلك هي اللباقة الدبلوماسية التي تحدث عنها هنري كيسنجر في كتابه "الدبلوماسية"، وليس اتباع سياسة "ركوب الراس"، كما يريد أن يفعل بوش، وعلى مستشاريه إدراك ذلك. إيران، وعلى الرؤية الواضحة أمامنا، لا تريد علاقة مع أمريكا إلا بشروط ربما تصعب على واشنطن، فالعلاقة في نظر إيران هي التبعية. وكما أن هنالك الحلم الأمريكي، هناك أيضا الحلم الإيراني الذي أساسه السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، وإن فشلت عبر آلية حزب الله فستفكر في الترسانة النووية أو السيطرة على سوق النفط، فيكفي أنها تدخل إلى خزينتها نحو 55 بليونا من الدولارات سنويا ووصل بها الأمر إلى تخزين بعض النفط في أفريقيا الجنوبية. فالعلاقات الأمريكية الإيرانية في نظر الأغلبية غير مرشحة للتطور أكثر من الاستقرار على ما هي عليه الآن. و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصاً و بدون تعليق. المصدر: http://newsweek.alwatan.com.kw
ويليام أندر هيل
تـراجـــع؟ أمور تذكرنا بعام 1956. بدأت بتظاهرة حاشدة. ثم اقتحم حشد من رماة الحجارة اليمينيين والشبان الأشقياء مكاتب أم تي في، المحطة التلفزيونية الرسمية المجرية، مطالبين باستقالة الحكومة. يقول أتيلا كيرت، مدير الأخبار في بودابست، الذي تكبدت محطته أضرارا بقيمة 400000يورو: "الأمر محبط جدا. هذا ليس الوجه الحقيقي للمجر". ربما لا، لكن تصعب رؤية وجه المجر الحقيقي. كما في غيرها من بلدان أوروبا الوسطى، يبدو كأن معدلات النمو الاقتصادي المثيرة للإعجاب تخبئ صورة فوضوية عن قلة النضج السياسي وعدم الكفاءة المالية اللذين يهددان بوقوع كارثة. يقول آندرز أسلوند من معهد الاقتصاد الدولي في واشنطن: "أوروبا الوسطى في حالة فوضى. هذه الدول توقفت عن اعتماد سياسات اقتصادية سليمة عندما انضمت إلى الاتحاد الأوروبي". أبرزها المجر، لأنها كانت مثالا للاستقرار المحترم. لكن هذا قد ولى. فالمتظاهرون في بودابست كانوا يحتجون على اعتراف رئيس الوزراء فيرينك غيوركساني الذي سربته وسائل الإعلام بأنه كذب مرارا بشأن حالة البلد المالية للفوز بولاية ثانية لحكومته الاشتراكية في الانتخابات في وقت سابق من هذه السنة. والواقع هو أن عجز الميزانية لهذه السنة سيصل إلى 10 بالمائة، وهي أعلى نسبة في أوروبا. إن العواقب الكاملة لعادات المجر التبذيرية لم تظهر بعد. ويتكلم علماء الاقتصاد بشؤم مشبهين الوضع بالأزمة المالية الآسيوية عام 1997، فثمة زيادة كبيرة في الديون بالعملات الأجنبية تركت المجر عرضة للمخاطر إن حصلت أي زيادة في معدلات الفائدة أو أي ركود في الاقتصاد العالمي. وتعاني بولندا معدل بطالة يبلغ 16 بالمائة ويتوقع التشيكيون أن يتضاعف عجز ميزانيتهم السنة المقبلة. وفي الحقيقة، قامت وزارة المالية التشيكية بنشر صفحة كاملة من الإعلانات في الصحافة الوطنية تظهر الحالة الاقتصادية الوخيمة في البلاد. (ملقية اللوم، بالطبع، على الحكومة السابقة). رغم اختلاف البلدان، تبقى نقطة الضعف المشتركة قابليتها لتأجيل الإصلاحات الأكثر حساسية. وعجز الميزانيات المتفاقم يشهد على الميل إلى شراء الناخبين بدلا من إغضابهم من خلال تقليص الإنفاق. يقول ساندور ريختر، وهو خبير في الشؤون المجرية في معهد فيينا للدراسات الاقتصادية الدولية: "إن المؤسسات الكبرى في القطاع العام ـــ مثل الرعاية الصحية، والتعليم والحكومة المحلية ـــ تبقى كما كانت أيام الشيوعية، لا حدود لإنفاقها للأموال العامة". إن المخاوف الاقتصادية تغذي سياسة شعبوية متجددة، مقرونة بالقومية. فمن مصادر قلق بروكسل وصول مجموعات متطرفة هامشية إلى الحكومة. وفي سلوفاكيا، القيادة الجديدة برئاسة اليسار منهمكة في الرجوع عن إصلاحات السوق الحرة ـــ ضرائب مقطوعة وقوانين عمل أكثر تساهلا ـــ التي جعلت الحكومة التي سبقتها محبوبة المستثمرين الأجانب. وقد شهدت بولندا الأسبوع الماضي تفكك حكومتها اليمينية بسبب الخلافات بين حلفائها من المحافظين ومؤيدي السياسات الشعبية. وفي الجمهورية التشيكية، استغرق تشكيل حكومة جديدة هذا الصيف ثلاثة أشهر تقريبا، ويبدو الائتلاف الذي سيتسلم الحكم أضعف من أن يقوم بإصلاحات جدية. و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا و بدون تعليق. المصدر: http://newsweek.alwatan.com.k
عدنان أبو زيد
إن الامل كبير في بناء عراق حر، يخلو من فكر النخب التفكيكية والثقافة القروسطية التي أذاقت العراقيين الكبت عبرالحظر السياسي والتطهير العرقي والعنصرية، وان الخيار اليوم متروك لنا في استغلال فرصة التاريخ لتحقيق الفيدرالية القائمة علي أساس جغرافي لا علي أساس قومي او خطوط اثنية ليكون ممثلا للطوائف الساكنة فيه وليس لطائفة معينة، يكون متهيا لتلبية متطلبات الاندماج الاقليمي والهيكلية السياسية الحديثة التي تفرضها العولمة وما تتطلبها من عمليات توحيد للفعاليات الدولية ومشاريع التحررية الجديدة التي تعتمد السيادة فيها علي قوانين االسوق وما يتطلبه من انفتاح يحد من سيادة الدولة الحديثة اذا لم يكن نظامها السياسي منفتحا اصلا علي الداخل وممثلا لكل القوي السياسية والاجتماعية في المجتمع. لكن الجدل ينحصر اليوم بعد ان استطاع الدستور العراقي ان يعبر بوضوح عن سياساته في شكل الكيان العراقي المستقبلي عن قدرة المرحلة القادمة علي تامين الاستقلال الداخلي وتدعيم ركائزه عبر سلطة مركزية فيدرالية قوية، وفي القدرة علي تامين حق الاستقلال الذاتي للآقليات. فالعراق الذي رزح تحت وطئة ادارة مركزية قوية سعت الي تقوية الهاجس بان العراق بدون المركزية سوف يقسم الي