مبارك بين مطرقة الإرهاب وسندان المعارضة والإصلاح 

 

آن بينكيث

 

لم يتأخر الرئيس المصري حسني مبارك في وصم الهجمات التي وقعت مساء يوم الرابع والعشرين من ابريل في دهب بالقول انها «عمل ارهابي»، وتعهد بملاحقة المسؤولين عنها ومعاقبتهم طبقا للقانون.

لكن لو أخذنا بعين الاعتبار الاجراءات الامنية القمعية المطبقة بالاصل في مصر، لادركنا مدى صعوبة ما يمكن ان يفعله الرئيس، الذي هو الآن في موقف لا يُحسد عليه، لتجنب مثل هذه الهجمات الارهابية في المستقبل. فالسياح في مصر يتحركون فيها وسط حراسة مشددة، ويقيمون في فنادق فخمة وقصور مترفة محمية بكتل ضخمة من الاسمنت ومن الواضح ان سلطات الامن لم تعد تترك شيئا للصدفة او تقبل بالمجازفة بعد الهجومين الارهابيين السابقين اللذين وقعا في شبه جزيرة سيناء خلال العامين الماضيين غير ان الرئيس مبارك الذي كان يحلم بعملية ديموقراطية منضبطه يخلفه فيها ابنه على الطريقة الفرعونية، يجد نفسه الآن بين المطرقة والسندان.

فالرئيس الذي وصل الى السلطة بعد اغتيال انور السادات على ايدي متطرفين متدينين يواجه الآن تهديدا، ليس فقط من جانب الارهابيين بل وايضا من شعبه. فاذا ما مضى في سياسة القمع في مصر، التي لاتزال قوانين الطوارئ تحكمها، فانه سيغامر بذلك بدفع الشعب المتذمر للالتفاف حول حركة المعارضة الصغيرة لكن الشجاعة التي كانت قد اطلقت صيحة «كفى» في وجه نظامه السلطوي.

جدير بالذكر ان الشعب المصري تذوق لاول مرة منذ ربع قرن طعم الديموقراطية العام الماضي عندما فتح مبارك الباب قليلا امام الديموقراطية، وسمح بعقد انتخابات متعددة الاحزاب. الا ان فتح الباب اكثر يمكن ان يؤدي الآن لسقوط نظامه.

اذ يعتقد الكثيرون ان حركة الاخوان المسلمين -اصوليون اسلاميون- ستهيمن على البرلمان اذا ما جرت انتخابات حرة ونزيهة في مصر. فقد تمكنت الحركة من تحقيق نصر كبير في انتخابات العام الماضي، وفازت بخمس مقاعد البرلمان بالرغم من الشروط التي فرضتها السلطات عليها وتعين على مرشحي الحركة بموجبها خوض الانتخابات كمرشحين مستقلين.

ويقول بعض المحللين ان الرئيس المصري ربما يواجه الآن ما بات يُعرف بـ «لحظة حماس» اذا ما تجرأ ودعا لعقد انتخابات حرة، اي سينتهي به الامر بتسليم السلطة للاسلاميين تماما مثلما فعلت حركة فتح الفلسطينية عندما اضطرت لتسليم السلطة للمليشيات الاصولية، بعد الانتخابات الفلسطينية الاخيرة.(!!)

حتى الآن لايزال الرئيس مبارك يحظى بمساندة ادارة الرئيس بوش المستمرة بتقديم مساعدات مالية لمصر بقيمة 1.9 مليارات دولار بالسنة.

الا ان وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس اوضحت في الاونة الاخيرة ان المحافظين الجدد يطالبون بالتغيير، واعلنت خلال زيارتها لبريطانيا الشهر الماضي ان الوضع الراهن في مصر وبلدان الشرق الاوسط الاخرى لا يوفر سوى احساس زائف بالاستقرار مما يعني انه لا يخدم اي هدف، ويتعين بالتالي ان تبدأ عملية الاصلاح وقالت: من يستطيع اليوم ان يدافع بصدق عن الانظمة العربية السلطوية التي اوجدت احساسا كبيرا باليأس والقنوط لدى الشعب مهد الطريق امام ايديولوجية الكراهية التي ادت بدورها الى دفع الناس لتفجير انفسهم باحزمة ناسفة، وتوجيه الطائرات المدنية لتصطدم بالابنية؟

لقد حذرت الحكومة المصرية ادارة بوش ان الفوضى هي بديل الرئيس مبارك وخططه الانتقالية. لكن هل سيصغي الامريكيون لمثل هذه الاقوال الآن بعد التفجيرات الاخيرة في دهب؟

و كل ذلك بحسب راي آن بينكيث في المصدر المذكور .

المصدر : الوطن الكويتية نقلاً عن  الاندبندنت – 26-4-2006