اشلاء، يقف اليوم امام خيار الفيدرالية أو النظام الاتحادي كضرورة وطنية تلغي هاجس الانفصال وتحقق العدالة وتؤكد الهوية ولعله اليوم اقرب مايكون لتحقيق حلا حضاريا لإشكالية المجتمع المتنوع قوميا ومذهبيا ودينيا وسياسيا بتاسيسه الدولة الفيدرالية القائمة علي التوازن بين السلطة المركزية وادارة الاقليم ضمن حكم مؤسساتي يلغي النمط الفردي في اتخاذ القرار، ويلغي تقسيم الدولة بتمكين المؤسسات الدستورية الجامعة لكل الاقاليم من النهوض بواجباتها. إن شكل السلطة في العراق اليوم يوحي بقوة ان سلطة القرار تمتلكها مراكز متعددة ترسخ السلطة المشتركة بين الاعضاء لادارة مركز السيادة العامة الواحدة التي تلغي تعدد مراكز السيادة الممثلة بكل بكل طرف، فالخصوصيات الجغراقية والاجتماعية والدينية والعرقية المتعددة ستكون عوامل واضحة في اتخاذ القرار المركزي الواحد. كانت سياسة الادارة المركزية في ظل النظام السابق تقوم علي اساس الغاء الدور الذي تقوم به المدينة او الاقليم ولم تشهد مدينة عراقية واحدة انتخابات حرة للحاكم المحلي بل كان يتم ذلك علي اساس الولاء للدكتاتور، والتنقيذ الاعمي لارادته، وليس علي اساس الكفاءة والمقدرة فرئيس الجمهورية يعين الولاة والمحافظين من شاغلي المناصب الدستورية والتنفيذية بدون ان تكون للآجهزة الرقابية في المستوي الولائي أو المحلي القدرة علي محاسبة الولاة، وكان حاكم الاقليم والمدينة جاهلا لكافة اختصاصاته ولم يكن ثمة دستورا اقليميا واضحا يتم عبره اصدار القوانبن. واللافت للنظر ان النظام السابق لم يسمح للتوازن بين السلطة المركزية والسلطات المحلية وكان تمثيل ادارة الاقليم شكليا او معدوما مما اتاح لدور الفرد ان يتضخم علي حساب المؤسسات الدستورية لتضمحل المشاركة في مؤسسات الدولة متحولة الي تبعية لنظام شمولي تتمحور في شخصه كل السلطات. ولم يكن النظام السابق قلقا قدر تعلق الامر بالمشاركة السياسية في ادارة الدولة، لذلك ابتكر من الاساليب والحيل ما لم يعهد به التاريخ من قبل، بغية احكام تفرده في السلطة واشباع رغباته الوصولية واستغل مبدأ السيادة الوطنية ستارا تتحصن فيه دكتاتوريته الاستبدادية، بل وصل الامر الي حد انك لاتجد فصلا واضحا بين السلطة التنفيذية والتشريعية، فصارت فوضي القانون واللاشرعية واهدار الحقوق ميدانا كثرت فيه الاخطاء وعمت بين جوانبه الفوضي. لقد كرست النظرة الاحادية العنصرية insular في العراق وجها واحدا غيبت فيه الوطنية العراقية واختلطت عنده اوراق الدين والسياسة، بغية تمرير اهداف البقاء لاطول فترة ممكنة في السلطة والتي كانت سلطة ثقافية لطائفة بعينها تعمدت إلغاء ما دونها من ثقافات لتستأثر بالسلطة لذاتها، تاركة الثقافات الاخري مهمشة لاتستطيع القيام بتحالفات بغية تفتيت المركز. ولم تر الدولة العراقية حداثة او مدنية، تكون تمهيدا لدولة ديمقراطية بل ترسخت مع مرور الزمن مفاهيم عفي عليها العصر من قبلية وعشائرية وعمل (بضم العين) علي تكريس واقع لا يمثل التكوين الجغرافي والتاريخي والاجتماعي العراقي ومراحل تطوره التاريخية، كما ان معيار تقاسم السلطة القائم علي تقاسم السلطة والثروة في المجتمع، قد استبدل بالاستحواذ ماديا وفكريا علي الاتجاهات الاخري سياسية كانت او طائفية او قومية. دولة فيدرالية إن تحويل نمط الدولة من سلطة القبضة الحديدية الي دولة فيدرالية تحكمها المؤسسات الدستورية وتتوزع فيها السلطات، يقدم حلا مثاليا لاشكالية التنوع العرقي والاقليمي في العراق ويبعد مخاطر الانفلات والتجزئة عبر ترسيخ الاستقلالية والحرية. ولعل الفيدرالية اليوم تمثل حلا عادلا، تستدعيه التعددية في المجتمع، العرقية والاثنية والثقافية، لتلافي الصراع الذي يمكن ان ينشا حول توزيع الثروة والسلطة، لتجد القوي الاجتماعية في ظل الفيدرالية وقد وازنت بين خياراتها الاستقلالية وثوابتها الوطنية. إن تاريخ تطبيقات الفيدرالية في العالم يثبت صحة هذه النظرية، التي بدأت في العصر الحديث كتجربة ناجحة جدا في نظام الولايات المتحدة الامريكية الذي تأسس بين عامي 1787 و1789، وفي سويسرا التي تعد تجربتها الاكثر استقرارا ونمواً منذ 1848، والمانيا الفيدرالية التي تحولت الي قوة عملاقة في القرن الماضي والامارات المتحدة التي شكلتها فيدرالية من سبع دول مستقلة (أبو ظبي، عمان، دبي، الفجيرة، رأس الخيمة، الشارقة وأم القيوين)، كما نجحت (بلجيكا) في الفيدرالية ونادت بتعميم هذه الفلسفة في جميع دول أوروبا التي اختارت الاتحاد الفيدرالي وجها حضاريا تطل به علي العالم. ولا ننسي الهند الفيدرالية التي بزغت شمسها في عام 1949 حيث صاغ (كريبس) نظام الحكم الاتحادي الفيدرالي فيها، ورغم المصاعب التي واجهته والاتهامات بالسعي لتقسيم الهند، الي ان التصميم والارادة السياسية والثقة بالمستقبل جعلا من الهند قوية متراصة رغم التنوع العرقي واللغوي فيها، فحصل الناطقون بلقة التبلوق والناطقين بالقوجرات وبالماراثي، كل علي استقلاله الذاتي، وكان ذلك في نظر نهرو مصدر قوة للهند وليس ضعفا وقد صدق في ذلك، ولا ننسي روسيا وباكستان والبرازيل والارجنتين وكندا واستراليا والمكسيك، حيث فرضت الفيدرالية نفسها كحل عادل لاشكالية التنوع. التنوع العرقي والطائفي إن الحل الدائم لاشكالية التنوع العرقي والطائفي في العراق لم تحلها الحكومة المركزية في العراق يوما ما حلا نهائيا مما جعل الانفصال عن الوطن الام خطرا محدقا، واتاح للفتن والحروب ان تزيد من الاحقاد والخسائر، فمنذ 1921 كانت سلطة الدولة مركزية احادية النظرة وكان نظرتها في منح الاقاليم حكما ذاتيا حقيقيا خطوة تكتيكية بحتة بغية كسب الوقت لذلك كانت سببا في الحال الكارثي الذي وصل اليه العراق في ما بعد، واتاح للسلطة الفردية ان تقوي شوكتها لتقضي علي كل اشكال الحوار والديمقراطية، لتفقد التكوينات السكانية خصوصيتها التاريخية والجغرافية والقومية رغم ان الدستور العراقي ينص علي شراكة القوميات والطوائف في الوطن العراقي.. إن الخطر المحدق في مستقبل العراق لن يكون بالفيدرالية بل في فرض مجموعة علاقات ثقافية معينة علي بقية الثقافات والاعراف، ليكون استعلاءا في صور مختلفة، لاسيما وان العراق يضم تيارات تقف علي ارضيات فكرية وانثروبولوجية مختلفة يجب ان لاتسبعد هوياتها بل تكون جزءا من الهوية العراقية التي استغلها النظام السابق بلغة متحيزة في تفسير التاريخ علي انها هوية استعلائية الغائية لاتؤمن بالتكيف التلقائي للثقافات بل تعتمد تذويبها وتهميش دورها المشارك في الثقافة الوطنية الجمعية. رياح العولمة الآن وقد تغير الزمن العراقي، بزوال صدام اولا، وتزامن هبوب رياح العولمة علي العالم، اصبح من الضروري ان تنطلق رؤانا السياسية نحو آفاق مفتوحة وابعاد اكثر تواصلا في الزمان والمكان، وان نوازن بين محورين (البنيوي والاصطفائي)، فلا يبقي العراق في عزلة نائية بعيدا عن المتغيرات الحضارية كما يجب تكييف تلك المتغيرات مع الواقع العراقي حتي لا يبقي العراق اسير ماضيه، ولا يكون ذلك الا بالية الانطلاق بمعطياته المحلية مواكبا التحولات العالمية وموازنا بين ارثه التاريخي وانطلاقته العالمية وعبر توازن ايكولوجي بين الارض والصحراء، بين الدولة وخصوصيات الاقاليم، مجردا العقل العراقي من رواسب العقود الماضية التي رسخت التفكيكية واوجدت علاقة بين الانتماء الاثني والشخصية تعلو علي العلاقة الوطنية. تثير الفيدرالية اليوم جدلا واسعا بين الذين يخافون اثارها المستقبلية، مثلما تثير خوفا وارباكا في صفوف الذين يكرسون ثقافة الثوابت غير القادرة علي مجابهة وسط يطفح بالمتغيرات فتكون استجابتها محددة بثوابت وطنية تارة ودينية تارة اخري او لغوية في بعض الاحيان، كما يصنفها اولئك الذين يقفون علي طرفي نقيض بين شوفينية تتلبس تلك الثوابت وقوي اجتماعية فيدرالية تسعي للانقضاض علي ارث النظام السابق من ثقافة مركزية احادية وحزب واحد بغية الحفاظ علي الكيان العراقي ووحدته التاريخية. وكل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور. المصدر:كتاب العراق-7-10-2006
سترايكر مغواير
فيما يجتمع حزب العمال في بريطانيا للتفكير في مستقبله، يظل التحدي الأكبر هو أن يحافظ على وحدته لطالما وصفتهما الصحافة بأنهما رأسا الحربة في معسكرين معاديين. فديفيد ميليباند يخدم سيدا واحدا: رئيس الوزراء توني بلير. ودوغلاس آلكساندر يخدم سيدا آخر: هو وزير المالية غوردن براون. ومع ذلك، كانا يدردشان الأسبوع الماضي مع نيوزويك في مكتب ميليباند الوزاري المطل على إحدى ساحات لندن المورقة. وقد أكمل كل من عضوي البرلمان جملة الآخر وعكسا حركات الآخر ـــ ومع رعشة تنافسية ـــ قبلا بوجهة نظر الآخر بأسلوب تلخصه عبارة "من بعدك، لا والله". وحين وصل مصور، قام ميليباند، البالغ 41 عاما، برفع أكمامه» وبعده بدقائق، حذا آلكساندر، البالغ 38 عاما، حذوه. تنافس؟ أي تنافس؟ يقول ميليباند: "إذا كنا لا نزال نتحدث بعد 20 سنة [عن أنصار بلير وأنصار براون] لن نكون قد أنجزنا الكثير". وهذا المشهد الثنائي الذي قدمه ميليباند وآلكساندر ليس مجرد عرض مسرحي. فهما فعلا قلقان جراء النزاع الذي عاث خرابا في حزب العمل في الأسابيع الأخيرة. فقبل ثلاثة أسابيع، أسفر تمرد من جانب أعضاء البرلمان الذين كانوا أوفياء في السابق لبلير عن إعلان هذا الأخير عن تنحيه لمصلحة براون الصيف المقبل. لكن يستمر الصراع فيما تتقاتل الفصائل للتحكم بالبرنامج السياسي من الآن وحتى تخلي بلير عن السلطة. والأسبوع الماضي، خلال جلسة متشنجة لمجلس الوزراء، حذر بعض الوزراء من أن الصراعات من أجل السلطة بدأت تنفر العامة. ويقال إن أحدهم قال في هذا الخصوص: "لا بد أن يتوقف ما يحصل". وفيما يلتئم شمل الحزب في مانشستر من أجل المؤتمر السنوي المنعقد هذا الأسبوع ـــ وهو الأخير في ظل قيادة بلير ـــ يشكل الانسجام كلمة السر. فما يحتاج إليه حزب العمل بحسب رئيسة الحزب هازل بليرز "ليس مجرد إظهار الاتحاد لكن الاتحاد فعلا وبشكل جدي من رأس الحزب وحتى القاعدة". لكن هذا الطلب صعب. فحتى في ظل الهدنة المعلنة بين بلير وبراون، يستمر كبار السياسيين، الذين تفلت زمام السلطة من أيديهم، في إحياء النزاعات. وبعضهم، أمثال رئيس مجلس العموم جاك سترو البالغ 60 عاما، قد حرصوا على إبقاء علاقات طيبة ببراون. أما آخرون، مثل وزير الداخلية جون ريد، البالغ 59 عاما، ووزير التربية آلان جونسون، البالغ 56 عاما، فينتظران في الخلف على أهبة الاستعداد لاستلام منصب رئيس الوزراء في حال زلت قدم وزير المالية. ويواجه براون هجمات مما يسميه سوندر كاتوالا من مؤسسة فابيان "سرية الانتحاريين البليريين" ومن بينهم الوزراء السابقون آلان ميلبرن وسيفن بايرز اللذان ليست لديهما أي آفاق مستقبلية في حكومة براون. ومع كل هذه المشاكل المتراكمة، يظن الناخبون بشكل متزايد أن ديفيد كامرون، زعيم المحافظين البالغ 39 عاما، سيكون رئيس وزراء أكثر فعالية وحماسا وأقرب إلى القلب من براون بحسب استطلاع للرأي أجرته الأسبوع الماضي صحيفة غارديان. ووسط هذه الجلبة، يتنكب أساسا "الجيل الثاني" من حزب العمل الجديد مسؤولية العمل على اتحاد الحزب. وهذه العبارة يستعملها ميليباند وآلكساندر في مقالة كتباها معا هذا الأسبوع وتشير إلى سياسيين في عقدهم الثالث أو بداية الرابع لا بد أن يتطلعوا إلى ما بعد بلير وبراون، إلى اليوم الذي سيستلمون فيه قيادة الحزب. والمقال بحد ذاته، برنامج مصغر لحزب العمل "الجديد" منصة أفكار لحقبة ما بعد بلير وما بعد براون. (والعبارة الرئيسة التي لا تنفك تتكرر استعاراها من الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون وهي "اقتصاد زائد"، أي "اقتصاد زائد اتصالات، زائد سفر، زائد هجرة، زائد حس بالطرق الجديدة التي يعيش وفقها الناس حول العالم"). وأهم ما في الأمر أن ألمع شرارتين في الحزب وهما يمثلان جهتين متنازعتين، قد كتباه سوية ولم يطعن أحدهما الآخر في الظهر. ووجه هذا الجيل الجديد هو في الواقع مختلف تماما. فبلير وبراون يجيئان من خلفيات متباينة جدا إلى حد عكس الشق الاجتماعي التقليدي في بريطانيا بين الطبقة العليا والطبقة العاملة. ويتشاطر القادة الصاعدون في حزب العمل نظرة للعالم أكثر وحدة. فإذا صقلت شخصية قدامى الحزب الحرب الباردة والمعارك الضروس بين الحكومة والنقابات ـــ التاتشرية في وجه حزب العمل القديم ـــ إن نظرة الجدد صقلتها العولمة والهجرة والأسواق الحرة. ويكفي أنصار حزب العمل، الذين يخشون عودة حزبهم نوعا ما إلى الماضي في ظل قيادة براون، أن يتطلعوا إلى الشباب الذين يحيطون به للاطمئنان. إليكم ميليباند. فغالبا ما يتم وصفه على أنه رئيس وزراء المستقبل وهو حاليا أهم من يقوم برأب الصدع. وردا على سؤال خلال الأسبوع الماضي حول ما إذا كان يعترض على تسميته "بليري يساند براون"، يقول: "يمكن أن يقال عنك أشياء أكثر فظاظة بكثير من ذلك". وهو يعرف عما يتحدث: فشقيقه الأصغر سنا، إد، البالغ 36 عاما، عضو أيضا في البرلمان وأحد المساعدين السابقين لبراون وعضو من مجموعة المستشارين لديه. وكالكثير من أعضاء الطبقة المستنيرة من الجيل الثاني، كلاهما درس الفلسفة والسياسة والاقتصاد في أكسفورد ثم غادرا إلى أمريكا للدراسة. وكان ديفيد قد حاز منحة كنيدي وتابع تحصيله العلمي في معهد ماستشوستس للتكنولوجيا فيما درس إد في كلية جون أف كنيدي لإدارة الحكم التابعة لجامعة هارفرد وكذا فعل آلكسندر الذي درس السياسة في جامعة أدنبره. وقبل نيل مناصب وزارية، كانت مسيرتاهما في الأوساط الحكومية متباعدتين لكن متشابهتين. فكان ديفيد يدير وحدة بلير السياسية. أما إد وبراون فكانا يعملان لمصلحة براون. وهما اليوم في حالة ترقب وانتظار ميليباند في منصب وزير البيئة وآلكسندر في منصب وزير النقل. أما إد ميليباند فيعمل في مكتب رئيس الوزراء. صديقه إد بول، البالغ 39 عاما، الذي حاز أيضا منحة كنيدي، هو من أقرب مستشاري براون. وهكذا هي الحال في الدوائر العليا. فروث كيلي البالغة 38 عاما والتي تشغل منصب وزيرة البلديات والحكم المحلي (وقد درست أيضا الفلسفة والسياسة والاقتصاد في أكسفورد) قد عملت لبراون. أما جيمس بورنيل، البالغ 36 عاما، وهو وزير معاشات التقاعد والذي درس مثل سابقيه، فقد عمل لبلير. كما أن ليام بيرن، البالغ 35 عاما، الذي يشغل منصب وزير الدولة للشؤون الداخلية (حائز منحة فولبرايت ومتخرج في كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفرد) قد عمل أيضا لبلير. والأهم أن لديهم جميعا هدفا مشتركا: الحرص على أن الحزب الذي سيرثونه لن يدمر نفسه. ويقول ميليباند: "لن نضيع فرصة صقل هذه البلاد". ميليباند وأمثاله لن يغيروا الكثير لفترة من الوقت. لكن حين يحين وقتهم ستكون "العدالة بين الأجيال" قضية كبرى. هذه هي الفكرة كما يعبر عنها ميليباند وآلكسندر في مقالتهما ومفادها أن الشباب لا بد أن يحظوا بقدر الاهتمام نفسه الذي يحظى به الكبار في السن (في التعليم، مثلا). كما سيحتدم النقاش حول مسألتي الهجرة والبيئة. وقلة من هذه الموضوعات مدرجة على جدول أعمال حزب العمل فيما يجتمع هذا الأسبوع. وبشكل رئيسي، جل ما يريده الحزب هو البقاء متحدا والفوز بالانتخابات المقبلة على الأرجح عام .2009 ولا تلطّف هازل بليرز كلامها، فهي تقول: "بالنسبة إلي، يكمن الاختبار في إظهار ما إذا كنا نملك «جينات الحكم» في حمضنا النووي. هل نظن فعلا أن حزب العمل هو بشكل طبيعي الحزب القادر على الحكم أم أننا نظن أن المحافظين يحكمون وأننا نأتي بين الفينة والفينة من أجل نفحة تغيير؟" هناك شيء واحد تعرفه جيدا، تماما مثل ميليباند وآلكسندر وآخرين ممن يرأبون الصدع: لن ينجح حزب العمل في اختبار الجينات إذا تمزق من الداخل. و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا و دون تعليق. المصدر http://newsweek.alwatan.com.kw :
إيفان توماس ريتشارد وولف
كيف يواجه فريق بوش وابل الأخبار السيئة بشأن العراق، وماذا يعني ذلك لمستقبل وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد كان لدى البيت الأبيض فكرة عما ينتظره. إنه كتاب بوب وودوارد الثالث عن إدارة بوش منذ هجمات 11 سبتمبر، ولابد أن يكون أقل ودية من الكتابين الأولين. في المقابلات التي أجراها على مر أشهر عدة، كانت أسئلة وودوارد لكبار المسؤولين أكثر عدائية وتهجما. وبدا أن وزير الدفاع دونالد رامسفيلد هدف خاص لمراسل واشنطن بوست المحنك، الذي لا يزال، بعد ثلاثة عقود من فضيحة ووترغيت، أفضل منقب عن الوقائع الخفية في عاصمة الولايات المتحدة. كان المساعدون في البيت الأبيض قد أوصوا الرئيس ونائب الرئيس بتجنب المقابلات، لكن كان من الواضح أن وودوارد قادر، على حث الآخرين جميعا في مراكز السلطة على الكلام، وهذا ما فعله بالتحديد. فعندما وصل كتاب State of Denial (حالة إنكار) إلى البيت الأبيض صباح يوم الجمعة، عكف فريق من المساعدين على تحليل المجلد المؤلف من 576 صفحة. وحاول البيت الأبيض أن يعتبر بعض المعلومات التي كشفها وودوارد، مثل رفض بوش المناشدات لإرسال المزيد من الجنود إلى العراق، مجرد أخبار قديمة. كما قلل من أهمية وصف وودوارد للتوتر في أوساط المقربين من بوش، أو أنكره. وقال المساعدون في البيت الأبيض للمراسلين أنه ليس بصحيح ما جاء بأن السيدة الأولى لورا بوش تريد أن يُطرد رامسفيلد. لكن كان من الصعب عليهم نفي ما رواه وودوارد عن الدور الذي لعبه آندي كارد رئيس موظفي البيت الأبيض. فلم يقم البيت الأبيض بمحاولات جدية لدحض ما قيل عن حملة كارد لإقالة رامسفيلد. (كارد نفسه اعترض على كلمة "حملة"، قائلا للمراسلين إنه يجب النظر إلى المناقشات بشأن مستقبل رامسفيلد في "سياق أوسع"). وبدلا من ذلك، استخدم توني سنو، الناطق باسم البيت الأبيض، لهجة غير مبالية، معتبرا أن هذه الأزمة عابرة أيضا. وقال إن كتاب وودوارد شبيه بـ"حلوى غزل البنات التي تذوب عند لمسها". إنه بالأحرى أشبه بآلة موسيقية صاخبة. لقد أثارت مجموعة من الكتب شكوكا كثيرة حول طريقة معالجة إدارة بوش للحرب في العراق. بعد كتاب Cobra II (كوبرا 2) لبرنارد ترينور ومايكل غوردن، وكتاب Fiasco (فشل ذريع) لتوم ريكس، وكتاب The One Percent Doctrine (عقيدة الواحد بالمائة) لرون سوسكيند، وكتاب Hubris (الغطرسة: القصة الداخلية للفذلكة والفضائح والترويج لحرب العراق ) لمايكل إيسيكوف من نيوزويك وديفيد كورن من مجلة ذا نيشون، كان لكتاب حالة إنكار صدى رنان بين جوقة منتقدي الإدارة المتنامية. ومع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي التشريعية المقرر إجراؤها بعد خمسة أسابيع، يجاهد بوش وأتباعه السياسيون لتحويل انتباه الناخبين عن العراق، وتوجيهه نحو خطر الهجمات الإرهابية. لكن أخبار العراق لا تكف عن تصدر العناوين. فقبل نزول كتاب وودوارد إلى المكتبات في أواخر الأسبوع الماضي، بدأت تتسرب أجزاء من ملف تقديرات استخباراتية يشير إلى أن الحرب في العراق تقوض الحرب على الإرهاب. فالأجزاء التي تم تسريبها من التقديرات الاستخباراتية، وهي وثيقة تجمع عليها الأوساط الاستخباراتية الأمريكية، أظهرت بشكل غير مفاجئ أن العراق يتحول إلى ميدان تدريب للإرهابيين. وقد رد بوش على ذلك بالسماح بالكشف عن أجزاء أخرى من الوثيقة، تشير إلى أن انسحاب القوات الأمريكية من العراق من شأنه أن يفاقم المشكلة. لكن "إكمال المسار" في العراق قد لا يرضي الناخبين الأمريكيين الذين لا يسعهم سوى التشاؤم مما قد تؤول إليه الأمور في نهاية المطاف. سوف يجدد الديموقراطيون وبعض الجمهوريين مطالبتهم باستقالة رامسفيلد، لكن من غير المرجح أن يتخلى بوش عن وزير الدفاع قبل الانتخابات. وقد يبدو ذلك بمنزلة تنازل لـ"الديموقراطيين الانهزاميين"، كما يحب الجمهوريون أن يسموا المعارضة. (رامسفيلد نفسه لم يعلق على كتاب وودوارد). غير أن تأكيدات أحد كبار المسؤولين في البيت الأبيض، الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته كالعادة، لم تكن جازمة بشأن بقاء رامسفيلد في منصبه. والرئيس، الذي يعتمد عادة على دائرة المقربين منه، بات الآن يستشير أشخاصا من خارجها. لم يذكر المسؤول هويتهم، لكن من المعروف أن بوش يتكلم أحيانا مع هنري كيسنجر و وزير الخارجية السابق في عهد والده، جيمس أيه بيكر. وبحسب مشورة هؤلاء، كما يقول المسؤول، "يجب أن يبقى رامسفيلد في منصبه حاليا. لكنني لا أعرف ما يخبئه المستقبل". ويصف وودوارد رامسفيلد بأنه متنمر وضيق الأفق. كما أن بوش نفسه لا يعطي انطباعا بأنه أفضل بكثير. فالرئيس بسيط ومازح، لكنه قليل الفضول لدرجة الجهل التام. ووزارة الحرب المصغرة شديدة الاختلال. وتكاد كوندوليزا رايس أن تكون شخصية مثيرة للشفقة، تتذمر للرئيس من أنها لا تستطيع دفع رامسفيلد إلى الإجابة على اتصالاتها. وفيما تقرأون مقتطفات من الكتاب، لا تنسوا السياق الأساسي. فالإدارة لم تكن عاثرة الحظ فحسب إنما تغاضت عمدا عن المخاطر التي ينطوي عليها اجتياح واحتلال بلد عربي كبير يعاني صدمة وتسوده الانقسامات. رامسفيلد، الذي قام بتنحية رايس ووزير الخارجية كولين باول جانبا لتولي التخطيط للعراق حتى في مرحلة ما بعد الحرب، أراد قوة صغيرة وفعالة لدخول العراق والخروج منه بسرعة. كان من المفترض أن تسير الأمور على ما يرام، شرط أن تتمكن القوات الأمريكية من تسليم إدارة البلاد لمجموعة فعالة من العراقيين المحليين. لكن هذا المخطط أحبط بسبب الخلافات حول دور العراقيين المنفيين في العراق خلال مرحلة ما بعد الحرب. وعندما بدأ العراق بالتفكك، اتخذت الإدارة ــ من دون نقاشات مطولة ــ قرارا معاكسا. فقد عين البيت الأبيض بول بريمر حاكما مطلقا على كل العراق، لكن رامسفيلد رفض أن يرسل إليه القوات العسكرية اللازمة لاحتلال طويل. ويقول وودوارد في كتابه إن الجنرال جاي غارنر، الرجل الذي حل بريمر مكانه في بغداد، أخبر رامسفيلد، عند عودته إلى واشنطن في يونيو 2003، بأن الولايات المتحدة اتخذت "ثلاثة قرارات رهيبة". وذكر غارنر لوزير الدفاع إن بريمر اقترف خطأ كبيرا بتطهير البيروقراطية وحل الجيش وصرف مجموعة قيادية انتقالية. لكن رامسفيلد لم يعر هذه المخاوف أي اهتمام، بحسب وودوارد، قائلا: "لا أظن أنه يسعنا القيام بشيء، كوننا في الموقع الذي نحن فيه". في هذا النوع من السرد التاريخي الآني، هناك دائما احتمال أن يقوم مسؤولون سابقون ناقمون بالدفاع عن أنفسهم حرصا على سمعتهم في المستقبل. أحد مصادر وودوارد البديهية والمرموقة هو المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية جورج تينيت. ففي كتاب حالة إنكار، يبدو تينيت مترددا جدا بشأن اجتياح العراق، لكن لا يبدو أنه عبر عن مخاوفه بوضوح أو بشكل جيد داخل المكتب الرئاسي. لم يكن المتحدثون باسم البيت الأبيض يذرون الغبار في العيون الأسبوع الماضي عندما حذروا المراسلين طالبين منهم البحث عن حوافز تخدم المصالح الشخصية وراء بعض التسريبات. ومع ذلك، فإن كتاب وودوارد مليء بوثائق ومذكرات من داخل إدارة بوش تعكس صورة عن الحرب أسوأ من تلك التي تعكسها بيانات الرئيس العلنية في ذلك الوقت. بعد الكتابين الأولين، الإيجابيين بالإجمال، في هذه السلسلة التي تتمحور حول "بوش في الحرب"، تعرض وودوارد (موضع افتتان الصحافيين وحسدهم) للاستهزاء لأنه كتب ما أملاه عليه الرئيس ومستشاروه الذين يبجلونه. وفي كتابه حالة إنكار، يعبر وودوارد عن صدمته وذهوله إزاء إنكار رامسفيلد وغموض كلامه خلال مقابلاته معه. وعندما أجرى هاورد كيرتز الناقد في صحيفة واشنطن بوست مقابلة مع وودوارد، تكلم هذا الأخير من دون انفعال عن لهجته الجديدة الأكثر انتقادا، قائلا: "اتضحت لي أمور جديدة، كما هي الحال دوما عندما تخوض مجددا في مواضيع قديمة. وقد اكتشفت معظمها هذه السنة. ليتني كنت أعرف بعضها لإدراجها في الكتابين الأولين". لايزال كتاب وودوارد الجديد، على غرار المنشورات الأخرى المنتقدة للحرب، مسودة تاريخية أولية. لكن مع كل اكتشاف جديد، وكل وصف جديد للأحداث الفوضوية داخل البيت الأبيض والبنتاغون في الأشهر التي سبقت وأعقبت اجتياح العراق، تصبح صورة قيادة بوش أكثر وضوحا وأكثر تخييبا للآمال. *بمشاركة جون باري و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصاً و دون تعليق. المصدر: http://newsweek.alwatan.com.kw
جيه جون آيكنبري* آن ماري سلوتر*
آباؤنا المؤسسون ركزوا على «النعم المشتركة للقانون والحرية» الانتخابات وحدها لا يمكن أن تكون الوسيلة الوحيدة في صندوق معداتنا لترويج الديموقراطية الذكرى الخامسة لهجمات 11 سبتمبر، التي حلت قبل أسابيع فقط، لم تكن بمنزلة تذكير بعمل شرير فحسب، بل إنها، وبمعنى أعمق، أوصلت حقبة ما بعد 11 سبتمبر إلى نهايتها. فعلى مدى خمس سنوات مضطربة، نظرت الولايات المتحدة إلى نفسها ـــ بل إلى بقية العالم ــ من خلال عدسة هذه الهجمات و"الحرب على الإرهاب" التي شُنت بعد ذلك. أما الآن فعلينا أن نتطلع إلى الأمام من أجل صوغ استراتيجية الأمن القومي الأمريكي لا لفترة ما بعد الحرب الباردة أو لفترة ما بعد 11 سبتمبر، بل للقرن الـ .21 إن الأمن القومي في القرن الـ21 هو أشبه بلعبة مكعبات "روبيك" (للعالم الهندسي المجري إرنو روبيك) أكثر منه بلعبة الشطرنج. فرغم رغبة الأمريكيين في رؤية تهديد كبير واحد ومعادلة واحدة بسيطة لمقارعته ــ كرؤية الفاشية الإسلامية على أنها باتت خليفة النازية والشيوعية ــ فإن هذا ليس هو العالم الذي نعيش فيه. إن صعود الصين، ومخاطر انتشار الأوبئة العالمية، وانتشار الأسلحة النووية، والإرهاب العابر للحدود، والكوارث البيئية، كلها تحديات علينا مواجهتها. فحتى 11 سبتمبر كانت الولايات المتحدة تركز جلّ اهتمامها على الصين. ولكن بعد 11 سبتمبر، حرفنا انتباهنا وبدلا من ذلك بدأنا نركز على الشرق الأوسط. ولكن، وفيما نراقب القاعدة والوضع في العراق الآن، فإننا قد نفاجأ بشيء آخر غدا. إن استراتيجية أمن قومي فعالة في القرن الـ 21 يجب أن تبني بنية تحتية للقدرات والتعاون لمواجهة الأخطار التي قد تحدق بنا بغض النظر عن ماهيتها، وذلك من أجل أن نرد بسرعة ومرونة. وعلى هذه الاستراتيجية أن تركز على قضاء وقتنا وإنفاق مالنا على التكنولوجيا والدبلوماسية والمؤسسات والسياسات ذات الأثر الأقصى والاستعمالات المتعددة. ويجب أن تكون هذه الاستراتيجية مسترشدة بمفهوم شامل جامع، لكنه مفهوم ينبغي أن يطرح رؤية إيجابية للعالم وسياسات متماسكة لتحقيق هذه الرؤية بدلا من مجرد رد قائم على الخوف والجزع، وليس إلا تجاه تهديد محدد. تلك الرؤية قائمة على مبدأ "الحرية تحت القانون" المتمثل بعالم من الديموقراطيات المستقرة القادرة على توفير الأمن والحرية لمواطنيها، وعالم من المؤسسات الدولية الفعالة القادرة على بناء الديموقراطية في الأمد البعيد وعلى حماية حقوق الإنسان واستعمال القوة عند الضرورة لحماية القانون الدولي. كيف نصل إلى مثل هذا الوضع؟ أولا، على الولايات المتحدة أن تتخلى عن فكرة خوض حرب عالمية ضد الفاشية الإسلامية. إن هذا المفهوم للتهديد الإرهابي إنما يختزل كل أعداء أمريكا في صندوق بسيط، ويشجع على صراع الحضارات ويرفع من مكانة الإرهابيين، ويعاملهم كما لو كانوا محاربين بدلا من أن يكونوا خارجين على القانون وقتلة جماعيين. وهو كذلك تشخيص سيئ بصورة عميقة لمشكلة الإرهاب، وهي التي يراها الخبراء بصورة متزايدة أنها عبارة عن حركة تمرد عالمية ينبغي محاربتها بالأساليب المشتركة للاستخبارات وتطبيق القانون والعمليات الخاصة. ثانيا، على أمريكا أن تركز على نهج ثنائي المحور لبناء ديموقراطيات ليبرالية قوية على مدى سنوات عدة، بل وعقود، بدلا من أشهر. فآباؤنا المؤسسون ركزوا على "النعم المشتركة للقانون والحرية"، على حد تعبير توماس جيفرسون. الانتخابات وحدها لا يمكن أن تكون الوسيلة الوحيدة في صندوق معداتنا فيما نحن نعمل من أجل إحلال الديموقراطية. وبدلا من ذلك، علينا أن نعمل مع الديموقراطيات الأخرى حول العالم لرفع الحكومات» إلى المستوى الذي تصبح فيه هذه الحكومات ذات شعبية ويتم محاسبتها أمام شعوبها وتحترم حقوقها. ثالثا، على الولايات المتحدة أن تتصدر بناء مؤسساتنا العالمية. فالمؤسسات متعددة الأطراف هي مصدر حيوي للقوة الأمريكية ــ ومضاعف لقوتها ــ ولكن المؤسسات التي بنيناها وحلفاؤنا بعد الحرب العالمية الثانية تعاني الآن أوضاعا مزرية. لنبدأ بالأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، الذي ما زال يعكس الواقع الدولي في عام 1945. علينا أن نوسع هذا المجلس ليشمل دولا مثل ألمانيا واليابان وجنوب أفريقيا والهند والبرازيل، وعلينا أن نجعله أكثر فعالية عن طريق إلغاء حق نقض القرارات (فيتو) التي تتطلب العمل المباشر ردا على الأزمات. وفي الوقت ذاته، علينا أن نعمل على إقامة تجمع عالمي للمصادقة على السلام الديموقراطي وتقويته. ويجب أن يكون هذا التجمع منبرا للدفع باتجاه إصلاح الأمم المتحدة، ولكن يمكنه كذلك أن يكون بديلا لمجلس الأمن إن فشل الإصلاح. وأخيرا، على أمريكا أن تجدد "صفقتها العظيمة" مع بقية العالم. فعلى مدى 50 سنة بعد عام 1945، أسست الولايات المتحدة وقادت نظاما عالميا مستقرا ومزدهرا، منظما حول أفكار السوق الحرة والديموقراطية ومعاهدات التحالفات والمؤسسات التعاونية. لقد كان الأمن القومي الأمريكي والأمن العالمي مرتبطين ببعضهما على مدى تلك الفترة. لقد ربطت أمريكا أمنها القومي ببناء نظام عالمي ليبرالي يستجيب لطموحات الكثير من الدول والشعوب. إن أمام الولايات المتحدة، الآن، في القرن الـ 21 فرصة أن تنهض وأن تقوم بالشيء ذاته« وبطرق جديدة، ويقينا، شريطة أن يكون ذلك ردا على الحقائق الجديدة. إن السعي الحثيث المتأني وصولا للحرية في ظل القانون هو استراتيجية لبناء نظام عالمي جديد يجعل أمريكا آمنة» وفخورة بنفسها أيضا. *جيه جون آيكنبري وآن ماري سلوتر هما المديران المشاركان لمشروع جامعة برينستون للأمن القومي، وهو المشروع الذي جمع نحو 400 خبير أمن قومي على مدى السنتين والنصف الماضيتين لبناء استراتيجية أمن قومي من الحزبين تستهدف مواجهة تحديات العقود القادمة. وهما المؤلفان المشـــاركان للتــقرير النهائي للمشــــروع بعــنوان Forging a World of Liberty Under Law:U.S National Security Strategy in the 12st Century ) بناء عالم من الحرية في ظل القانون: استراتيجية الولايات المتحدة للأمن القومي في القرن الـ21 و كل ذلك بحسب رأي الكاتبان في المصدر المذكور نصاً و بدون تعليق. المصدر: http://newsweek.alwatan.com.kw
فريد زكريا
ما لا يتوقعه الإيــرانـــيــون إذا كنت تعتقد أن محمود أحمدي نجاد قد قال أشياء طائشة، فلا شيء أقرب من القول التالي: "إن حصل الأسوأ وهلك نصف البشرية، فإن النصف الآخر سيظل فيما ستدمر الإمبريالية من أساسها..." هذا القول كان أطلقه ماو تسي تونغ عام 1957. وإذا كنت تعتقد أن فكرة وجود برنامج نووي إيراني تبعث على القلق، فضع نفسك مكان صانعي السياسة عام 1964، العام الذي جربت فيه الصين قنبلتها النووية. في ذلك الوقت ربما كانت الصين أكثر الدول عدوانية في العالم. وكما يسرد المؤرخ فرانسيس جيه غافين، فقد كان نظام ماو قد حارب حربا دموية ضد الولايات المتحدة في كوريا، وكان على وشك أن يدخل في أخرى بسبب تايوان. وكانت الصين قد هاجمت الهند عام 1962 وهددت الكثير من الدول الآسيوية الأخرى مثل إندونيسيا. وكانت تدعم فيتنام الجنوبية وحركة تمرد الفيتكونغ في الجنوب. وساعدت بصورة نشطة الكثير من الحركات الثورية ذات الطابع العنيف حول العالم بما فيها حركات في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي. وقد امتدت قسوة ماو الشنيعة تجاه الحياة البشرية لتصل إلى بني جلدته. فقد أعلن حين أطلق ثورته التي أسماها «الوثبة العظيمة إلى الأمام» أنه "قد يكون من الضروري أن يموت نصف سكان الصين". (لم ينجح في ذلك، ولكن ولبعض الوقت وصفه كتاب غينيس للأرقام القياسية العالمية بأنه أفظع قاتل جماعي في التاريخ، إذ إنه تسبب في وفاة 26.3 مليون شخص). وبالمقارنة مع كل هذا، فإن إيران اليوم تبدو طبيعية تماما. ولكن الحقيقة أنها ليست طبيعية، وأحمدي نجاد ليس زعيما طبيعيا. فإيران تحكمها نخبة قمعية تقوم بتسليح حزب الله وإشاعة عدم الاستقرار في لبنان والعراق، وهي تحدّت وتحايلت على المفتشين النوويين الدوليين. وقد أطلق أحمدي نجاد سلسلة من التصريحات الغريبة. ولكن إذا أردنا أن نقنع أنفسنا بأن إيران تمثل تهديدا وجوديا لنا ـــ تهديدا يجب وقفه فورا وبأي ثمن ـــ فإننا سنفشل. وإذا ما حولنا هذا إلى لعبة تحد، فإننا سنخسر. في الوقت الحالي لا بد من القول إن إيران تركب موجة ثقة عالية بالنفس. فعائدات النفط المرتفعة تتدفق على خزائنها، إذ وصلت إلى 55 بليون دولار العام الماضي. وجيرانها أضعفوا بصورة ماحقة. فالعراق غارق في فوضى شاملة، وأفغانستان وباكستان منشغلتان بحركة طالبان التي انبعثت من جديد، والحكومة اللبنانية تواجه ضغوطا هائلة، ودول الخليج مذعورة. والأهم من ذلك أن الولايات المتحدة تجد نفسها مقيدة اليدين، ونفوذها ورأسمالها السياسي في المنطقة هما في أدنى ما كانا عليه أبدا. وأحمدي نجاد يستغل هذه اللحظة للتأكيد على موقعه المتفوق. فقد حاصر الأنظمة العربية بقضية إسرائيل وفلسطين، إذ هو يتحدث بتعابير تصادمية لا تجرؤ هذه الأنظمة على التلفظ بها (بسبب الخوف من واشنطن). وهو يعرف أن الحكومات العربية السنية لا تحبه، ولهذا فقد توجه مباشرة إلى شعوبها، وطريقته هذه تحرز النجاح. وكذلك، فإن أحمدي نجاد حول برنامج إيران النووي إلى قضية كرامة لدول العالم الثالث كله. فباستغلاله لجو معاداة أمريكا في العالم، فهو يدعي بأن الولايات المتحدة مصممة على منع دولة نامية من التقدم تكنولوجيا. ومرة ثانية، فإن طريقته هذه تحرز النجاح. فقد صوتت 118دولة بالكامل إلى جانب موقف إيران في قمة دول عدم الانحياز الأخيرة. وبدلا من الخوف والذعر، على أمريكا أن تنظر إلى طهران بجرعة صحية من الهدوء والثقة. إن حظوظ إيران لا بد ستتضاءل. فأسعار النفط قد تنخفض والعراق قد يصبح أقل عبئا بطريقة أو بأخرى والأنظمة العربية ستصبح أكثر تأكيدا على هيبتها وحضورها أمام صعود القوة الإيرانية. ويمكن لواشنطن أن تطلق مبادرات تجاه لبنان وفلسطين، وهو ما سيؤدي إلى تحسين الجو السياسي بصورة كبيرة جدا. وعلى الإدارة أن تعد مجموعة من الخيارات الخلاقة لا تشمل القيام بهجمات عسكرية ـــ وهي من شأنها أن تعوق البرنامج النووي الإيراني، ولكنها لن توقفها ـــ في حال لم توافق إيران على وقف تخصيب اليورانيوم. الدول الأخرى لن تساير الولايات المتحدة في رغبتها فرض أقسى العقوبات الاقتصادية على طهران، وليس من الواضح أن هذه ستنجح على أي حال. أحد الإجراءات التي ستكون مؤلمة فعلا هو فرض حظر واسع النطاق على السفر بالنسبة إلى المسؤولين الإيرانيين. (وهذا سيمثل نهاية جولات المؤتمرات الدبلوماسية، ناهيك عن أسفارهم إلى دبي لغسل الأموال). ومن غير المرجح لإيران أن توافق على أن تصبح معتمدة على الوقود النووي المستورد. والخيار الثاني هو نظام تفتيش دائم في إيران لضمان أن برنامجها النووي هو برنامج سلمي فعلا، لا تسليحي. لقد خلصت من مشاهدتي لأحمدي نجاد في اجتماع خاص الأسبوع الماضي أن الرجل هو أبعد ما يكون عن صورة الرجل المجنون في الواقع. لقد كان الرجل ذكيا، بل مغرورا أحيانا، وكان هجوميا في أحيان أخرى، ولكنه كان دائما هادئا وذكيا. وإذا ما كان لنا أن نتفوق على ذكائه، فإننا سنكون بحاجة إلى حجج ذكية، مقنعة فعلا من لدنا. ولكننا بدلا من ذلك ننزع إلى التهديد والاستئساد والترهيب. ولا شك والحال هذه أن الرجل هو الذي يربح جولات الدبلوماسية العامة. إن إحدى السبل التي يمكن أن تساعدنا في كسب هذه اللعبة هو أن نلعب باستغلال نقاط قوتنا. فمتشددو إيران لا يريدون علاقات طيبة مع الولايات المتحدة. فالإيرانيون يتعلمون على مدى جيل كامل الآن أن واشنطن تكرههم، ولا تريد علاقات مع بلادهم وتحاول أن تعزلهم عن العالم. ماذا لو عرض الرئيس بوش علانية استعداده لفتح سفارة لأمريكا في طهران وبدء برامج تبادل طلابية تأتي بالشباب الإيراني إلى الولايات المتحدة؟ وفي بلد يرنو إلى الاتصال مع العالم الخارجي، فإن شيئا كهذا يمكن أن يضع الملالي في موقع دفاعي. في عام 1964، دعا الكثير من الناس إلى القيام بتوجيه ضربة استباقية ضد الصين. ولكن العقول الأكثر رجاحة هي التي سادت في نهاية المطاف. ولكن حتى الرئيس جون أف كنيدي كان يشعر بالقلق من أنه منذ اللحظة التي تحولت فيها الصين إلى دولة نووية فإنها "ستهيمن على جنوب شرق آسيا". ولكن الحقيقة أنه بدلا من أن تسيطر القنبلة الصينية على جنوب شرق آسيا، أدت إلى ذعر جنوب شرق آسيا ودفع تلك المنطقة إلى إقامة علاقات أوثق مع الولايات المتحدة. إن النفوذ الصيني اليوم هو نفوذ كبير ويتنامى في تلك المنطقة، ولكن ذلك بسبب قوتها الاقتصادية، وليس بسبب أسلحتها النووية. إن إيران يحكمها نظام فاشل لا يستطيع أن يحدّث البلاد، وهو يسعى بدلا من ذلك إلى طريق رخيص ليحقق النفوذ. ولكن ذلك لم ينجح مع الشيوعيين في روسيا أو الصين، وإذا ما أبقينا على هدوئنا، فإنه لن ينجح بالنسبة للملالي في طهران. وكل ذلك بحسب الكاتب نصا ودون تعليق . المصدر : http://newsweek.alwatan.com.kw - تاريخ النشر: الثلاثاء 3/10/2006
أصدرت هيئة "خدمات بحوث بالكونغرس" Congressional Research Services وهي أحد هيئات دعم القرار بالكونغرس الأمريكي تقريرا حديثا يقيم العلاقات الأمريكية مع دول مجلس التعاون الخليجي. ويناقش التقرير الذي يعرض على أعضاء الكونغرس ومعاونيهم أهم جوانب العلاقات الأمريكية بدول الخليج بما يتضمن البعد والأمني والعسكري. يعرض تقرير واشنطن أهم ما ورد في ذلك التقرير.
تخوفات حكومات دول الخليج
1- ارتفاع نفوذ إيران الإقليمية بعد سقوط صدام
2-زيادة مطالب الرعايا الشيعة بالخليج نتيجة صعودهم للحكم بالعراق
3-
خوف
من انتقال المعركة من العراق إلى دول الخليج
ماذا تقدم دول الخليج للولايات المتحدة؟ وفيما يلي تلخيص للتسهيلات والصلاحيات العسكرية التي تتمتع بها الولايات المتحدة بمنطقة الخليج طبقا لما ورد بتقرير خدمات البحوث بالكونغرس:
ماذا تقدم الولايات المتحدة لدول الخليج؟
المساعدات العسكرية والأمنية الأمريكية لدول مجلس التعاون الخليجي (دولارات أمريكية)
كما يتحدث التقرير عن المعدات العسكرية التي اشترتها دول الخليج من حليفها الأمريكي في السنوات الماضية. ويقول كاتب التقرير إن العديد من المعدات العسكرية الجوية التي تلقتها دول الخليج العربية من الولايات المتحدة تخدم غرض التأمين من التهديدات الإيرانية. ولكن كاتب التقرير يتساءل إن كان شراؤهم لبعض التقنيات الحربية البرية يخدم أية غرض مفيد علما بأن خطر صدام من العراق قد زال وأن إيران لا تمتلك القدرة على مهاجمتهم من البر.
وفيما يلي تلخيص لأهم التقنيات الحربية التي اشترتها
دول مجلس التعاون الخليجي من الولايات المتحدة في السنوات القليلة
الماضية:
-من المعروف أن الولايات المتحدة أعلنت أن الكويت أصبحت
حليفا رئيسيا خارج حلف شمال الأطلسي "ناتو" مما يسهل عملية بيع الأسلحة
الأمريكية للكويت. و كل لك بحسب المصدر المذكور. المصدر: تقرير واشنطن-العدد79
|